قرية عربية تقع إلى الشمال الشرقي لغزة على الطريق الرئيسة للسهل الساحلي* وترتبط بالقدس بطريق معبدة. فيها محطة سكة حديد يمر بها خط القنطرة – حيفا.
نشأت القرية على ربوة ترتفع 42م فوق سطح البحر، وتبعد عن شاطىء البحر المتوسط نحو 5 كم، وتبعد 6 كم عن نهر صقرير* الذي يمر بشمالها في طريقه إلى البحر المتوسط.
يرجع تاريخ أسدود، كما دلت الحفريات الأثرية الأخيرة، إلى القرن السابع عشر قبل الميلاد، وسكانها الأولون هم العناقيون، وهم من القبائل الكنعانية التي سكنت الساحل الفلسطيني وجنوب فلسطين في العصور القديمة.
وقد أطلق العناقيون على المدينة اسم “أشدود” بمعنى الحصن. وكانت أسدود منذ ذلك الزمن القديم ميناء هاماً ومركزاً تجارياً. وفي القرن الثاني عشر قبل الميلاد نزل الفلسطينيون الساحل الفلسطيني وجعلوا أسدود إحدى مدنهم الخمس الرئيسة، ومركز عبادة إلههم داجون. وفي حوالي عام 1050 ق.م.
هاجم اليهود أسدود، لكن الفلسطينيين انتصروا عليهم انتصاراً باهراً في معركة رأس العين قرب يافا، واستولوا على “تابوت العهد” الذي كان يحفظ فيه اليهود شرائعهم، ووضعوه في هيكل داجون، وبعد ذلك بحوالي ثلاثة قرون هاجم عزاريا ملك يهودا المدينة مرة أخرى وهدم أسوارها.
وقد دلت الحفريات الأثرية التي جرت في الستينات من هذا القرن على أن أسدود الفلسطينية كانت على جانب كبير من الحضارة والغنى المادي.
وقد اكتشفت فيها أختام كتبت بخط غير معروف وألواح وأوان دينية مختلفة. بيد أن وقوع المدينة على الطريق الساحلي الذي يصل بين سورية ومصر جر عليها كثيراً من ويلات الحروب، وخاصة تلك التي نشبت بين الأشوريين ( أشور) والمصريين (الفراعنة).
ففي سنة 734 ق.م.استسلمت المدينة إلى تغلات بلاسر الثالث ملك أشور. وفي سنة 715 ق.م. نشبت فيها ثورة ضد الأشوريين بتحريض من شاباقا فرعون مصر، فأرسل سرجون الثاني ملك أشور قواته لمحاصرتها، ودام الحصار أكثر من ثلاث سنوات تمكن في نهايتها(711 ق.م.) من اقتحام المدينة وإخضاع ملكها، وأسكن فيها مستوطنين أشوريين.
وأصبحت أسدود من ثم عاصمة لولاية أشورية. وفي عهد أشور بانبيال (668-625 ق.م.) فرض بساميتكوس فرعون مصر الحصار على أسدود. ووصف المؤرخ هيرودوتس هذا الحصار بأنه أطول حصار في التاريخ، لأن المصريين لم يتمكنوا من أخذها ألا بعد 29 سنة (659-630ق.م.).
وفي القرن السادس قبل الميلاد كانت أسدود عاصمة الفلسطينيون مدينة مزدهرة للغاية مما جعل هيرودوتس يسميها “مدينة سورية الكبرى”.
ولما استولى الفرس على مصر في أواخر هذا القرن استولوا في طريقهم على أسدود وكل فلسطين. وقد قاوم أهالي أسدود إرجاع اليهود من بابل إلى القدس، وندد نحميا حاكم القدس اليهودي الموالي للفرس بالفلسطينيين في أسدود الذين كانوا يتكلمون بلسان غير يهودي، وهاجم زواج اليهود من بنات أسدود الوثينات.
وفي القرن الرابع قبل الميلاد وقعت أسدود تحت سيطرة الإسكندر المقدوني وبقيت في العصر الهليني عاصمة لمنطقتها، وعرفت إذ ذاك باسم أزوتوس Azonus. وعلى الرغم من أن أسدود عانت النزاعات المستمرة بين البطالسة (البطالمة) والسلوقيين (السلوقيون) خلفاء الإسكندر في مصر وسورية فإنها شاركت في ازدهار المدن في العصر الهليني.
ولا شك، كما يقول العالم باير G Beyer ، أن ضخامة المدينة، وكذلك اتساع المنطقة التابعة لها، كانا السبب الذي دعا اليهود الذين تسيطر عليهم شهوة التوسع إلى الانقضاض على المدينة في عهد المكابيين”. ففي سنة 165 ق.م. استولى المكابيون على المدينة وهدموا هيكلها وجعلوها، هي وضواحيها من قرى ومزارع، طعمة للنار.
وفي عام 63 ق.م. دخل الرومان البلاد واستولى القائد الروماني بومبي على أسدود وجعلها جزءاً من ولاية سورية. وجد الرومان أسدود مدينة مهدمة، فأعد القائد غاينيوس بناءها سنة 55 ق.م. وأرجع لها رونقها القديم. وما لبث أغسطس قيصر إمبراطور وما أن وهبها هبرود الكبير الذي تركها بوصية منه إلى أخته سالومي Salome. وأوصت سالومي بها إلى ليفيا Livia أخت أغسطس التي أورثتها بدورها الإمبراطور طيباريوس.
في سنة 38م تنصر سكان أسدود مع غيرهم من سكان الساحلي الفلسطيني من أسدود إلى قيسارية. وفي القرن الرابع للميلاد كانت أسدود مركز أبرشية، واشترك أسقفها الأول سيلفانوسSilvanus في مجمع نيقية سنة 325م.
وفي عام 400 م كانت أسدود مركزاً لمقاطعة تشمل قرى كثيرة منها عاقر وفطرة وإدنبة.
وتدلنا خريطة مادبا على أنه كان هنالك في العصر البيزنطي، إلى جانب مدينة أسدود التي كانت تدعى أزوتوس هبّوم Aznus Hippum مدينة أخرى هي أزوتوس بارالياس Azunus Paralias أو أسدود على البحر. وهذه المدينة الأثرية القديمة هي المعروفة باسم “مينة أسدود” أو “مينة القلعة” كما سميت في العهد الإسلامي.
دخلت أسدود في حوزة العرب المسلمين في القرن السابع الميلادي. وقد ذكرها كتّاب المسلمين القدامى باسم أزدود. ويذكر ابن خرداذبة في المسالك والممالك (القرن الثالث الهجري) أن “أزدود” كانت محطة على طريق البريد بين مصر والشام، ويذكر المقدسي في أحسن التقاسيم “أزدود” بين البلدان التي كان فيها ربط للمسلمين محصّنة بالأبراج على الشواطىء الفلسطينية في القرن الرابع الهجري.
ويبدو أن أسدود فقدت أهميتها القديمة مع الوقت فلما احتلها الصليبيون ( الفرنجة) في القرن السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي لم يجدوا فيها سوى قرية صغيرة. وقد عسكر الصليبيون سنة 512هـ/1118م حول أسدود مدة ثلاثة أشهر. ويعتقد أن القائد الصليبي فولك الأنجوي حصن سنة 543هـ/1148م.
من الآثار الإسلامية في أسدود مسجد أقيم على مزار سلمان الفارسي الصحابي المعروف في عهد الظاهر بيبرس سنة 667هـ/1268م. ومقام الشيخ إبراهيم المتبولي وهو ولي مشهور مصري الأصل رحل إلى أسدود إثر خلاف بينه وبين السلطان المملوكي قايتباي، ثم مات فيها سنة 877هـ/1472م. وقد عُمّر المقام سنة 1275هـ/1858م.
وفي أسدود أيضاً مقام يعرف بمقام أحمد أبي الإقبال. وهو شخص لا يعرف عنه أهل البلدة شيئاً. وعلى مقربة من أسدود، وعند مصب نهر صقرير المجاور لها تلة صخرية عليها مقام للنبي يونس.
وكان في أسدود في أوائل القرن الحالي مسجد جامع يدعى جامع سيدي عامر. وفي هذا الجامع عمود رخامي أبيض قديم يسند أقواس البناية. وجنوبي الجامع خرائب خان قديم جميل، وحول القرية في أماكن مختلفة عدد من الأعمدة المتكسرة المتناثرة وعدد من الخرب التي تضم آثاراً من بقايا أسدود القديمة.
كانت مساحة الأراضي التابعة لأسدود أيام الانتداب البريطاني 47.871 دونماً، منها 1.016 دونماً للطرق والأودية 2.487 دونماً ملكها الصهيونيين. وتتوافر مقومات الزراعة الناجحة في هذه الأراضي، لخصب التربة، وهطول الأمطار الكافية، ووجود الآبار التي تراوح أعماقها بين 16 و34م. وأهم منتجاتها الزراعية الفواكه والحبوب، وبخاصة الحمضيات والعنب والتين والقمح. وكانت الزراعةهي الحرفة الرئيسة للسكان، تتلوها حرفة التجارة، إذ كان يقام في أسدود كل يوم أربعاء سوق يؤمها سكان القرى المجاورة.
جذب موقع أسدود الهام وموضعها الطبيعي السكان للإقامة فيها، فما عدد سكانها من 2.566 نسمة عام 1922 إلى 3.138 نسمة عام 1931، وإلى 4.630 نسمة عام 1945. وتوسعت القرية عمرانياً حتى أصبحت مساحتها في أواخر الانتداب 131 دونماً، يشغلها أكثر من 850 بيتاً. واشتملت القرية على مسجدين ومدرستين واحدة للبنين وأخرى للبنات. بالإضافة إلى المحلات التجارية المختلفة. وفي عام 1950 أقاموا مستعمرتي “سدى عزياهو” و”شتولم”