الحلول التقليدية والمؤقتة لم تعد تجدي، وندعو الى تمويل مستدام يبعد الوكالة وبرامجها عن دائرة الخطر
اعتبرت دائرة وكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين انه من غير المنطقي ان تنهمك الاونروا ومعها شعبنا نهاية كل عام في البحث عن حلول "تسكينية" ومؤقتة تخفف تداعيات الازمة المالية لوكالة الغوث، والتي تفاقمت في السنوات الاخيرة، بحيث لم تعد الاونروا قادرة حتى على دفع رواتب موظفيها، الا من خلال الاستدانة عبر قروض من صناديق تابعة لهيئات الامم المتحدة، وهو امر يتكرر للسنة الثالثة على التوالي، ما يطرح اكثر من علامات استفهام حول استمرار هذه المشكلة..
وقالت دائرة وكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية: رغم عديد المناشدات من قبل مسؤولي الاونروا والامم المتحدة بشأن الازمة المالية وتداعياتها، وحاجة اللاجئين الفلسطينيين الماسة الى المساعدات، الا ان الفجوة التمويلية آخذة بالاتساع، والهوة تتسع اكثر واكثر بين حاجات اللاجئين المتزايدة وما تقدمه الدول المانحة، بكل ما يشكله ذلك من خطورة على مستقبل الوكالة التي دخلت دائرة الخطر الفعلي، بحيث لم تعد تجدي صيغ الحلول التقليدية والمؤقتة، وبات الامر يتطلب معالجات جذرية تخرج الاونروا من ازماتها المركبة.. وهو امر عبر عنه مؤخرا المفوض العام بشكل صريح حين قال: أن الوكالة تمر بأزمة وجودية، ليس نتيجة لوجود فجوة كبيرة تقدر بـ 100 مليون دولار في ميزانيتها فحسب، بل لأن نموذج التمويل الخاص بالوكالة قد أثبت أنه يؤدي الى انهيار الوكالة في المستقبل".
واضافت الدائرة: في مراجعة المعطيات الرقمية خلال السنوات الماضية، يبدو واضحا ان هناك من يتحكم بمسار الازمة المالية في الوكالة، زيادة ونقصانا، وبات بحكم اليقين لدى اللاجئين الفلسطينيين ان الاسباب الرئيسية لهذه الازمة تكمن في استجابة مانحين رئيسيين لضغوط مارستها الولايات المتحدة واسرائيل، اللتين اكدتا صراحة سعيهما لضرب الوكالة تحت عناوين شتى، ونجحتا، حتى الآن، في ابقاء الوكالة واللاجئين في قلق دائم، نتيجة استمرار العجز المالي..
واعتبرت دائرة وكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية بأن التذبذب في التمويل خلال السنوات الماضية يعطي انطباعا وكأن الدول المانحة الاساسية تتقصد عدم حل الازمة وابقاء اللاجئين تحت سيف التهديد والخوف والقلق. فحين قطعت الولايات المتحدة الامريكية مساهمتها المالية عام 2018 من قبل ادارة ترامب والبالغة نحو 364 مليون دولار، رفعت العديد من الدول المانحة، اوروبية وغربية، حصتها المالية وهكذا فعلت اربع دول عربية، التي بلغت قيمة مساهماتها في العام 2018 نحو 200 مليون دولار مقارنة بأقل من 25 مليون في العام 2017، مما دفع بالأونروا الى الاعلان انها انهت العام 2018 بصفر عجز أو 21 مليون بالحد الاقصى.. اما خلال العام الحالي، فقد انخفضت مساهمة المملكة المتحدة الى نحو 30 مليون دولار بعد ان وصلت في العام 2020 نحو 57 مليون، كما ان التمويل العربي من اربع دول خليجية انخفض خلال السنوات الثلاث الماضية من 200 مليون دولار عام 2018 الى نحو 20 مليون عام 2021.
وقالت دائرة وكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية: ان ما سبق ذكره يؤكد واحد من ثلاثة احتمالات او جميعها: اما ان مسؤولي وكالة الغوث المعنيين بالتواصل مع الدول المانحة قد فشلوا، وربما عن قصد، في اقناع الدول المانحة بضرورة استمرار التمويل وزيادته، او ان الدول المانحة التي خفضت تمويلها استجابت للمطالب الامريكية والاسرائيلية حول ضرورة الوقف التدرجي للتمويل على طريق الغاء الوكالة، او ان هناك اتفاقا غير معلن بتوزيع الادوار بين الدول المانحة حول قضايا التمويل، ويمكن لأي كان ان يلاحظ انه حين تزيد دولة نسبة مساهمتها المالية تقوم دول اخرى بالتخفيض، وكأن المطلوب هو ان تبقى موازنة الوكالة تعيش ازمة التمويل بشكل دائم...
وأكدت دائرة وكالة الغوث في الجبهة ان صيغ المناشدات والشكاوى واستجداء الدعم الدولي لم تعد تجدي نفعا، نتيجة الفهم المغلوط لدى عدد من الدول المانحة بأن الضغط الاقتصادي على اللاجئين بشكل خاص والشعب الفلسطيني بشكل عام من شأنه ان يساهم في دفع الفلسطينيين للقبول بأية حلول، حتى لو كانت مجتزأة وناقصة ولا تستجيب لحقوقهم الوطنية، وهذا ما يشكل ابتزازا سياسيا وماليا واضحا.. وتوقيع اتفاقية الاطار بين الاونروا والولايات المتحدة احدى نماذج هذا الابتزاز.. لذلك فان الحل الذي تقترحه الاونروا يبقى الحل الجذري للازمة المالية لجهة تكريس التمويل بشكل مستدام ولثلاث سنوات او اكثر، بما يضمن النجاح في تطبيق البرامج والسياسات التي تضعها الوكالة..
ودعت دائرة وكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية الى تغيير نمط التعاطي الرسمي الفلسطيني مع الازمة المالية، لجهة رفع سقف الموقف الفلسطيني امام المجتمع الدولي وتحميله مسؤولية سياساته تجاه اللاجئين الفلسطينيين، ووضع الاستراتيجيات الوطنية على مساحة كل تجمعات الشعب للفلسطيني واطلاق ورشة عمل وطنية، رسمية وفصائلية وشعبية، تقدم المقترحات حول السبل الكفيلة بتنظيم فعاليات وطنية وبحركة شعبية موحدة تؤكد التمسك بالاونروا وخدماتها وتبعث برسالة الى الدول المانحة تحذر من مغبة استمرار سياساتها، ومطالبتها ايضا بتوفير الحماية لوكالة الغوث واعتبارها احدى عناوين الاستقرار في المنطقة..