يا شوفاتي للنسر

المجموعة: مقالات كتب بواسطة: نداء الوطن

 

عَشَقتُها وتُيّمتُ بكلماتها، وطُبِعت في قلبي الحانها و تردداتها ، اسمعُها مِراراً وتكراراً، صباحاً ومساءاً ، انها اجمل اغانى الثورة الفلسطينية بعنوان يا شوفاتي للنسر ...


حصار الحاضر لي أولع في ذاتي حفر نفقٍ في الماضي مثل روح في برزخ تنظر الى نهاية النفق تنتظر المصير ......


وفي ظل تردي الحالة الوطنية والسياسية الحالية للقضية الفلسطينية ، تمنيت أن يعود بي الزمان وأعايش تلك المرحلة لحظة خروج الفدائين الفلسطينين أبناء منظمة التحرير ، آلا وهم أسياد الثورة الفلسطينية من بيروت الى تونس ، لحظة صعب وصفها ، ولن يعيدها التاريخ مرة أخرى ، وهى ليس عنوان هزيمة او انكسار كما عبر عنها البعض ، بل هى لحظة تعادل ما يسمى في المفهوم الديني في الشر يكمن الخير، هذه اللحظة ذهبت بأصحابها وثوارها الى فلسطين ، وكما أخبرنا ربان السفينة حين سأله الاعلاميين، ياسر عرفات إلى أين ؟؟ كان الرد مزلزل ، قال حينها إلى فلسطين ..... فعلاً يا شوفاتي للنسر بيسافر بعيدِ بإيده إشارة نصر والعودة أكيدة ....


على أرض الواقع النسر وأبناءة يغادرون نحو تونس إذن كيف إلى فلسطين ؟؟؟ يبدو أن ياسر كان نسراً يتميز بحدة النظر وثقة و إيمان برب البشر ،وهو كمن تراوده أمنياته في أحلامه ولكن أحلامه غلبت أمنياته ، وبالفعل في ١٩٩٤ وطأت قدماه أرض الوطن ، ساجداً مُقَبِلُ ترابها برفقة الرئيس المصري حسني مبارك ، فيا من أجله كُتِبَت تلك الكلمات حقاً أنه نسر فلسطين ونسر القيادة التي لم تتكرر بعد ...


.منديلها من الصبح بيلوح للغالي بترش الرز والملح بوداع الأبطال ...... ..... كلمات أبدع من كتبها وعذب من سمعها في ذاك الوقت وهم في الشتات ، نساء ورجال وأطفال يتمنوا العودة ورئيسهم المُهَجَر يَعِدَهم بذلك !!!! في تلك الحقبة تحقيق العودة كمن يحلم بالعودة إلى دار الدنيا بعد أن دخل القبر ، ومع ذلك ياسر عرفات كان كراجمة قذفت نيرانها أبواب المستحيل وأردته قتيلاً ، فهو من رسم مسار تاريخ العزة الفلسطيني، تاريخ غريب في أطواره، ففي يوم ٢١/ أب/١٩٨٢ غادر الفدائيين الفلسطينين بيروت ببزاتهم العسكرية وأسلحتهم الشخصية ، فيما لحق بهم أبوعمار في ٣٠ /اب ،وكان عددهم ١٤٦١٤ مقاتل فلسطيني، ومنذ ساعات الصباح والامهات والزوجات والاخوات يلوحن بمناديلهن للثوار يُتَمتِمِنَ في أعماقهن آيات الصمود ..


( يا راكبين البحر البحر غدار صاح الشجر والحجر عودو لهادار .....) يا لها من حروف رددتها الافواه حينها ، وفاضت العيون بالدموع وهاجت رفات القلوب، وأنين يرفض الركوع ، إنها أمراة فلسطينية تحتضن رشاشاً مطلقاً رصاصات النصر المودوع ، وأخرى طافت ببصرها أقطار الزمان والمكان، وبريق عيناها الحائرتان يسأل الى أين ؟؟ إلى متى ؟؟لماذا نحن من بين الشعوب ؟؟؟ ولينطق الياسر مجيباً، ومن ثم يلتحق النسر بعد ٧ أيام برفاق دربه... ....


ألم يأن الوقت للالتقاء برئيس جديد يشبه الكاسر في حنكته ، والنسر في حدة بصره، فهو من كان يراها قريبا ويرونها بعيدا، يحلم بالنصر ،كالمسافة ما بين الابهام والسبابة ....


حقاً الآن نحتاج الى نسر يعيد القضية الفلسطينية الى الواجهة ، ويحل رموز معضلاتها ، يؤمن بالوحدة ، مُصَدِقُ للعهد ، ومُوقِنُ للوعد ...ولننتظر...
بقلم غادة خضر