بوح: لمى مطر
يَعدُّ الغول حبلَ مشنقةٍ غليظ بيده أمام عينيك، ثمّ يُجلْسُكَ بين شخوصِ الرواية على متنِ قاربٍ مُهاجر بطريقةٍ غير شرعية باحثاً عن طيفٍ يُسمى "حياة" في بُقعةٍ ما بعيدة عن أرض الوطن حتى وإن سُيجت بالنيران لكنها لن تُضاهي نار بلاد العرب المشؤومة، يدعُك تركض لاهثاً وراء الحقيقة إلى أن تتعثر لاحقاً بتلك المشنقة وينتهي بك الأمر تصرخُ من هول الصدمة.
على ذاتِ القارب المليء بالأصوات، الترقّب، الخوف، الهذيان، الثرثرة، والتطلع لمرفأ آمن؛ يحملُك الغول من منطقةٍ لأخرى (سوريّا، غزّة، السعوديّة، تركيّا، وشيءٌ من اليونان) فيغيرُ تضاريس الحدث وتبقى القضيّة واحدة، وحيثما وليتَ وجهك شطر الدفاع عن قضيتك وحقك -كعربي- تجدُ من يقتصُّ الأمل منك وينتزعُ الطمأنينةَ انتزاعاً إنْ أوشكتْ على المساس بقلبك، فوضى كُتبَ لها أن تولد مع كل عربي، وهي شيءٌ من تأكيد اليقين بتعاسةِ البقعةِ المولود فيها، وغطرسةِ من يعتبرون أنفسهم أصحابُ سلطة.
استخدم الغول لغة سلسة جميلة في سردِ أحداث الرواية ويأخذُكَ بها على محملِ الصدمات أكبرها شيطانُ "هتلر" المجرّد من إنسانيته -باسم حمايةِ الوطن- ولكن ما يلبثُ حالَ المتجبّر أن يدوم إلا وسيلقى عذابه الدنيوي يوماً، كما ويتلاعبُ بالبُعدين المكاني والزماني فيُجسِّرُ بين الشخوص مساراً يلتقون فيه بطريقةٍ مركبة عجيبة.
هذه المرّة الأولى التي أقرأ فيها للغول حيثُ بدأتُ من خطّ النهاية -الحالي- وأصبحتُ على استعدادٍ لركوب القطار بمسارهِ العكسي مُتجهة نحو كتاباته الأولى لأقرأ جنوناً من نوعٍ آخر.