منذ أن تأكد اختفاء مئات من طوائف النحل في بعض مناطق المغرب، تزايد القلق وسط العديد من المختصين ومربي النحل، الذين أرجعوا الأمر إلى أسباب مناخية وأخرى مرتبطة بالظروف الصحية للمناحل نفسها.
وكان المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) أكد، نهاية الأسبوع الماضي، أن "اختفاء النحل من المناحل ببعض المناطق هو ظاهرة جديدة".
وأضاف، في بيان نشرته الوكالة المغربية للأنباء، أن "التحريات الأولية استبعدت أن يكون سببها مرض ما"، وأن "النتائج الأولية للزيارات الميدانية المكثفة التي قامت بها الفرق التابعة للمصالح البيطرية الإقليمية لحوالي 23.000 خلية نحل بمختلف العمالات والأقاليم، خلصت إلى أن اختفاء النحل من المناحل ظاهرة جديدة تشمل بعض المناطق بدرجات متفاوتة".
وحسب المصدر نفسه، فإن هذه الظاهرة تُعرف بـ"انهيار خلايا النحل"، و"قد لوحظت أيضا بدول أخرى بأوروبا وأميركا وأفريقيا".
ولفت البيان إلى أن "الأبحاث والدراسات التي تم إجراؤها في هذا الصدد ربطت هذه الظاهرة بوجود أسباب متعددة تتدخل فيها مجموعة من العوامل خاصة منها المرتبطة بالظروف المناخية كقلة التساقطات المطرية، والبيئية كقلة المراعي، والظروف المتعلقة بالحالة الصحية للمناحل والطرق الوقائية المتبعة".
مخاوف المربين
وكان موقع التلفزيون المغربي أفاد الشهر الماضي بتزايد القلق وسط المربين بسبب اختفاء النحل في العديد من مناطق البلاد.
ونقل الموقع مقاطع من تقرير صادر عن نقابة محترفي تربية النحل يؤكد وجود مرض يدعى "تكيس الحضنة"، الذي جرى رصده قبل أشهر وأدى إلى انهيار مئات من خلايا النحل.
ونقل الموقع عن رئيس نقابة محترفي تربية النحل المغرب، الحسن بنبل، قوله إن "هناك من المنتجين من فقد 400 خلية للنحل خلال مدة وجيزة، بعدما تعرضت للانهيار بشكل كامل".
وأوضح أن علاج هذا المرض "يمكن أن يكون متاحا، إذا تم اكتشافه في وقت مبكر، قبل أن ينتشر، بسرعة، إلى باقي خلايا النحل بشكل كامل ويهدد تجديدها".
ظاهرة عادية؟
من جانب آخر، نقل موقع "اليوم 24" المغربي، الأحد، عن نحّال ورئيس تعاونية محلية لإنتاج العسل نواحي كلميم، تأكيده أن "ظاهرة اختفاء وفود النحل هو أمر عاد جدا، وينتج عن أسباب مختلفة من بينها شح المرعى الطبيعي والجفاف".
وتابع أن "أسباب هاته الظاهرة المسماة بالأمازيغية 'أسوفغ' والتي تعني هروب وفود النحل من مناحلها على شكل طرود، وهو أمر عادي جدا ومتوقع (..) ترجع بالأساس إلى الجفاف وقساوة الطقس، ما يدعو النحالة ومربي النحل إلى مراقبة
مناحلهم ورعايتها، والابتعاد عن الأعلاف الكيميائية الغريبة".
انهيار مفاجئ
وأبدى عدد من مربي النحل في المغرب مخاوفهم من استمرار اختفاء طوائفه، وما قد يعقبه من تداعيات على إنتاج العسل، وطالبوا بضرورة الإسراع في البحث عن السبل الكفيلة بالحد من تأثير ذلك على سلسلة تربية النحل بالمملكة.
ويقول عبد الله اجغل رئيس إحدى تعاونيات تربية النحل وإنتاج العسل، إنه لم يسبق له، على مدار 30 عاما من عمله في هذا المجال، معاصرة مثل هذه الظاهرة الغريبة، التي تسببت في أضرار مادية جسيمة لعدد من النحالة في مناطق مختلفة من المغرب.
اجغل، الذي شهدت مناحله موت 300 خلية، يضيف لموقع "سكاي نيوز عربية": "هذه الظاهرة تشبه إلى حد كبير ما يحدث عند تفشي مرض تعفن الحضنة، الذي يسهل التحكم فيه بالاعتماد على أدوية غير مكلفة".
ويتابع مربي النحل: "في انتظار التوصل لأدوية يمكنها أن تساعد في القضاء على هذا المشكل، فإن مربي النحل يلجأون مؤقتا إلى استخدام طرق تقليدية في مواجهة المرض، أثبتت فعاليتها بنسبة حوالي 70 بالمائة".
ويشدد المتحدث الذي تضم تعاونيته أزيد من 4 آلاف خلية، أن استمرار اختفاء طوائف النحل من شأنه التأثير بشكل كبير على إنتاج العسل الطبيعي خلال الموسم المقبل، الذي ينطلق مع حلول شهر أبريل.
ومن جهة أخرى، تشير المستشارة الفلاحية في المركز الوطني للاستشارة الفلاحية مليكة إدمين، إلى أن العواقب الناتجة عن هذه الظاهرة الجديدة لن تقتصر على وثيرة إنتاج العسل فقط، بل ستتعداها لتشمل نظام التلقيح الطبيعي للنباتات، الذي قد ينعكس بشكل خطير على كمية وجودة إنتاج النباتات والأشجار المثمرة.
المصدر: وسائل إعلام مغربية