أكثر من 16 إمراة عربية أو مسلمة حكمن دولهن!

المجموعة: مقالات كتب بواسطة: نداء الوطن

نداء الوطن -

بكر أبوبكر

تمتعت المرأة العربية في عصور ما قبل الاسلام، ثم بعصور الاسلام التالية بدرجة عالية من التقدير والحقوق المدنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي لم تحصل عليها أي امراة في منطقة أخرى بالعالم، إلا ما كان من استثناء أيديولوجي ارتبط بعدم التقدير-بعض المراحل والجغرافيا- الذي وصل أحيانًا لحد التجريد من حقوقها التي منحها إياها الاسلام الحنيف، حيث نظر لها السلطويون والسياسيون الانتهازيون وفقهاء الظلام بمنطق التكليف الشرعي المحدود بنظرهم، دون منطق المجاورة والمشاركة والرياسة.

ظهر دور المراة جليًا بالتاريخ الإسلامي، فكانت الأم والأخت والزوجة والأبنة المكرمة، وكانت المناضلة المشتغلة في العمل بالحقل والبيت والسوق، وفي ميادين العلم والجدل، وفي التمريض والتعليم والأدب والفكر والثقافة والصناعة...الخ.

ثم ظهر دور المراة العربية والمسلمة في العسكرية ومجال المقارعة بالسلاح، حتى أنها تبوأت من المواقع القيادية السياسية والمراكز المتقدمة كالرئاسة بالبلاد ما أزعج المتطرفين الأيديولوجيين المفترضين بماضويتهم صون المرأة نتيجة ضعفها بإبعادها عن العمل العام برأيهم.

كلنا يذكر أسماء أمهات المؤمنين رضي الله عنهن اجمعين، وأفضالهن، كما يذكر دور عائشة بنت أبوبكر السياسي وقيادة الجيوش، ودور أسماء أختها، ودور خولة بنت الازور العسكري، ودور القائدة غزالة الحرورية في مقارعة الظلم، ودور فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، وأدوار أخرى لحكيمات وفقيهات ومؤثرات كثر، كان منهم الخيزران العربية اليمنية زوجة الخليفة المهدي والمؤثرة في مسار الاحداث بالدولة العباسية وعلى هارون الرشيد، والكثير من النماذج.

ولكن هل منهن من تسلم رسميًا رئاسة الدولة؟

نعود للقول أن للمرأة بالتاريخ العربي الاسلامي حضور، وأي حضور فهي تقلدت من المناصب والأدوار الكثير التي منها المؤثرة والمستشارة والناصحة الأمينة بل والقائدة والحاكمة أوالسلطانة-على عكس ما أشاعه المتطرفون أصحاب التقييد لها بأغلال المحدودية العقلية أوالعملية- وعليه فلقد ساهمت بالتاريخ الاسلامي حاكمة دولة أيضأ.

حيث يشير التاريخ الى عديد النساء اللاتي تقلدن مسؤلية القيادة عامة بأشكالها، ومسؤولية الحكم للدول والسلطنات والإمارات، قبل أن يعرف الأوربيون معنى تكريم المرأة والعمل السياسي.

تتساءل الكاتبة فاطمة المرنيسي في كتابها المعنون: سلطانات منسيات- نساء رئيسات دولة في الإسلام، هل تعد (بنازير بوتو) أول قائدة-رئيسة وزراء في التاريخ الإسلامي؟ (نجحت بالانتخابات في باكستان عام 1988م).لترتفع حينها أصوات المتطرفين الماضويين في بلادها أنه لم يسبق بالتاريخ الإسلامي أن تولت امراة زمام القيادة؟

فينطلق كتاب الكاتبة المرنيسي هذا موضحا بكل جلاء حقيقة التاريخ الاسلامي والحضارة الجامعة، ومقدار تعامله الكريم مع المرأة ودورها حتى في قمة هرم السلطة قائدة سياسية وعسكرية بل وحاكمة دولة، رغم عديد صعوبات واجهتها.

تشير فاطمة المرنيسي الى السلطانة (التركية) راضية التي حكمت مملكة دلهي بالهند، وهي التي ذكرها ابن بطوطة في رحلاته، كما تشير نقلًا عن كتاب المؤرخة التركية" بدرية أوجوك" مؤلفة كتاب (النساء الحاكمات في التاريخ) الى 16 امراة مسلمة (غير عربية) تولين الحكم في دول مختلفة منهن كانت السلطانة رضيّة (تكتب أحيانًا راضية) سلطانة دلهي في القرن 13 الميلادي، ومنهن زينة الدين حاكمة سومطرة.

والى ذلك تشير (ص149) الى وجود سلطانات بعدد 15 حكمن بالعلامات المؤكدة للسلطة مثل الخطبة لها وسك العملة (النقود). مثل رضيّة بنت شمس الدين إيلتوتمش، وشجرة الدر (أم خليل المستعصمية)، ومن الملكات أيضًا المغوليات كوتلوغ (تركان) خاتون، وابنتها باديشاه خاتون، والفارسية إبش خاتون، وأيضا دولت خاتون في فارس، والملكة ساطي بك المنغولية والملكة تندو، والسلطانة فاطمة (السلطانة سيدوفنا حسب الروس).

كما تشير لعدد من الملكات اللواتي حكمن الجزر منهم 3 ملكات في المالديف و4 في أندونيسيا (ص181)، وفي ذلك تقول أن: السلطانة خديجة ملكة جزر المالديف حكمت 33 عامًا ثم ما كان من أمر اختها مريم التي تلتها بالحكم، ثم ابنتها فاطمة، لمدة 40 عاما والجزر تحكم من حاكمة إمراة مسلمة.

وتقول الكاتبة (ص 185) أنه بالرغم من الفتاوى وبالرغم من مقاومة الخلفاء وانتهازية رجال السياسة فإن 15 امراة مسلمة ارتقين العروش لدول مسلمة بين القرن 13 و17 مع كل الشعارات الرسمية للسلطة.

وتشير الكاتبة لمشاركة زينب النفزاوية لزوجها القائد المغربي الشهير يوسف بن تاشفين بالسلطة حتى وصفت باسم الملكة أيضًا (ص30).

كما أشارت للملكة عائشة الحرة في الاندلس التي يسميها الاسبان (السلطانة مادري بوعبديل-أبوعبدالله) آخر ملوك غرناطة بالأندلس.

وقد يتساءل سائل وهل كان من بينهن قائدات (أو سلطانات/ملكات) عربيات لتجيب الباحثة بالإيجاب أي نعم.

ومن أبرزهن كانت الشريفة فاطمة، والأميرة غالية (ص41-42)، حيث كانت الأولى قائدًا عسكريًا استولت على صنعاء بصفتها رئيسة الزيدية أواسط القرن 15 وحملت لقب الشريفة، أما الأميرة غالية الوهابية (القرن 18) فحملت اللقب في الطائف باعتبارها رئيسة الجيوش دفاعًا عن مكة خاصة، في مواجهة محاولات الاحتلال الأجنبي.

أما المملكات العربيات المتوجات فيمكن الإشارة بوضوح لملكات اليمن الشهيرات في العصور الإسلامية مثل الملكة أروى بنت أحمد الصليحي التي حكمت اليمن لنصف قرن (حتى وفاتها عام 1090).

والملكة أسما (من السمو) بنت شهاب الصليحية، وأحيانًا تضاف الملكة الحرة علم التي حكمت إمارة زبيد في اليمن، ويذكر التاريخ في مصر ما أصبح مشهورا من حكم وصية العرش بعد مقتل الحاكم بامر الله الفاطمي أي أخته ست الملك (ص294) ، إضافة للتركية شجرة الدر.

مما سبق نستنتج أن المراة العربية والمسلمة عبر التاريخ لم تكن فقط مساحة شعرية مغناة فقط تمثل حقيقة الحنان والعشق من جهة، والعنفوان والشرف من جهة أخرى. وإنما كانت قائدة سياسية وعسكرية كما كانت مؤثرة في مجالات عدة عوضًا عن تسلمها حكم الدولة بشكل مباشر لأكثر من 15 او 16 حاكمة من بينهم عربيات.

كل عام والمرأة بخير بيومها وكل يوم وفي كل دور.