من الأقرب للعرب : أردوغان أم أوغلو ؟

فاضل المناصفة
تأجل حسم السباق الرئاسي في تركيا الى تاريخ جديد وبهذا سيكون لزاما على العديد من الدول أن تتريث قليلا ريثما تنضح الرؤية ليتم تحديد الموقف الجديد من النظام في تركيا، فكما يرى البعض أن بقاء أردوغان بن يقدم شيئا جديدا في السياسة الخارجية التركية يرى آخرون أن وصول أوغلوا الى السلطة سيدفع الى قراءة جديدة للعلاقات وفرصة ثمينة لحلحلة بعض المشاكل العالقة مع تركيا وهنا نقصد بالتحديد سوريا التي تنتظر بفارغ الصبر قدوم المرشح العلماني للدخول في مرحلة تطبيع سينهي مشكلة اللاجئين والمعارضة والتدخل العسكري الذي نفذه أردوغان .
صحيح أن أردوغان المعروف وتغيير مواقفه السياسية كما يغير جواربه قد مضى بعيدا في سياسة تصفير المشاكل مع العالم العربي ودول الخليج بشكل خاص ووصل الى مرحلة متقدمة جدا في طريق التصالح مع النظام المصري وأبدى استعدادا لفتح صفحة بيضاء مع دمشق، ولكن من يضمن لنا ان لا يقوم أردوغان بانعطافة جديدة في الموقف التركي حيال العديد من القضايا العربية مع احتمال حصول تغيير جديد في الإدارة الأمريكية عام 2024 أو فشل الروس في أوكرانيا وعودة المياه الى مجاريها بين الأمريكان ودول الخليج وفشل محاولة تغيير النظام العالمي الجديد ؟ هل بإمكان مصر أن تضمن بأن أردوغان سيقدم تنازلات في ملف الغاز وملف ليبيا وملف المعارضة؟ خاصة وان النظام السياسي في مصر مقبل على انتخابات رئاسية في 2024، وهل بإمكان أردوغان أن يثبت في موقفه من مسألة عودة العلاقات مع سوريا أم انه سينقلب مرة أخرى في موقفه من الأسد لحسابات أخرى؟ لا أحد يتنبأ بما قد يقع العام القادم في هذا العالم ولا أحد يضمن أن ثبات أردوغان في مواقفه التي تؤكد ان " لا صديق دائم لأردوغان ولا عدو دائم له".
قبل الدخول في السباق الرئاسي كان لكليجدار أوغلوا موقف مغاير تماما للموقف الأردوغاني من نظام بشار وكان على استعداد دائم لفتح عهد جديد من العلاقات مع الجارة الجنوبية يسودها الاحترام المتبادل من منطلق أن عداوة سوريا مع تركيا لن تقدم أي شيء سوى أنها ستضمن بقاء مشكلة اللاجئين عالقة الى اشعار آخر، واللافت أن أوغلو كان ضد أي تدخل عسكري تركي يفضي بانتهاك السيادة السورية ويزيد الوضع تعقيدا ولهذا فان فوزه بالانتخابات في تركيا سيكون اعلانا لنهاية أي عملية عسكرية في الشمال السوري واذا كان أردوغان قد خدل حماس وأقدم على تطبيع علاقاته مع إسرائيل فان هذه الأخيرة تخشى من وصول أوغلوا الى الحكم لان الرجل على استعداد لعودة الخلاف الى المربع الأول وتصفية الحسابات في مسألة السفينة " مرمرة " وأيا كان موقف أوغلوا من تواجد قيادات من حماس على الأراضي التركية فان حصول قطيعة جديدة في العلاقات بين تركيا و تل أبيب سيكون خبرا لمحور المقاومة الإيراني.
من الواضح أن أوغلو يولي في خطابه اهتماما كبيرا بالشأن الداخلي أكثر من الخارجي فالرجل يكرر الحديث دائما على خطة اصلاح ما افسدته حقبة أردوغان وسوء تسيير المال العام ومن عير المستبعد أن تكون أنه في حال وصوله الى السلطة سيسعى الى كسب التأييد الشعبي والحزبي للقيام بإصلاحات دستورية من شانها أن تعكس نظرة العلمانيين في طريقة الحكم ومعايير الديمقراطية وخطة لإصلاح القضاء، لهذا فان العلمانيين سيكتفون بمعركة واحدة وهي معركة الإصلاح الداخلي و سيكونون أكثر اعتدالا في سياساتهم الخارجية ويكتفون فقط بمحاولة تدعيم العلاقات مع المحيط العربي للمصلحة الاقتصادية من باب أنه لا فائدة من دخول البلاد في عداء لا يقدم شيئا على أرض الواقع بل ستكون تكرارا لأخطاء أردوغان .
لقد خدم انقلاب 2016 سلطة أردوغان بعد أن نجت بأعجوبة وسمحت له بالقضاء على الاعلام المعارض واغلاق المئات من المواقع الالكترونية والجرائد التي تغرد خارج السرب، كما سمح له هذا بالقيام بالاستفتاء الدستوري الذي أعطاه الصلاحية للترشح مجددا في هذا السباق الانتخابي الذي نعيشه اليوم، وكانت تلك التعديلات قد أعطت أردوغان صلاحيات " امبراطور " ومكنته من التحكم بشكل أكبر في البلاد وتغلغل نفوده بشكل أعمق في الدولة التركية التي أصبحت شبيهة بالدولة البوليسية ولهذا فانه من الصعب توقع فوز أوغلوا الذي يواجه الخصم والحكم بطريقة ديمقراطية اذ ان اردوغان بإمكانه فعل أي شيء في اللحظة الحاسمة لعدم الخسارة، وأيا كانت النتيجة فان أوغلو قد فاز فوزا معنويا عندما قابل مرشح السلطة الذي يمتلك كل شيء وأجبره على الذهاب الى الجولة الثانية .

 

نداء الوطن