كتب بكر أبوبكر : السياسة والاشباع السياسي

المجموعة: مقالات كتب بواسطة: نداء الوطن

نداء الوطن - بكر ابوبكر

 

تشمل السياسة أوعلم السياسة الأنشطة المرتبطة بصنع القرار، ودور الدول والمنظمات والصراع والتعاون وتوزيع الموارد، سواء كانت طبيعية أو بشرية أو غير ذلك، مما بحثنا فيه مؤخرًا.

والموضوع المركزي للسياسة كما يرى كثير من الباحثين المتخصصين هو القوة، لأنه في الواقع، لدراسة السياسة عليك دراسة السلطة. وعليه يجب فهم من لديه السلطة، ومن يجب أن يمتلك القوة، وما هي القوة التي تبدو عليها، ما يشكل فهمًا أساسيًا للسياسة.

وهناك من يرى أن السلطة موجودة على جميع مستويات المجتمع، وبالتالي، السياسة كنتاج للسلطة، هي أكثر من تصرفات السياسيين البارزين الذين يسعون إلى ممارسة التأثير على الحكومات. حيث تتغلغل السياسة في جميع مستويات المجتمع وتشتمل حتى على تصرفات الأفراد العاديين.

إن امتلاك المعرفة (بالمعلومة والخبر...) وحُسن استغلالها وعي، وامتلاك المعرفة في المواضيع السياسية وحسن استغلالها وعي سياسي، ووجود الوعي والعلم بالسياسية مدخل الوعي السياسي.

المفكر العروبي الكبير والقائد الفلسطيني الفتحوي الشهيد خالد الحسن، يلخص السياسة بأنها في اللغة رعاية مصالح الناس، وبالتالي فالكادر السياسي هو الذي يناضل من أجل مصالح الناس أوكما قال نصًا أيضًا: أن السياسة فن وعلم الصدق مع الجماهير وتحقيق العدالة في إطار الممكن.

ويمكننا القول أن السياسة عامة ومما كتبناه سابقًا -ورغم أن لها عشرات التعريفات- هي: فن وعلم وفلسفة تندمج معا في عملية الحكم وتحقيق السيطرة في المجتمع.

كما يمكننا تعريفها أيضًا أنها عملية للمطالبات التنافسية البرامجية من قبل الأحزاب والتنظيمات السياسية ، بهدف حشد الدعم لوضع هذه البرامج موضع التنفيذ. وهذه السياسة بمعنى politics المختلفة عن تلك التي تعني الاجراءات أي السياسة policy.

من أوائل تعريفات السياسية كان ارتباطها بالمواطنة، ثم بالدولة، ثم بالقوة إلا أننا نحبذ التعريف المرتبط بالحكم من حيث أن الحكم: يعني تنظيمات أو هيئات ومجالس، ونظما قانونية وسلوكا سياسيا للأفراد والجماعات، وحل لمشكلات الناس والمجتمع تقوم السياسة بإدارتها وتنظيمها.

أما التحليل السياسي فهو تحليل بمعنى فصل المكونات وإخضاعها للمقاييس تماما كما يفعل الطبيب الذي يقوم بفحص عينة دم: إنه يدرك العينة، أي يعرفها بمكوناتها،وبتأثيرها على المريض فعليها مكتوب اسم المريض والغرض من الفحص، وبعد أن يقوم بفصل مكونات الدم يخضعها لمقاييس معتمدة، ويضع بناء على النتائج تقديراته للوضع، والتاجر(ومثله القائد أو الكادرالسياسي) يقوم بتحليل السوق رغبة في تسويق مُنتج له (والفكر والبرنامج السياسي منتج أيضًا)، حيث:

· يحدد جودة المُنتَج (المادي، او الفكري السياسي) ونوعه مقابل المُنتجات المثيلة.

· يدرس الجمهورالمستهِلك كقدرة ونوعية.

· المكان واستيعابه.

· قدرة المنافسة مع الآخرين.

· آليات الاستيراد والتصدير والقوانين والنقل ... .

· استخدام الإعلان والدعاية.

وعبر هكذا تحليل يستنتج إمكانية طرح منتجه (البرنامج الانتخابي مثلًا) في السوق ونسبة نجاحه ... الخ.

وفي التحليل عامة، ومنه السياسي نقوم بتفكيك الموضوع أو القضية أو المشكلة لمكوناتها وتحديد تأثيراتها، لنحدد أسبابها المفترضة بغرض أن نفهم أو أن نتوصل لحل أو أن نكون رأيا. وعامة ما نستخدم في تحليلاتنا الأبعاد الثلاثة التي لا غنى عنه لقضية مثل قضية فلسطين أي البُعد الداخلي الوطني، والبُعد المحيط (سواء الإسرائيلي، أو العربي، أو الاقليمي، والبعد العالمي كمؤثرات أساسية تتقاطع فيها المصالح والأهداف والامكانيات والمعسكرات (مع وضد ومحايد)، وعوامل القوة والتأثير.

بجميع الأحوال فإننا في فلسطين نعيش"حالة الإشباع السياسي" إن شئت تسميتها، لأننا لسنا في حالة طبيعية مطلقًا في ظل النضال المتواصل الميداني والسياسي بكافة أشكاله ضد أحط انواع الظلم والعنصرية والفاشية ممثلة بالاحتلال الصهيوني، وممارسته السياسة القمعية ضمن فعل يومي نتنفسه بل ونأكله ونشربه.

كما نمارس العمل السياسي الداخلي بين كافة مكونات المجتمع الفلسطيني علي شقي البرتقالة والخارج، لذا فحاجتنا للفهم الأوسع، واكتساب المهارات التنظيمية والفكرية والسياسية، وحسن الأداء أكثر من حاجة أي شخص او شعب آخر في هذا الكون عبرتمتين الثقافة السياسية أو ما يمكن أن نسميه النضال المعرفي السياسي، أي أن نربط بين نضالنا السياسي بكافة أشكاله بتمتين وتطوير الفكر والمعرفة والثقافة وبناء الشخصية بالقدرات والمهارات واستخدامها بالنضال السياسي والوطني.