كشفت وثائق استخباراتية بريطانية رُفعت عنها السرية حقائق مذهلة عن نكبة الشعب العربيّ-الفلسطينيّ في العام 1948، وأكّدت بما لا يدعو مجالاً للشكّ بأنّ الإنجليز قدّموا الدعم الكامِل للصهاينة في كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ من أجل التسهيل عليهم في إقامة إسرائيل، وفي الوقت عينه، منعوا سُكّان الأرض الأصليين، أيْ الفلسطينيين، من التحرّك دفاعًا عن أرضهم وعرضهم، وهو الأمر الذي أدّى في نهاية المطاف إلى تهجير الشعب الفلسطينيّ من أرضه، واستجلاب الصهاينة من جميع أصقاع العالم لإقامة دولة الاحتلال.
ونشر موقع (أقلام مقاومة) وبشكلٍ مُقتضبٍ ما جاء في هذه الوثائق التي تمّ رفع السريّة عنها، بحسب قانون حريّة المعلومات.
أولاً، جميع المعارك التي خاضها الفلسطينيون أثناء النكبة انتصروا فيها، ولكن ذخيرتهم كانت تنفد من بين أيديهم، أوْ يتدخل الجيش البريطاني لينقذ إسرائيليين محاصرين، فينقلب الوضع.
ثانيًا، الأماكن التي سيطر عليها الفلسطينيون، والأسلحة التي استولوا عليها من مخلفات الجيش البريطاني تمت مصادرتها من قبل جيش الإنقاذ الذي كان ينسحب من المناطق ليأخذها الإسرائيليون بكل بساطة.
ثالثًا، النكبة لم تحدث يوم 15-5-1948، بل بدأت مع منتصف عام 1947، وانتهت بتوقيع معاهدة رودس عام 1949.
رابعًا، الصهاينة بدأوا بجمع المعلومات والتخطيط لاحتلال فلسطين فعليًا، منذ أواسط العشرينيات، وفي نهاية عام 1933، كان لديهم سجلات لكل فرد وكل شجرة وكل حانوت وكل سيارة وكل بندقية وكل غنمة وحمار يملكه الفلسطيني.
خامسًا، أول عمل قامت به إسرائيل بعد الاستيلاء على فلسطين 1948، هو مصادرة المكتبات الشخصية التي كانت في البيوت المهجورة.
سادسًا، الحضارة التي كانت تعيشها المدن الفلسطينية قبل النكبة مذهلة، فقد كان لدى الفلسطينيين 28 مجلة أدبية، ودور سينما، ومكتبات عامة، ومسارح، وصحف، وإذاعة، وموانئ، ومباني بمعمار مذهل، هذه كانت سمة الأرض التي بلا شعب، فكل هذا جاء وحده مع المطر.
سابعًا، لم يكن اسم إسرائيل يرد في الأخبار ولا في الدوريات والصحف، حتى في وعد بلفور، كان اسم هذه البلاد كما هو الآن ـ فلسطين ـ حتى في الأدبيات الصهيونية المبكرة.
ثامنًا، القرى الفلسطينية التي فاقت 500 قرية، لم يهجّرها الصهاينة فقط، بل دمروها بالمعنى الحرفي للكلمة، لم يتركوا أثرًاً فيها إلّا ما نسوه مصادفة، وكانوا يقصدون بذلك أن يمر الوقت ويتم نسيان تلك القرى من التاريخ.
تاسعًا، بريطانيا لم تعط وعد بلفور فقط، بل تسامحت مع صهاينة قتلوا جنودها أيضًا، وسمحت بقدوم اليهود من أوروبا إلى فلسطين، واعتقلت كل فلسطيني لديه سكين، في حين أن الصهاينة امتلكوا مصانع أسلحة تحت الأرض بعلم بريطانيا العظمى.
عاشرًا، لقد نجح إضراب عام 1936 وكاد يُفشل مخطط إقامة دولة إسرائيل لولا تدخل أصدقائنا وعلى رأسهم الملك عبد العزيز.
الحادي عشر، لقد كانت الهدنة بمثابة نفخ الروح للوجود الإسرائيلي وقد سعت أطراف عربية لتثبيتها وعلى رأسها حكومة مصر والأردن.
الثاني عشر والأخير، كثيرون هم اليهود الصهاينة الذين كانت علاقتهم وثيقة بالعرب الفلسطينيين، واستغلوا هذه العلاقة في ارتكاب المذابح لاحقًا، وفي معرفة نقاط الضعف في كل قرية فلسطينية.
كما كشفت الوثائق، كما أكّد موقع (بوابة الهدف) الفلسطينيّ، النقاب عن أنّه تمّ إنشاء شبكة أبحاث المعلومات (IRD) من قبل حكومة البريطانيّة بعد الحرب العالمية الثانية لمواجهة هجمات الدعاية السوفيتية على بريطانيا، عكست أنشطتها عمليات الدعاية للحرب الباردة التي قامت بها وكالة المخابرات المركزية والجهود المكثفة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية وأقمارها الصناعية.
وأنشأ قسم الأبحاث أيضًا منظمة إسلامية راديكالية متخيلة تمامًا تسمى رابطة المؤمنين، والتي هاجمت الروس باعتبارهم غير مؤمنين وألقت باللوم على الهزائم العربية على الافتقار إلى العقيدة الدينية، وهو أمر عادي بين المحافظين المتدينين في ذلك الوقت.
وجاء في أحد البيانات المسممة: “لماذا تعاني الأمة العربية في هذا الوقت من كل هذه الأسى والمصائب؟ لماذا هُزمت القوى الشجاعة في الجهاد من قبل الصهاينة الوثنيين الأشرار؟ … يمكن العثور على الإجابات بسهولة … نحن نبتعد سريعًا عن الطريق الصحيح، ونحن نتبع المسار الذي اختاره لنا الشيوعيون الملحدين الذين من أجلهم الدين هو شكل من أشكال المرض الاجتماعيّ”.