هل نحن كفلسطينيين حتماً نأبى الفساد وحتماً سننتصر عليه؟

بقلم: د. علاء الديك*
في التاسع من ديسمبر من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي لمكافحة الفساد، ومما لا شك فيه أن هناك دول وقوى وتيارات ديمقراطية فعالة حاربت "الفساد" وسعت لإنجاح مبدأ الحوكمة أو "الحاكمية" في مؤسساتها الحاكمة، بحيث أصبح هذا المبدأ متداولاً في مطلع التسعينات 1990 بعد أن تمت إعادة صياغته من قبل علماء الإقتصاد والعلوم السياسية بشكل فعال، وأعتمد بالعديد من المؤسسات والمنظمات الدولية ليصبح لاحقاً مطلباً إنسانياً للحفاظ على حياة الناس وتحقيق التقدم والرخاء والعيش الكريم لهم.
"فالحوكمة" تعني تدعيم مراقبة نشاط المؤسسة ومتابعة مستوى أداء القائمين عليها، وهذا يعني أنها إدراة متسقة وسياسات متماسكة وتوجية سليم وإتخاذ القرارات المناسبة بوقتها المناسب وتحمل للمسؤولية، وصولاً لمؤسسة قادرة على تحقيق الأفضل للناس من خلال متابعة تقدم العصر والاستجابة لرغبات الناس وإحتياجاتهم، وعندئذ التحلي بالشجاعة لتحقيق الإصلاح والإنفتاح.
وإذا نظرنا للتجربة الفلسطينية وبخاصة أنها تمضي في مسارين، مسار التحرر الوطني من ويلات الإحتلال وقهره، ومسار البناء والعمل المؤسساتي للحفاظ على الحقوق السياسية والمدنية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية. وهنا لفت إنتباهي في النصف الثاني من ديسمبر الحالي قيام إئتلاف "أمان" من أجل النزاهة والمساءلة بالإحتفاء باليوم العالمي لمكافحة الفساد بإقامة حفل النزاهة الوطني السابع عشر للعام 2022، والذي أقيم بكل من رام الله وغزة، بهدف تكريم فارسات وفرسان النزاهة للعام 2022، ممن رفعوا الصوت عالياً للإنخراط في جهود مكافحة الفساد وكشف الفاسدين، وإعدادهم تحقيقات إستقصائية كشفت عن أفعال فساد حقيقية، وكذلك تقديمهم أبحاث متخصصة توفر معلومات حول واقع الفساد ومكافحته، وتنفيذهم لمبادرات تعزز النزاهة وتكافح الفساد في المؤسسات العامة. وعليه، نقول لهم: مبروك هذا النجاح وشكرا ً لكم.
وبعد إطلاعي على مخرجات ونتائج هذا الحفل، إستوقفني نداء العدالة تجاه من رحلوا عنا أجساداً، ولكن أرواحهم وذكرياتهم ومواقفهم النبيلة وطنياً وإنسانياً، باقية وحية فينا في كل لحظة، وخاصة أنهم رحلوا مظلومين من قبل أناس "متهمون يحققون مع أنفسهم والنتائج على قياس المسؤولين"، وهو عنوان التحقيق الذي أجرته الصحفية الفلسطينية أنصار طميزه العاملة في تلفزيون وطن برام الله، والتي حصلت على المرتبة الثانية مناصفة مع الصحفي هيثم الشريف، من جائزة الشهيدة الصحفية شيرين أبو عاقلة "جائزة فارسة القدس". حيث قامت الصحفية أنصار طميزه بتسليط الضوء على تشكيل لجان التحقيق الرسمية والجدوى من إنشاؤها، وهل حققت الهدف المرجو منها، معرجة بذلك على ثماني لجان تحقيق مختلفة أنشئت خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وتساءلت في تقريرها، وبحسب ما جاء في مخرجات حفل النزاهة الوطني للعام 2022، حول معايير اختيار اعضاء لجان التحقيق، حيث تظهر تشكيلات معظم اللجان وجود أشخاص في عضويتها يمثلون مؤسسات متهمة بالضلوع في القضية التي يُجرى التحقيق فيها، وبالتالي غياب مبدأ تحصين العضوية من فرص وقوع تضارب المصالح في عضويتها، كما تساءلت أيضا حول الجدوى من إنشائها وإذا ما كانت تحقق الهدف من إنشائها. وعليه، أفضى التحقيق الإستقصائي أن غالبية اللجان المشكلة لم تحقق مبدأ الحيادية والاستقلالية في عملها، ومن جهة أخرى لا يوجد قانون فلسطيني ناظم لعمل لجان التحقيق تلك، وخاصة في ظل غياب المجلس التشريعي الفلسطيني الذي ينظم عمل ومتابعة تلك اللجان وتشكيلها، مما يعني غياب مبدأ المأسسة والحوكمة في عمل لجان التحقيق الرسمية. إضافة لذلك، فقد تبين أن لجان التحقيق تلك قد تستخدم كأداة للتهرب من المساءلة الجزائية، ولتخفيف غضب الرأي العام تجاه قضية ما، وتشكل مخرجاً لهؤلاء من دائرة المساءلة والمحاسبة.
ومن بين القضايا الثمانية التي اشار لها التحقيق الإستقصائي للصحفية أنصار طميزه، قضية الشهيدين الشقيقين عمار وضياء رشيد الديك رحمهما الله، الذين قضوا نتيجة الإهمال والتقصير في الإنقاذ من قبل طاقم الدفاع المدني الفلسطيني الذي حضر أبان الحادثة متأخراً، وبدون جهوزية وإمكانيات تذكر، وقيام شخص مدني بإنتشالهما لاحقاً، حيث أغمي عليهما نتيجة نقص الأكسجين أثناء وجودهما في بئر ماء في منزلهما بهدف تنظيفه للحصول على ماء نقي صالح للشرب للعائلة، وبذلك فقد قاموا بعمل إنساني وإجتماعي بهدف توفير ماء شرب نقي للعائلة، وسطروا بذلك تضحية إنسانية وإجتماعية نبيلة فداءاً للأخرين. ولا ننسى البطولة الخالدة التي سطرها الشهيد عمار رشيد الديك رحمه الله، وهو يحاول إنقاذ أخيه الشهيد ضياء رشيد الديك رحمه الله، قبل أن يغمى عليه ويلتحق بأخيه شهيداً.
وبتاريخ 14 حزيران 2020، تم الإعلان رسمياً عن وفاة عمار وضياء رشيد الديك رحمهما الله، نتجية الإختناق داخل بئر ماء داخل منزلهما بسبب نقص الأكسجين. وفي هذه الأثناء، قال محافظ سلفيت ومن خلال لقاء صحفي عبر فضائية النجاح وفي تمام الساعة الثالثة فجراً، بأن الشهيدين الشقيقين كانا يبحثان عن اثار في مكان أثري وقديم، والسبب من وراء ذلك أنه يريد أن يشغل الرأي العام بقضية الأثار، وأن يخلط الأوراق ويحرف البوصلة بإتجاه موضوع الأثار، كي لا يحصل ضجة أمام الرأي العام، ويصبح هناك تعاطف شعبي مع الشهيدين الشقيقين نتيجة الحادثة التي اودت بحياتهما، والبعد بالحديث عن التقصير والإهمال في انقاذهما من قبل مؤسسة الدفاع المدني، بهدف إنقاذ المقصرين.
وعليه، وبشهادة الشهود الذين تواجدوا أبان الحادثة، سارعت قوى وفعاليات وأهالي بلدة كفرالديك، مسقط رأس الضحية، ومكان وقوع الحادثة، برفض تلك التصريحات التي من شانها الإساءة لسمعة الشهيدين الشقيقين ولذويهما بهدف إنقاذ المقصرين، بإصدار بيان رسمي تحمل فيه جهاز الدفاع المدني الفلسطيني المسؤولية الكاملة عن التقصير والإهمال في الإنقاذ الذي أودى بحياة الشهيدين الشقيقين، ومع إزدياد المطالبات الشعبية والرسمية في بلدة كفرالديك ومحافظة سلفيت بالكشف عن حقيقة ما جرى، قام محافظ سلفيت مرغماً بالإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق رسمية بالحادثة بتاريخ 17 حزيران 2020، على أن تعلن نتائجها الرسمية خلال أسبوعين من تاريخ هذا القرار، وبعد مرور أسبوعين لم يتم الإعلان عن النتائج الرسمية، وذلك بهدف المماطلة وإفساح المجال لحل الموضوع داخل أروقه المكاتب بعيداً عن الرأي العام. وعليه، توجهت عائلة الشهيدين الشقيقين للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ومقرها بمدينة رام الله وطالبت الهيئة مراسلة الجهات الرسمية في محافظة سلفيت بهدف تسليم النتائج والإطلاع عليها. وعليه، قرر محافظ سلفيت إرسال النتائج للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بتاريخ 22 يوليو 2020، والتي جاء فيها: أن الشهيدين عمار وضياء رشيد الديك كان لديهم إصرار على العمل، رغم علمهم اليقين بوجود خطر على حياتهم، وبالتالي فإنهم يتحملون مسؤولية ما جرى ضمنياً، دون الإشارة أو التركيز على مجريات الإنقاذ "التقصير والإهمال في إنقاذهما".
وبناءاً على ذلك، رفضت عائلة الشهيدين الشقيقين تلك النتائج، وطالبت الهئية المستقلة لحقوق الإنسان ومقرها بمدينة رام الله، العمل على إجراء تحقيق مستقل "تقصي حقائق" في الحادثة من أجل تبيان حقيقة ما جرى، وعليه باشرت الهئية المستقلة لحقوق الإنسان بعمل اللازم وأصدرت تقرير تقصي حقائق بالحادثة بتاريخ 22 نوفمبر 2020، بعد عمل مهني مستقل إستمر لأكثر من أربعة شهور من أجل الوقوف على حقيقة ما جرى وتبيان الحقيقة كما هي للرأي العام. وجاء في نتائج تقرير تقصي الحقائق الصادر عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أن الدفاع المدني الفلسطيني يتحمل مسؤولية وفاة عمار وضياء الديك بسبب الإهمال والتقصير في الإنقاذ، وكذلك يتعين على محافظ سلفيت واللجنة الرسمية المكلفة بالتحقيق من قبله، إعادة صياغة التقرير الرسمي بعيداً عن إتهام الشهيدين الشقيقين بالإصرار على العمل وتحميلهم مسؤولية ما جرى، والتركيز على مجريات الإنقاذ من أجل الوقوف على حقيقة ما جرى، وكذلك طالبت الهيئة بضرورة الإستعانة بخبير إنقاذ وعمل لجنة تحقيق داخلية في جهاز الدفاع المدني الفلسطيني بهدف التحقيق فيما جرى، والإطلاع على نتائح تقرير تقصي الحقائق الصادر عن الهئية المستقلة لحقوق الإنسان، من أجل تعلم دروس وعبر مما حدث، وأن نسعى لنطور مؤسساتنا بإتجاه الإصلاح، ومراجعة بروتوكولات الإنقاذ والسلامة العامة، بهدف حماية حياة الناس وتلبية إحتياجاتهم وفق معايير وأسس إنقاذ سليمة ونزيهة.
وبتاريخ 23 نوفمبر 2020، قام محافظ سلفيت بالرد على تقرير تقصي الحقائق الصادر عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وتوصياته ذات الصلة بالحادثة، وذلك بالدعوة لعقد إجتماع للجنة القانونية للمحافظة وللأجهزة الأمنية في سلفيت، وبحضور جهاز الدفاع المدني عضواً في اللجنة، دون وجود ممثل عن العائلة أو خبير إنقاذ أو ممثل عن الهيئة المستقلة أو أي ممثل عن مؤسسة أهلية أو حقوقية على علاقة بالموضوع. ونتج عن الإجتماع الذي أرسل مكتوباً للهيئة، وجاء فيه: أن الشهيدين عمار وضياء رشيد الديك كان لديهم قلة إحتراز وإهمال وتقصير شخصي، رغم كل المخاطر، وأن الدفاع المدني الفلسطيني عمل كل ما بإستطاعته لإنقاذهما، ولكن طبيعة البئر وعمقه حالت دون ذلك، وبالتالي فإنهم يتحملون مسؤولية ما حدث بالإهمال والتقصير وعدم الإكتراث لحياتهما. والجدير بالذكر هنا، أن عمق البئر لا يتعدى 5.2 متر ويوجد سلم من باب البئر لقاعه جاهز للإستخدام، والإنارة جاهزة، وقام شخص مدني بإنتشال الشهيدين الشقيقين من داخل البئر في غضون 9 دقائق، بعد أن أخفق الدفاع المدني الفلسطيني بإنتشالهما، علماً أن طاقم الدفاع المدني جاء لمنزل الشقيقين الديك متأخراً 45 دقيقة من وقت إبلاغه بالحادثة، ومكث بالمنزل لأكثر من ساعتين دون جدوى في إنقاذهما.
وبتاريخ 26 ديسمبر 2020، قامت عائلة الشهيدين الشقيقين بزيارة رئيس الوزراء الفلسطيني د. محمد إشتيه، بمكتبه بمدينة رام الله، من أجل إطلاعه على تقرير تقصي الحقائق الصادر عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وما رافق ذلك من تطورات أبان الحادثة، والذي بدوره رحب بالتقرير ونتائجه وتوصياته، وأوعد عائلة الشهيدين الشقيقين بالوقوف على ما جاء في التقرير ومتابعة مخرجاته وتقديم المقصرين والمتأمرين للعدالة، وأكد أمام العائلة زيارة بيت الشهيدين الشقيقين رحمهما الله، لتقديم واجب العزاء وإعتمادهم من شهداء فلسطين رسمياً، بناءاً على التقصير الذي حدث تجاههم من قبل المؤسسة الرسمية، وتسليم رسالة شكر وتقدير بإسم الشعب الفلسطيني إحتراماً لجهودهم ومسيرتهم الوطنية والإجتماعية والإنسانية النبيلة، وما قدموه لقضيتهم ولشعبهم طيلة مسيرة حياتهم، وللاسف لم يحدث ذلك.
وعليه، سارعت عائلة الشهيدين الشقيقين بزيارة المسؤولين الفلسطينيين كل حسب موقعه ومركزه، كي يتم إطلاعهم على تقرير تقصي الحقائق بوفاة الشهيدين الشقيقين عمار وضياء رشيد الديك رحمهما الله، من أجل أن يتحمل كل منهم مسؤوليته تجاه تلك الحادثة وما رافقها من تطورات، حتى يتم الوقوف على حيثيات ما جرى، وتقديم المقصرين والمتأمرين والفاسدين للعدالة، ولكن للأسف لم يحدث أي شي، وأقفلت الأبواب في وجه عائلة الشهيدين الشقيقين. ونتيجة عدم الإكتراث تلك، وحفاظاً على دماء من ضحوا بأنفسهم من أجل الأخرين، وحفاظاً على كرامتهم وكرامة ذويهم، وحفاظاً على كلمة الحق والعدل، وحفاظاً على مسيرة البناء في مؤسساتنا التي ضحى ولا يزال يضحي من أجلها شعبنا بأغلى التضحيات منذ عقود مضت تحت الإحتلال، ومن اجل أن يصبح لنا مؤسسات وطنية فاعلة، وإحترماً لسيادة القانون الذي يسري على الجميع دون إستثناء، وأن لا أحد فوق القانون مهما كان منصبه، توجهت عائلة الشهيدين الشقيقين لمحكمة بداية رام الله بتاريخ 27 مايو 2021، وتقدمت بالقضية أمام المحكمة عن طريق الأستاذ د.أحمد الأشقر، من أجل تقديم المقصرين والمتأمرين في الحادثة تجاه الشهيدين الشقيقين وذويهم للعدالة، بالشق المدني والجزائي لاحقاً، ولازالت القضية متداولة في محكمة بداية رام الله ليومنا هذا.
وبتاريخ 18 نوفمبر 2021، قام مكتب النائب العام في محافظة سلفيت بالإتصال بعائلة الشهيدين الشقيقين، من أجل تسليمهم قرار صادر عن النائب العام الفلسطيني بتاريخ 4 نوفمبر 2021، والذي جاء فيه: قرر النائب العام الفلسطيني حفظ ملف الشهيدين الشقيقين لعدم وجود أي فعل يعاقب عليه القانون". والجدير بالذكر هنا، أن تقرير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان يعتبر تقرير نافذ لأن، الهيئة السمتقلة لحقوق الإنسان مؤسسة دستورية قانونية مستقلة، وقد تحدثت عن الإخفاق والتقصير في الإنقاذ من قبل أفراد الدفاع المدني، وهم موظفون لديكم، والذي أدى لوفاة الشهيدين الشقيقين رحمهما الله، فهل هذا ليس بجرم يعاقب عليه القانون يا سيادة النائب العام!، ومما لا شك فيه أن تلك الخطوة تخدم المقصرين في قضية الشهيدين الشقيقين بهدف عدم ملاحقتهم جزائياً أمام القضاء الفلسطيني.
وبتاريخ 31 أغسطس 2022، قامت الصحفية الفلسطينية أنصار طميزه، العاملة في تلفزيون وطن، بعمل تحقيق إستقصائي بعنون: "متهمون يحققون مع أنفسهم والنتائج على قياس المسؤولين"، والذي من خلاله حصدت المرتبة الثانية مناصفة مع االزميل الصحفي هيثم الشريف، من جائزة الشهيدة الصحفية شيرين أبو عاقلة "جائزة فارسة القدس"، خلال حفل النزاهة الوطني السابع عشر للعام 2022، الذي أقامه "إئتلاف أمان للنزاهة والمساءلة" بكل من رام الله وغزة، بهدف تكريم فارسات وفرسان النزاهة للعام 2022، ممن رفعوا الصوت عالياً لعدم فاعلية وكفاية جهود الجهات المكلفة بمكافحة الفساد في فلسطين وتحقيق مبدأ "الحوكمة".
شكر وتقدير
شكراً "لإئتلاف أمان" الذي وضع اليد على الجرح، بعد أن إعتقدنا أننا وحدنا ممن يشعر بألمه، وشكرا للأخت الصحفية المناضلة أنصار طميزه على هذا الجهد الذي أبقى قضية الشهيدين الشقيقين حية ولم تمت، وشكراً لتلفزيون وطن والعاملين فيه على الإهتمام بهذه القضية من أجل إبقاء كلمة الحق والعدل فعالة، والشكر موصول لكم من حضر وساهم وتوج في إنجاح حفل النزاهة الوطني للعام 2022، والشكر موصول للدكتور عمار دويك وللهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وكل العاملين بها، لإصدار تقرير تقصي الحقائق بوفاة الشهيدين الشقيقين، ونشكر الدكتور المحامي أحمد الأشقر لما بذله من جهد قانوني وحقوقي بهدف متابعة القضية أمام القضاء الفلسطيني، ونشكر الصديق الأستاذ المحامي مازن البرغوثي على ترجمة التقرير للغة الإنجليزية، ونشكر الأكاديمين والمستقلين ورؤساء المؤسسات الأهلية والحقوقية والإنسانية، وكل الإتحادات والنقابات والمنظمات واللجان الشعبية ورؤساء وأعضاء المجالس المحلية، ولكل الشرفاء داخل المؤسسة الرسمية الأمنية والمدنية الذين عبروا عن موقفهم بكل شجاعة وثبات عن التقصير الذي حصل بقضية الشهيدين الشقيقين من قبل المؤسسة الرسمية سواء أبان الحادثة أو لاحقاً، ونشكر الأخوة والرفاق في فصائل العمل الوطني على موقفهم تجاه الشهيدين الشقيقين وذويهم، ونشكر جبهة النضال الشعبي الفلسطيني ممثلة بأمينها العام ومكتبها السياسي ولجنتها المركزية وكافة كوادرها وأعضاءها النقابية والتنظيمية في الداخل والخارج على متابعة قضية الشهيدين الشقيقين والإهتمام بالذكرى السنوية لرحيلهم، ونقدر ونثمن كل من حضر وحاول إنقاذ الشهيدين الشقيقين من الأهل والأحبة والأصدقاء أبان الحادثة، ونتقدم بجزيل الشكر والعرفان لكل الأهالي والأقارب والأنساب والأحبة والأصدقاء والحلفاء، في بلدتنا والبلدات المجاورة ومحافظة سلفيت ومحافظات الوطن كافة، وفي الضفة وغزة، وفي المخيمات، وفي الشتات، والمغتربين، الذين عبروا عن موقفهم النبيل الشجاع من أجل إحقاق الحق والعدل تجاه المقصرين والمتأمرين في قضية الشهيدين الشقيقين عمار وضياء رشيد الديك رحمهما الله.
فلسطينياً
فهذه فرصة لتحيا بها ضمائرنا من جديد، ولعلها صرخة الشهيدين الشقيقين عمار وضياء رشيد الديك رحمهما الله من تحت التراب، لنقول "كلمة الحق" من أجل أن نكون واضحين مع أنفسنا وبلا مجاملة لأحد، ومن أجل أولادنا ومؤسساتنا ومستقبل بلدنا: هل نحن كفلسطينيين حتماً نأبى الفساد وحتماً سننتصر عليه؟ فكيف سنحترم تضحيات شعبنا التي تنزف كل يوم نتيجة الظلم والقهر الذي يتعرض له من ويلات الإحتلال ونحن فاسدون! وكيف سنحترم مسيرة ونضال كل عائلة فلسطينية صمدت على الأرض الفلسطينية وتحملت الكثير من أجل المساهمة في العمل والبناء ونحن فاسدون! علينا أن نصحوا جميعاً، وأن نرسل رسالتنا بكل ثبات وشجاعة وإصرار، لكل من ديوان الرقابة، وهيئة مكافحة الفساد، ودوائر حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير الفلسطينية، "وهي الجهات المكلفة بمكافحة الفساد وحماية حالة حقوق الإنسان وتعزيز مبدأ الحوكمة في المؤسسة الفلسطينية"، من أجل التحرك الفوري والعاجل ضد الفاسدين والمقصرين والمتأمرين على أبناء شعبنا وقضاياه العادلة، والذين لديهم أجندات ومصالح خاصة، ولا يكترثون للمؤسسة وفاعليتها وأدائها، والذين يحاولون تضليل المؤسسة وإنحرافها عن بوصلتها الحقيقية، بهدف ضرب شرعيتها والهدف الذي أنشئت من أجله، لذا علينا جميعاً في المؤسسات الرسمية والأهلية والشعبية والقوى والفعاليات الوطنية، الوقوف عند مسؤوليتنا ومحاربة هؤلاء وعدم السماح لهم باللعب في المؤسسة، التي أصبحت عنوان تضحيات شعبنا وسيادته على مدار عقود من الزمن، بهدف نيل تقرير مصيره على أرضه الفلسطينية، لإقامة دولته المستقلة والحفاظ على القرار الوطني المستقل.
في المحصلة، فليكن حفل النزاهة الوطني السابع عشر للعام 2022، الذي نظمه "إئتلاف أمان" هو الخطة الوطنية والإستراتيجية الفلسطينية لمحاربة الفاسدين والمقصرين والمتأمرين على شعبنا، من أجل سيادة المؤسسة والقانون تحت شعار: لا أحد فوق القانون مهما كانت رتبته أو مكانته الوظيفية أو التنظيمية عندما يخطئ، وأن على من يتقلد المنصب إحترامه، إنها "الأمانة" التي عرضت على الجبال فأبينها، فعرضت على الإنسان فقبلها، والتي يجب أن يحترمها ويقدرها، وأن يكون خادماً للناس، ويسعى لتلبية إحتياجاتهم، وأهمها الحفاظ على حياتهم وصون كرامتها، وكما قيل: "خير الناس أنفعهم للناس"، وليس خير الناس من يتطاول على الناس.
عاشت ذكرى رحيل الشهيدين الشقيقين عمار وضياء رشيد الديك رحمهما الله، والمجد والخلود للشهداء والعزة والوفاء لذكراهم وذكرى رحيلهم، والعزة والوفاء لشعبنا وتضحياته المجيدة، وسينتهي عهد الإستقواء على الضعفاء والمظلومين، وحتماً سننتصر على هؤلاء مهما طال الزمن.
* شقيق الشهيدين الشقيقين عمار وضياء رشيد الديك

 

 

نداء الوطن