أود عين غيل- عند قراءة مقال المحامي غيورا آردنست حول فيلم “الطنطورة”، بعنوان “الطنطورة كذبة تعرض شخصاً كاذباً كبطل” (“هآرتس”، 4/2) يمكن الاعتقاد بأن التاريخ توقف في 19 كانون الأول 2000. في حينه، تم التوقيع في مكتبه على “رسالة اعتذار” تيدي كاتس. في هذه الرسالة تراجع كاتس عن الادعاء بأن مذبحة حدثت في الطنطورة، رغم الشهادات عن مذبحة قام باقتباسها في رسالته للقب الثاني في جامعة حيفا.
في نيسان 2000 كتب آردنست بأن قدامى لواء الكسندروني قدموا بواسطته دعوى تشهير ضد كاتس، الذي تم إلزامه بوضع تسجيلات المقابلات التي أجراها، بين أيديهم. “عندما تمت مقارنة النصوص بالاقتباسات في الأطروحة نفسها، سلسلة الأكاذيب والتلاعب التي بنيت منها أطروحة كاتس، اتضحت بكامل قبحها. وقد تبين أن كاتس قام بتشويه ما قيل له بصورة منهجية”.
يعتمد آردنست أيضاً على نتائج فحص لجنة خبراء قامت بتعيينها جامعة حيفا، والتي كان أعضاؤها، حسب تعريفه من الأكاديميين المشهورين” يعرفون شيئاً أو شيئين عن حرية الأكاديميا وعن تزوير الدلائل”. هذه اللجنة، كتب، وافقت على ادعاءات جنود الكسندروني، وفي أعقاب ذلك تم إلغاء رسالة كاتس في 2003 وتم إلغاء بحثه.
آردنست أيضاً يشكك فيما إذا كان “أحد ما من بين الذين هبوا للدفاع عن كاتس، ومن بينهم كاتب مقال هيئة تحرير “هآرتس” في 24 كانون الثاني، كلف نفسه عناء قراءة الرسالة والوثائق التي تم تقديمها للجنة الخبراء أو استنتاجاتها”.
ولأنني لم أهب في حينه، وحتى الآن، للدفاع عن كاتس، بل أبحث لأستخلص الحقائق التاريخية من النقاش، فقد كلفت نفسي عناء قراءة رسالة تيدي كاتس قبل عشرين سنة، وإنجازات قدامى المحاربين في الكسندروني كما صاغها آردنست وتقرير لجنة الخبراء الأكاديميين. في حينه، حصلت على الوثائق بشكل غير مباشر من طرف ثالث خلال بضع ساعات شريطة أن أتعهد بعدم تصوير أو نشر أي شيء. بسبب ضيق الوقت، وفي ظل غياب التسجيلات للمقارنة، فقد قررت التصرف وكأنني أوافق على كل تحفظات آردنست. وبعد قراءة الفصل الكامل عن الطنطورة في رسالة كاتس، قمت بتغطية جميع المقاطع التي احتج فيها آردنست على مصداقيتها. بعد ذلك، قرأت الفصل مرة أخرى دون المقاطع “المرفوضة” وتوصلت إلى استنتاج بأنه حتى بالصيغة المختصرة التي لم يكن لآردنست أي تحفظ عليها، بقي ما يكفي من الشهادات على أنه مذبحة حدثت في الطنطورة لسكان غير مسلحين بعد احتلال القرية.
بعد سنة على ذلك، عندما تم تقديم تقرير لجنة الخبراء لعميد الجامعة، قمت بقراءته أيضاً. وللتأكيد قرأته الآن أيضاً. تبنى أعضاء اللجنة ادعاءات المحامي آردنست كأساس لفحصها، ووجدوا أن الكثير من تحفظاته كانت محقة، لكن ليس جميعها. على سبيل المثال، نسب آردنست لكاتس تفسيراً متلاعباً لشهادة امرأة قابلها، وهي من سكان الطنطورة، وأشار في رسالته للجنة بأن “هذا تعبير خطير لاتخاذ مقاربة منحازة”. في المقابل، وجدت اللجنة أن “سياق الحديث الذي ظهرت فيه المقولة، مثلما ظهرت في التسجيلات، يبرر تفسير تيدي”.
“في فحصنا، وقفنا عند أربع حالات ادعى فيها المحامي آردنست ضد تيدي بأن الاقتباسات التي أوردها في الرسالة غائبة من التسجيلات. عثرنا في اثنتين منها على شهادات راسخة تؤيد رواية تيدي. كما عثرنا في تسجيلات تيدي على الأقوال التي اقتبسها في أطروحته. وهناك قد تؤكد مركزية هذا الشاهد أمام إلغائها في ادعاءات آردنست. في الحالة الرابعة، أوضحنا أن المحامي آردنست نفسه فسر بشكل خاطئ أقوال من أجريت معه المقابلة”.
إضافة إلى ذلك، عثر أعضاء اللجنة على “حالة واحدة أهمل فيها تيدي شهادات مهمة كان يمكنها مساعدته على بلورة ادعاءاته. وفي حالة أبو خالد فوزي محمود أحمد طنجي، تبين هذه الشهادات أنه لم يشهد على أخذ عشرات الشباب من تجمع الطنطوريين فحسب، بل شاهدهم قتلى عندما تم أخذه فيما بعد مع الباقين إلى المقبرة. هذه الأقوال لم يطرحها تيدي خطياً عندما قام بوضع قوائمه. ونتيجة لذلك، ثمة توقع بأنه لم تصل إلى الأطروحة”.
هكذا، إذا أعدنا الاقتباسات الأربعة التي احتج على مصداقيتها المحامي آردنست بدون مبرر إلى الصيغة المختصرة التي قمت بإعدادها قبل عشرين سنة، وأضفنا ذلك الجزء من الشهادة التي أبقاها كاتس في الخارج، سيتعزز الاستنتاج بأن هناك ما يكفي من الدلائل على احتلال الطنطورة وذبح سكانها.
الآن جاء ألون شفارتس في فيلم “الطنطورة” وخرق عدة ثغرات في سور النفي الذي بناه قدامى محاربي الكسندروني وآردنست بعمل حثيث. الذين ينفون المذبحة وقفوا أمام عدسة شفارتس واعترفوا بدون ضغط أو إكراه بأن إنكارهم كان كاذباً، وأن مذبحة حقيقية قد وقعت في الطنطورة.