التغني بالمقاومة فقط!

المجموعة: مقالات كتب بواسطة: نداء الوطن

نداء الوطن -

بكر أبوبكر

ما أن يقوم الجيش الصهيوني أو عصابات المستعمرين (المستوطنين) بعمل مجزرة بحق الفلسطينيين كما يحصل يوميًا، ومؤخرًا كما حصل في جنين أو في نابلس أو أريحا ، وفي فترات مختلفة في الخليل أو غزة أو أي منطقة أخرى في فلسطين حتى ترتفع أصوات الفصائل السياسية الفلسطينية جميعها بالتنديد، ثم بتمجيد المقاومة والكفاح والنضال سواء الشعبي أو المسلح الذي لها أو ليس لها علاقة به أصلًا، ما هو أقل بالكثير الكثير من المطلوب الوطني.

في المحيط الذي يغلّفنا يصمت المحيط العربي، أو يدين "الإرهاب" عامة (بمساواة باطلة بين الفلسطيني والمحتل)! بينما ترتفع أصوات الفلسطينيين بالصراخ وطلب النجدة، ويرسل "نتنياهو" رسائله الكاذبة والتضليلية التي تلقى آذانًا صاغية!؟ أن الحل وإنهاء الصراع يكمن بالتطبيع مع المملكة العربية السعودية!؟

يقول ماجد الفتياني أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح: أشدّد على الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني على أرضهم وفي وطنهم رغم جرائم ومجازر الاحتلال المتصاعدة، والقيادة الفلسطينية ما زالت تتمتع بموقفها الثابت أمام حكومة الاحتلال التي تمارس سياساتها التي ستجر المنطقة لمزيد من الدم والعنف!

ويقول المتحدث بإسم "حماس" حازم قاسم في 6/2/2023م حول اغتيال جيش الاحتلال الإسرائيلي مجموعة مقاومة في أريحا مهددًا ومتوعدًا ومكررًا!؟:"أؤكد أن جريمة الاحتلال في أريحا لن تمر دون عقاب ( ) ودماء الشهداء لن تذهب هدراً ( ) وأن الرد قادم لا محالة. والمقاومة قادرة على تدفيع الاحتلال الثمن ( )، ورد الشهيد البطل خيري علقم ليس عنا ببعيد عندما انتقم لدماء الشهداء في جنين قبل أيام!؟ (قام بعمله منفردًا)، وأشدد على أن أبناء شعبنا (وأين حماس!؟) سيكونوا عند مسؤوليتهم في الثأر لدماء الشهداء ولن يتأخروا في الرد".

قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل حول اغتيالات جيش الاحتلال: "أن دماء الشهداء تنير لنا طريق الحرية، ولا يمكن للاحتلال كسر إرادة شعبنا، وان الدماء المتدفقة للشهداء ستخرج خيري علقم جديد لضرب الاحتلال في مقتل".

ويضيف المدلل "أشدد على أن الضفة برميل يتفجر في وجه الاحتلال ولن يعيش العدو الاستقرار طالما أن هناك مقاومين يدافعون عن مقدساتهم"!

إن أسلوب التغني بالمقاومة أوالنضال سواء بشكلها العنفي أو السلمي الشعبي أصبحت هواية غير مفيدة بالحقيقة لكافة الفصائل الفلسطينية سواء تلك التي تفترض احتكار المقاومة باللفظ، وليس بالعمل، أو من قبل حركة فتح التي يتفلّت المقاومون الفتحويون بالعمل الميداني دون إذن قيادتها، ويمثل التغني بالحقيقة الحد الأدنى –الذي نحترمه رغم ذلك-من التعامل مع النضال الوطني، وهو الحد المحترم لكن غير المقبول بتاتًا من قبل الفصائل عامة!

من انحدار سقف الدعم الفصائلي الفلسطيني الحقيقي عامة لمضمون المقاومة الشعبية الشاملة المبرمجة الموحدة انحدر مستوى الدعم العربي-خاصة الرسمي- الى أرذل مستوياته، ولأسباب أخرى مرتبطة بالانبهار بالغربي واستتباعه الذليل، في مقابل العاصفة الهوجاء التي تهبّ على فلسطين من ازدياد الهجمة الاستعمارية (الاستيطانية) المترافقة مع إرهاب الجيش الصهيوني المدعوم حكوميًا فاقع الوضوح في تناقض غير قابل للحل!؟

المفترض أن وضوح عنف الدولة الإسرائيلية وجنوحها نحو العنصرية الفاقعة والإرهاب اليومي سيشكل سببًا أصيلًا لنهضة الشعوب والحكومات العربية... ما لم يحصل؟!

والمفروض أن يرسل رسالة للعالم أن كفى. فالعنصرية الأبارتهايدية والاحتلال الصهيوني قد فاق ما سبقه من استعمارات عبر الزمان والمكان، ولكن لا!؟

وقبل كل ذلك، من المفترض أن الظهور العلني بلا أقنعة للقيادة الإسرائيلية المريضة بالعنصرية والإرهاب والاحتلال والهيمنة ستشكل دافعًا فريدًا وفرصة ذهبية لامثيل لها لتوحد القيادة الفلسطينية بدلًا من التصريحات النارية، التي قد يشكرون عليها، أو الثأرية بلا عمل منظم، وإن حصل العمل المقاوم يكون من وراء ظهر هذه التنظيمات كلها، التي تنشد "التغني فقط" بالنضال الشعبي والمقاومة بلا قطران.