الهجرة الغزية حكاية يرويها العدو قبل الصديق !!!!

 
حينما يتناول الإعلام العبري بشقيه المرئي والمسموع مسألة هجرة الشباب الغزي نحو البلاد الأوروبية والأسيوية تنتابني حالة من الاستغراب ، فقد شهد عام 2018 إقبالاً مخيفاً على الهجرة من كافة شرائح المجتمع الغزي ،وقدرت أعدادهم بالآلاف بحثاً عن فرص عمل وحياة كريمةٌ وآمنة، حيث تجاوزت معدلات البطالة في غزة بين أوساط الشباب 60% وفي صفوف النساء 85% في ظل تدهور إقتصادي غير مسبوق ، وغياب الافق السياسي وعدم وجود رؤية مستقبلية تستند عليها الأجيال الحالية و القادمة ..
الاف الغزيين يتحينون الفرص المناسبة للهجرة سواء بطرق شرعية من خلال الفرص المحدودة المتاحة عبر المعابر أوغير شرعية عبر الأنفاق الممتدة بين قطاع غزة ومصر ومن ثم السفر على متن قوارب الموت الصغيرة ، فقد لاقى العديد من الفلسطينيين حتفهم غرقاً قبل الوصول إلى أى مكان ومنهم من وصل الى البلاد الأوربية لتتم اضافته إلى قائمة اللاجئين الفلسطينيين الجدد، وما زالت مكاتب الهجرة والسفر تستقبل آلاف الطلبات شهرياً. 
ناقش الإعلام الاسرائيلي عمليات الهجرة الغزية الواسعة والأسباب والعوامل التي أدت الى ارتفاع معدلاتها على مدار عشر سنوات الماضية ، وبما أن المؤسسة العسكرية والأمنية تمارس سطوتها على ما يبثه الإعلام الإسرائيلي بأنواعه ،إذن ما الهدف من تركيز إعلام العدوعلى ملف الهجرة الغزي ؟؟؟ربما هى بمثابة رسالة موجهة ليهود الشتات لشد الرحال إلى فلسطين، ولترسيخ مبدأ الهجرة لدى الشباب الغزيين في ظل محاولات زرع بذور الفتنة وتأجيج الصراع الفصائلي من خلال توجيه اتهامات من قبل كل طرف للطرف الأخر معتبراً اياه المتسبب فى هجرة أبناء بلده، علماً بأن الاعلام الاسرائيلي أول من يعلم بقوة وتمسك الشباب الغزى بأرضه ووطنه لذلك استهدف هذه الفئةمن أبناء شعبنا في الحصارومنع وجود فرص تشغيلية لتأمين مستقبلهم على أرضهم , ويحاول الاعلام الاسرائيلي من باب المفاخرة اضفاء صفة الضعف على الشباب الغزي. .
ماذا حل بك يا غزة ؟؟ ولماذا أصبحتِ حكايةً يرويها العدو قبل الصديق ؟؟؟ ففي حين وصلت معدلات الهجرة الوافدة الى الكيان نحو 25 الف قادم سنوياً ، فالقيادة الصهيونية تحرص دوماً على جلب المزيد من يهود العالم الى بلادنا فلسطين،ووصل أول امس 300 يهودي فرنسي مطار اللد ( بن غويون)و293يهودي اوكراني الى الأرض المحتلة ، في حين نشهد توجه الشباب الفلسطيني نحو الهجرة من أرض أباءه وأجداده..
اليهودي البريطاني موشيه مونتيفوري هو أول مَن حاول وضع موطئ قدم لليهود في فلسطين1837م، وتمكن من إنشاء حى يهودي ومستشفي1855م، ووصل عدد اليهود في هذه الفترة 25الف ، أما الان وفي كل عام يتوافد ما يقارب 25الف مهاجر سنوياً نحو الكيان ،تكرار الرقم 25لم يأتي صدفة بل نراه نذير شؤم ونكبة !!!! 
سؤال يطرح نفسه كيف نجحت اسرائيل في رفع معدلات الهجرة إليها منذ قيامها ؟؟ وكيف تحولت غزة من موطن حاضن للحياة إلى مكان مُنفر للعيش بها ؟؟فأين تكمن أسباب النجاح في الأولى وما هى العلة في الثانية ؟؟
أسباب النجاح للإولي :ـــ
كانت إقامة الكيبوتسات (القرى التعاونية ) من أسباب النجاح ،وكانت دغانيا أم الكيبوتسات وهو أول كيبوتس يهودى أُقيم 1909م،وكان الهدف الأساسي من إقامتها هو صناعة مجتمع متجانس قائم على المساواة والمشاركة والحرية ، حيث عملت إدارة الكيبوتسات على تبني نشراللغة العبرية وتعليمها للمهاجرين الجدد لخلق مجتمع واحد، وقدأنجبت العديد من رجال السياسة والعلماء والقادة الإسرائيليين أمثال موشيه ديان وبن غوريون وبيرس وايغال الون وغيرهم،وغدت جزءاً حيوياً شارك في بناء النسيج الإسرائيلي ، فقد تحمل أبناء الكيبوتسات مسئولية وبناء الدولة المزعومة..
- ــ الحياة في الكيبوتس هي أحد أسباب جذب المهاجرين اليهود وغير اليهود، حيث يتم منحهم معونة اقتصادية وخدمات تعليمية وصحية من حكومة الكيان!!!!!!
ــ منشورات الكُتاب الصهاينة ودورهم في وصف الكيبوتسات وتطورها وإنجازاتها أمثال الكاتبة شولاميت وافيغال كارديش شجعت عل الهجرة الى الكيان. 
ــ مشاركة الكيبوتسات بتصنيع جميع المواد الاستهلاكية و المنتجات الزراعية .
ــ نجاح اسرائيل في الزام الكيبوتسات بالرواية الصهيونية رغم إختلاف وتنوع انتماءات أعضائها الحزبية ، فالحياة المشتركة كانت بديلاً للوحدة...
-ـ من مؤشرات النجاح أن بعض المجتمعات حاولت تقليدها أمثال امريكيا الجنوبية !!!!!.
جميع ما سبق هومن أسباب نجاح الصهاينة في جلب يهود العالم وارتفاع معدلات الهجرة الوافدة اليهم.
أما عن أسباب ارتفاع معدلات الهجرة من غزة فهى كالتالى :ــ 
ــ الإنقسام الفلسطيني وتبعاته ومانتج عنه من تدهور اقتصادي غير مسبوق. 
-ـ التحريض المستمر بين الطرفين المتصارعين على السلطة وما تبعه من تهميش واقصاء لمكونات المجتمع الغزي..
-ضعف الخطاب الفلسطيني بشكل عام والغزي بشكل خاص المبني على الوعود الكادبة والشعارات الفارهة.
تفشي الظلم والإستبداد والإستعباد والإستخفاف بالمواطن الغزي وهمومه.
ــفرض الحصار على غزة منذ النصف الثاني لعام2006وتعرض غزة لأربع جولات من الحروب والدمار واستهداف البنية التحتية وإنعدام البيئة الإستثمارية والتشغيلية..
هذه الأسباب وغيرها أدت الى ارتفاع معدلات الهجرة الغزية ، ولكن ما الحل ؟؟؟؟الحل هو حاجتنا الماسة الى إقامة كيبوتسات فلسطينية في القطاع تقوم على الشراكة والحرية والمساواة والإخوة ، ربما تخرج لنا قيادات تساعد في بناء الدولة الفلسطينية وتنجب أجيالًا قادرة على العطاء والاستمرار في قطاعنا الحبيب .
بقلم غادة عايش خضر 
 

 

نداء الوطن