مؤسسة راند وإسدال الستار على دولة فلسطين.

المجموعة: مقالات كتب بواسطة: نداء الوطن

نداء الوطن - كتب بكر أبوبكر

بكر أبوبكر

لا يكاد يمر يوم إلا وتجد تقريرًا أو خطة أجنبية تتعلق باليوم التالي في قطاع غزة، والتي تستند جلّها على إغفال الأساسيات في الصراع العربي/الفلسطيني-الإسرائيلي، واغفال التمثيل الشرعي الفلسطيني والمنجزات الفلسطينية والعربية العالمية المتعلقة بدولة فلسطين، عوضًا عن التصرف بالأمروكأن البلد مستباح، كما الحال بإهمال الحديث كليًا عن العدوان بالضفة الغربية والمستوطنات والضم الزاحف، والأرض والسيادة ودولة فلسطين.

من المهم الإشارة بداية الى أن ما كان يسمى حزب الاتحاد القومي تبنى مشروع التهجير (الترانسفير) كسياسة رسمية له، و"نتنياهو" بارك ذلك حينها، وهو الحزب –بعد الاندماج-الذي يتزعمه اليوم المتطرف "سموتريش" وكان هذا الحزب قد صادق على ما أسماه "خطة الحسم" للتهجير، والأبارتهايد كسياسة رسمية عام 2017 ، وليقرها لاحقًا حزب الصهيونية الدينية عام 2022م، أي قبل أن يصبح التهجير اللفظة المتداولة والمحببة في فم الرئيس الامريكي أسير المسيحية الصهيونية وغرور الجبروت ترَمب وأشياعه بشهر 2عام2025م، مع موافقته على ضم الضفة الغربية للكيان الصهيوني، عوضًا عن مخططات إسرائيلية أخرى قديمة وجديدة.

خلال الفترة الماضية منذ العدوان الصهيوني الدموي على فلسطين والإبادة الجماعية في القطاع منذ شهر 8عام 2023م كان من أبرزالخطط ما طرحته مراكز الأبحاث الصهيونية والتي منها تأطير التهجير وقوننته، والحث باتجاهه خاصة بغزة، ومنها يمكنك النظر لورقة وزارة الاستخبارات الإسرائيلية المنشورة في 13/10/2023م، والتي جاءت الحملة الدعائية المطلوبه حسب الورقة لتقول:"لقد قضى الله بأن تخسروا هذه الأرض بسبب قيادة حركة 'حماس'، ولا خيار أمامكم سوى الانتقال إلى موقع آخر، بمساعدة إخوانكم المسلمين." وحيث اعتبرت الورقة أن الحل الأمثل هو إجلاء سكان غزة إلى سيناء.

ولعل الكثيرون يذكرون أيضًا المخطط بتوقيع الوزير الأمريكي اليهودي السابق "دنيس روس" وزميلين له في معهد واشنطن الصهيوأمريكي الذين قدموا "خطة اليوم التالي في غزة" وذلك في 17/10/2023 بنفس تاريخ مذبحة المعمداني المهولة في غزة مطالبين باستكبار" الاتساق مع الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية" أساسًا للخطة.

وكذلك التقرير الآخر الذي كان أبرز كُتّابه الجنرال "كيث دايتون" الشهير وآخرين معه تحت عنوان "خطة ما بعد الحرب في غزة" من 100 صفحة (بتاريخ 7/5/2024م).

ثم جاءت خطة مركز ولسون الامريكي، التي تتضمن مع الملاحق 112 صفحة بالانجليزية، وقدمت الخطة بتاريخ 7/5/2024م. وكان من عناصرها سلطة متعددة الجنسيات؛ MNA تحت إشراف مجموعة اتصال دولية؛ ICG وتضمين قوة شرطة دولية ؛ وإدارة غزة بشكل مؤقت، وإحلال الأمن وإزالة سيطرة حماس على الحكم المدني، والبدء في إعادة الإعمار المادي والاجتماعي في غزة.

وصلنا اليوم الى تقرير مؤسسة راند الامريكية الذي بين يدينا المعنون مسارات نحو سلام إسرائيلي فلسطيني دائم والمكون من 160 صفحة الصادر في 28/1/2025م. أي أن المؤسسة تطرح الحل الذي تراه مثاليًا للقضية الفلسطينية ككل، وليس فقط التفكير فيما بعد غزة او اليوم التالي.

يعيدنا تقرير مؤسسة راند القضية الفلسطينية بالحقيقة الى نقطة الصفر كما نرى، وكأن لا دولة فلسطينية قائمة ومعترف بها عالميا (باستثناء أمريكا والاسرائيلي، وبعض الجزر)، وكل ما تحتاجه هو إزالة الاحتلال عنها فقط.

بل وكأن الشعب الفلسطيني –حسب التقرير-ناقص الأهلية وعليه يحتاج لوصاية دولية وعربية! سياسية وأمنية واقتصادية!؟ وضمن حكم ذاتي (جديد)! طويل الأمد!؟ حسب المقترحات المقدمة. وحيث يقترح التقرير سلطة ائتلافية متعددة الجنسياتA multinational coalition authority ، مدعومة من الولايات المتحدة الامريكية، وقوة أمنية مؤقتة قائمة على قوات غربية وعربية!؟ وبقيادة أمريكية إسرائيلية.

بل ويجب أن يمر (كيان الحكم الذاتي الجديد) بمراحل متعددة فيما يتعلق بالامن المتوجب عليه صيانته بقوات دولية وعربية قبل أن يصبح –برأيهم-قادرًا على الحفاظ على الأمن، والمقصود الإسرائيلي فقط مما هو واضح على اعتبار أن الإرهاب فلسطيني، ولا شأن للإسرائيلي المعتدي الأبدي به.

ولا إشارة بالتقرير كما كل ما سبقه من تقارير وخطط للمذابح والقتل والعدوانات الصهيونية الاستئصالية ودور الاحتلال البغيض بكل ذلك، او ضرورة وأساسية التعويض عما فعل ومحاكمة مجرمي الحرب، وما أدى لكوارث ودمار الشعب العربي الفلسطيني.

ينطلق التقرير لمؤسسة راند من 7 اكتوبر2023 كحدث إرهابي ليصبغ الشعب كله بالإرهاب بعيدًا عن تحميل أي مسؤولية حقيقية للإسرائيلي الغاصب كما أسلفنا ، لا عن الاحتلال ولا عن الإبادة الجماعية في غزة وفي الضفة من فلسطين، ولا عن جرائم الحرب والكارثة منذ النكبة الاولى عام 1948م.

مما يعني فعليًا أن التقرير (باحتمالية أو التلويح بأمل) قيام دولة فلسطينية كما يلوّح (بعد عمر طويل سيكون حينها الصهاينة قد أكملوا ضم الضفة، واحتلوا غزة بالكامل، و هجروا من استطاعوا ) يطلب من الفلسطينيين التنازل عن كل مكتسبات التي حققوها سواء من خلال اتفاقية أوسلو (التي انتهت فعليا عام1999م-حيث كان المفروض أن يبدأ الحديث بالملفات النهائية من المياه والسيادة والمستوطنات والحدود والقدس ...)أو من خلال انتصارات الدبلوماسية الفلسطينية والعربية بالعالم ليبدأوا من الصفر!؟ ضمن ماراثون ما نراه (أوسلو2.) وبما هو أسوأ بكثير حسب تفاصيل الخطة الممرحلة بكل اجزائها لغزة والضفة.

(مقترح مؤسسة راند) بلا افق حقيقي للدولة لا بمكونات الارض الواضحة ولا بأمد زمني، وكأن ما يحصل بمثل كل المقترحات والخطط التدميرية الصهيو-أمريكية سواء التي خصت غزة أوتعاملت مع فلسطين ككل ودولة فلسطين والشعب الفلسطيني الهدف منها عقاب الشعب الفلسطيني مرارًا وتكرارًا على ما يفعلونه سواء ميدانيًا او سياسيًا ودبلوماسيًا. ما يحتاج منا كأمة عربية وكفلسطينيين أن نصحو ونعيد ترتيب أوراقنا بمواجهة الطغيان، إذ بدون القوة العربية مجتمعة ويسبقها وحدة وطنية داخلية فلا قيمة لكل الأوراق التي نقدمها.