في ذكرى يوم الأرض الخالد ... معركة الدفاع عن الأرض مستمرة

 

في الثلاثين من آذار من كل عام يحيي شعبنا الفلسطيني ومعه كل أحرار العالم ذكرى يوم الأرض الخالد الذي شكّل عنواناً بارزاً قبل 46 عاماً، عندما هبّ شعبنا الفلسطيني في الداخل المحتل عام 1948 في المثلث والجليل والنقب، ليدافع عن أرضنا الفلسطينية في وجه الاحتلال الذي قام بمصادرة آلاف الدونمات ذات الملكية الخاصة من أرضنا في الداخل المحتل، وقدم في سبيل ذلك ستة شهداء في سخنين وعرابة وكفر كنا والطيبة، ومنذ ذلك اليوم والاحتلال الإسرائيلي لم يتوقف عن نهب الأرض الفلسطينية في الداخل والضفة الغربية المحتلة. إن ما تنفذه حكومة العدو في الضفة بما فيها القدس المحتلة والنقب والجليل الغربي ومصادرة عشرات آلاف الدونمات، هو استمرار لعملية توسع استيطاني إجرامي على حساب شعبنا، تستهدف ضم وتهويد الضفة برمتها بما فيها القدس وكل أراضي فلسطين التاريخية، مستغلة بذلك اتفاقية «أوسلو» التي وقّعت قبل 29 عاماً.

إن اتفاقية أوسلو فتحت شهية الاحتلال على تكثيف الاستيطان بوتيرة أسرع من أي وقت مضى، لدرجة أصبحت فيها التجمعات الفلسطينية الرئيسية مجرد كانتونات محاطة بالمستوطنات، كما أن تصنيف «أوسلو» للأراضي الفلسطينية أبقى حوالي 64% من مساحة الضفة الغربية المصنفة «ج» تحت السيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية، مما أدى إلى استباحتها ومواصلة حكومة الاحتلال نهب الأرض الفلسطينية في طول الضفة وعرضها وإقامة المزيد من المستوطنات وبناء عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية منذ اتفاق أوسلو، وفي جلب الآلاف المؤلفة من غلاة المستوطنين والذين أصبح عددهم يزيد عن ثلاثة أضعاف ما كان عليه الوضع قبل اتفاق أوسلو، كما ازدادت مساحة المخططات الهيكلية للبناء الاستيطاني أكثر من ثمان أضعاف، وعدد الوحدات الاستيطانية تضاعف أربع مرات، هذا بالإضافة إلى شق الطرق الالتفافية خدمة المستوطنين وتنقلاتهم.

ما يقوم به الاحتلال في الضفة عموماً والقدس والأغوار الفلسطينية خاصة، وبشكل ممنهج من نهب للأرض الفلسطينية، هو مواصلة هادئة في تطبيق خطة ترامب المسماة «صفقة القرن» بشكل يخالف كافة قرارات الشرعية الدولية ، بما فيها قرار مجلس الأمن رقم 2334 المتخذ في العام 2016، وأن صمت المجتمع الدولي والأميركي بشكل خاص هو بمثابة إعطاء ضوء أخضر لحكومة الاحتلال لمواصلة سرقة الأرض الفلسطينية، ما يتطلب وقف مراهنة قيادة السلطة و م.ت.ف على الولايات المتحدة والرباعية الدولية التي تهيمن عليها، أو المراهنة على دورها المنحاز وغير النزيه في أي مفاوضات مستقبلية مع حكومة الاحتلال.

إن ما يقوم به المستوطنون من اعتداءات يومية وحشية بحق الشعب الفلسطيني وبحماية قوات الاحتلال، سواء على حياة الفلسطينيين وحرق منازلهم وممتلكاتهم وقطع آلاف أشجار الزيتون سنويًا وتدمير البيئة الفلسطينية والاعتداءات اليومية على المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي والأماكن الأخرى المقدسة الإسلامية والمسيحية وأحياء القدس وخاصة الشيخ جراح في ظل صمت دولي مُريب ، لن يثني شعبنا الفلسطيني وقواه الحية عن مواصلة النضال ضد الاحتلال والاستيطان ومن أجل التحرر الوطني.

إن مقاومة شعبنا للاستيطان وقطعان المستوطنين في القدس وبيتا وكفر قدوم وبرقة والمعصرة ومسافر يطّا والأغوار وفي الشيخ جرّاح وسلفيت والنقب والجليل الغربي وغيرها من المناطق، لهي أكبر دليل على الإرادة والاستعداد الكفاحي العالي للجماهير، التي قدمّت مئات الشهداء وآلاف الجرحى وهي تتصدى لقطعان المستوطنين ولجيش الاحتلال الذي يقوم على حمايتهم، الأمر الذي يتطلب من القيادة الرسمية تطبيق قرارات المجالس الوطنية والمركزية الأخيرة لجهة التحلل النهائي من اتفاق أوسلو ووقف التنسيق الأمني وتعليق الاعتراف بدولة الاحتلال التي وصمتها منظمات حقوق الإنسان وآخرها منظمة العفو الدولية بدولة فصل عنصري «أبرتهايد».

إن السبيل لحماية الأرض الفلسطينية ولنيل حقوقنا الوطنية في الاستقلال الناجز واضح وجلي ويتمثل بـ:

أولاً: إنهاء الانقسام المدمّر واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد، وإعادة توحيد مؤسسات السلطة الفلسطينية في شقي الوطن، وإن مبادرة الجبهة الديمقراطية لاستعادة الوحدة ما زالت مطروحة، كونها المبادرة الواقعية المتوازنة والقابلة للتطبيق إذا ما توفرت الإرادة السياسية عند كافة الفصائل وتم تغليب المصلحة العامة فوق أي اعتبار.

ثانياً: قيام القيادة الرسمية للمنظمة بالالتزام والتطبيق العملي لقرارات المجالس المركزية الفلسطينية المتعاقبة واجتماعات القيادة الفلسطينية والأمناء العامين فيما يخص التحلل النهائي من اتفاق أوسلو ووقف التنسيق الأمني والعمل ببروتوكول باريس وتعليق الاعتراف بدولة الاحتلال.

ثالثًا: الإسراع بتشكيل القيادة الوطنية الموحدة، باعتبارها مركزاً قيادياً موحّداً قادراً على تأطير نضال شعبنا، وتحويل المعارك التي يخوضها من معارك محدودة ومجزأة ومشتتة، إلى انتفاضة شاملة تقود إلى العصيان الوطني الشامل ضد الاحتلال.

بهذا فقط نشعل الأرض تحت أقدام الاحتلال ونجبره ومستوطنيه على الرحيل عن أرضنا الفلسطينية، فالاستيطان إلى زوال مهما طال الزمن، مثلما زال في العديد من البلدان التي خضعت للاستعمار الاستيطاني، وعلى رأسها زوال المستوطنات الفرنسية في الجزائر بعد نضال وثورات وتضحيات جبّارة قدم خلالها الشعب الجزائري أكثر من مليون ونصف شهيد .

 

 

نداء الوطن