بعض ما جاء بالقرءان الكريم والسنه النبويه الشريفه حول وصف نعيم الجنه

سهيلة عمر

سهيلة عمر

1. خلق الجنة:

الجنة مخلوقة، وقد دل على ذلك قوله تعالى: و"َلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (14) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (15)" [النجم: 13- 15] .

وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم الجنة ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك في قصة الإسراء وفي آخره قال: (ثمّ انطلق بي جبريل حتّى نأتي سدرة المنتهى. فغشيها ألوان لا أدري ما هي قال ثمّ أدخلت الجنّة فإذا فيها جنابذ اللّؤلؤ، وإذا ترابها المسك)

سدرة المنتهى: قيل هي شجرة نبق في السماء السابعة عن يمين العرش. و الجنابذ: جمع جنبذ بضم الجيم والباء، وهو البناء المرتفع المستدير.

 

2. التهيئة لدخول الجنة:

بعد أن يجتاز المؤمنون الصراط يوقفون على قنطرة بين الجنة والنار، ثم يهذبون وينقون، وذلك بأن يقتص بعضهم من بعض إذا كانت بينهم مظالم في الدنيا. حتى إذا دخلوا الجنة كانوا أطهارا أبرارا، ليس لأحد عند الآخر مظلمة، ولا يطلب بعضهم بعضا بشيء.

روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يخلص المؤمنون من النّار فيحبسون على قنطرة بين الجنّة والنّار فيقصّ لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدّنيا. حتّى إذا هذّبوا ونقّوا أذن لهم في دخول الجنّة. فو الّذي نفس محمّد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنّة منه بمنزله كان في الدّنيا)

وقال تعالى: وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (47) [الحجر: 47] .

 

3. سوق وفد الرحمن إلى الجنة:

قال تعالى: "وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً" [الزمر: 73] .

وقال تعالى: "يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (85)" [مريم: 85] .

قال ابن عباس وفدا: ركبانا .

ونقل الطبري في تفسيره عن الإمام علي رضي الله عنه أنه قال: (أما والله ما يحشر الوفد على أرجلهم- ولكنهم يأتون بنوق لم ير الخلائق مثلها، عليها رحال الذهب وأزمتها الزبرجد. ويركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة) .

 

4. ريح الجنة:

ويسير وفد الرحمن إلى الجنة زمرا، فيجدون رائحة الجنة العبقة الزكية التي تفوح من مسيرة سبعين عاما. فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( ... وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاما)

 

5. أبواب الجنة:

ويصل وفد الرحمن إلى أبواب الجنة، فينتهي ما سلف في الأيام الخالية من تعب ومكابدة وصبر ومصابرة وحساب وعرض، فيروا أبواب الجنة الثمانية.

قال تعالى: "جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ (50)" [ص: 50] .

قال تعالى: "وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)" [الرعد: 23- 24] .

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (في الجنّة ثمانية أبواب. فيها باب يسمّى الرّيّان لا يدخله إلا الصّائمون).

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد يتوضّأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثمّ يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمّدا عبد الله ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنّة الثّمانية يدخل من أيّها شاء).

وأبواب الجنة الثمانية لها مصاريع عظيمة، وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم ما بين مصراعيها بقوله: (والّذي نفس محمّد بيده إنّ ما بين المصراعين من مصاريع الجنّة لكما بين مكّة وهجر أو كما بين مكّة وبصرى.)

والباب الأيمن من أبواب الجنة خاص بالذين يدخلون الجنة بغير حساب من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( ... فأقول أمّتي يا ربّ أمّتي يا ربّ أمّتي يا ربّ. فيقال يا محمّد أدخل من أمّتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنّة وهم شركاء النّاس فيما سوى ذلك من الأبواب ... ).

 

6. أول من يدخل الجنة:

ويصل وفد الرحمن إلى أبواب الجنة، ويحين دخولهم إليها، فيستفتح سيد الخلائق صلى الله عليه وسلم، ويقرع باب الجنة، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: (آتي باب الجنّة يوم القيامة فأستفتح، فيقول الخازن من أنت فأقول محمّد، فيقول بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك) .

فتفتح أبواب الجنة لوفد الرحمن، قال تعالى: "حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ" [الزمر: 73] .

يكون سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم أول الداخلين إلى الجنة وأمته أول الأمم دخولا. قال صلى الله عليه وآله وسلم: (نحن الآخرون الأوّلون يوم القيامة ونحن أوّل من يدخل الجنّة ... )

ويتقدم أمة محمد صلى الله عليه وسلم السبعون الألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب. قال صلى الله عليه وآله وسلم: (عرضت عليّ الأمم. فأخذ النّبيّ يمرّ معه الأمّة والنّبيّ يمرّ معه النّفر والنّبيّ يمرّ معه العشرة والنّبيّ يمرّ معه الخمسة والنّبيّ يمرّ وحده. فنظرت فإذا سواد كثير. قلت يا جبريل هؤلاء أمّتي. قال لا ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد كثير. قال هؤلاء أمّتك وهؤلاء سبعون ألفا قدّامهم لا حساب عليهم ولا عذاب. قلت ولم؟، قال كانوا لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيّرون وعلى ربّهم يتوكّلون. فقام إليه عكّاشة بن محصن فقال ادع الله أن يجعلني منهم قال اللهمّ اجعله منهم. ثمّ قام إليه رجل آخر قال ادع الله أن يجعلني منهم، قال: سبقك بها عكّاشة).

وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم صورة أول زمرة تدخل الجنة بقوله صلى الله عليه وسلم: (أوّل زمرة تلج الجنّة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها ولا يمتخطون ولا يتغوّطون، آنيتهم فيها الذّهب، أمشاطهم من الذّهب والفضّة، ومجامرهم الألوّة، ورشحهم المسك، ولكلّ واحد منهم زوجتان يرى مخّ سوقهما من وراء اللّحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم قلب واحد يسبّحون الله بكرة وعشيّا) .

مجامرهم: مباخرهم. الألوة: عود يتبخر به. الرشح: العرق.

 

7. استقبال الملائكة:

تستقبل الملائكة وفد الرحمن بعد أن فتحت الأبواب بالتسليم والتبشير لهم بالحياة الطيبة، والخلود في الجنة، قال تعالى: "حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (73)" [الزمر: 73] .

وتتلقاهم الملائكة وتبشرهم وتهنئهم بأنهم قد وجدوا ما كان يعدهم ربهم به في الدنيا من الثواب والنعيم.

قال تعالى: "وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ." [الأنبياء: 103] .

 

8. ما يضيفون به عند دخولهم:

ويكرم الله سبحانه وتعالى وفده بهدية هي زيادة كبد الحوت، ثم ينحر لهم ثور الجنة، ويشربون من عين سلسبيل.

قال صلى الله عليه وسلم عندما سأله حبر من أحبار اليهود عن تحفة أهل الجنة إذا دخلوها. فقال: زيادة كبد النّون. قال فما غذاؤهم على إثرها؟ قال ينحر لهم ثورا الجنّة الّذي كان يأكل من أطرافها. قال فما شرابهم عليه؟ قال من عين فيها تسمّى سلسبيلا.

النون: الحوت.

 

9.اهتداؤهم إلى منازلهم:

ويهتدي وفد الرحمن إلى بيوتهم ومساكنهم بعد إتحاف الله لهم بزيادة كبد الحوت. فلا يخطئون في الوصول إليها، بل هم أهدى إليها من مساكنهم التي كانت في الدنيا.

قال تعالى: و"َيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ (6)" [محمد: 6] .

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ... فو الّذي نفس محمّد بيده لأحدهم بمسكنه في الجنّة أدلّ بمنزله كان في الدّنيا)

 

10. درجات الجنة:

فالجنة درجات، بعضها فوق بعض، وأهلها متفاوتون فيها بحسب منازلهم فيها.

قال تعالى: "وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (75)" [طه: 75] .

وينظرون إلى المائة درجة التي وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: ( ... في الجنّة مائة درجة ما بين كلّ درجتين كما بين الأرض والسّماء. والفردوس أعلاها درجة ومنها تفجّر أنهار الجنّة الأربعة. ومن فوقها يكون العرش. فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس).

وقال: (إنّ أهل الجنّة يتراؤن أهل الغرف من فوقهم كما يتراؤن الكوكب الدّرّيّ الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم. قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم. قال بلى والّذي نفسي بيده. رجال آمنوا بالله وصدّقوا المرسلين).

ويمكن لكل أحد أن يرتقي في هذه الدرجات بعمله الصالح وبدعاء واستغفار ولده الصالح له بعد موته. فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنّ الله عزّ وجلّ ليرفع الدّرجة للعبد الصّالح في الجنّة. فيقول يا ربّ أنّي لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك). وفي رواية: (بدعاء ولدك لك).

 

11. أعلى منزلة في الجنة:

هي الوسيلة التي كان يسألها المؤمنون لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا سمعتم المؤذّن فقولوا مثل ما يقول ثمّ صلّوا عليّ فإنّه من صلّى عليّ صلاة صلّى الله عليه بها عشرا. ثمّ سلوا الله لي الوسيلة فإنّها منزلة في الجنّة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله. وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلّت له الشّفاعة) .

وقد سأل الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم قائلين: وما الوسيلة؟ (قال أعلى درجة في الجنّة ... ) .

 

12. لبنات الجنة:

وينظرون إلى بناء الجنة الذي قال عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه: (لبنة من فضة ولبنة من ذهب ... ) .

ويشاهدون ملاطها الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم: (وملاطها المسك الأذفر).

ملاطها: ما يوضع بين الأحجار في البناء.

 

13. تربة الجنة وطينتها وحصباؤها:

وإذا نظر أهل الجنة إلى أرض الجنة التي يمشون عليها فإذا هي كما وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (أدخلت الجنّة فإذا فيها جنابذ اللّؤلؤ وإذا ترابها المسك).

وبين الرسول أن تربتها كالدقيق الخالص البياض، فقال: (درمكة بيضاء مسك خالص) .

وقال صلى الله عليه وسلم: (وملاطها المسك الأذفر. وحصباؤها اللّؤلؤ والياقوت) .

معنى جنابذ في القاموس :"الجُنْبُذَةُ، بالضم: ما ارتفع من الشيء واستدار كالقبة". الأذفر: الطيب الريح. الدرمكة: هي الدقيق الخالص البياض.

 

14. مساكن الجنة:

ويطلع أهل الجنة على ما بني لهم في الجنة من مساكن طيبة حسنة كما قال تعالى: "وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ [التوبة: 72]" تحيط بها الحدائق الغدقة والبساتين النضرة التي فيها من كل الثمرات، وأشجارها دائمة الثمر والظل يحيط بالمساكن التي تجري من تحتها الأنهار، والتي لا يسمع فيها لغو ولا تأثيم، وليس فيها نصب ولا صخب، فيشاهد أهل الجنة ما وصف الله ورسوله لهم.

 

15. غرف الجنة:

قال تعالى: "لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعادَ (20)" [الزمر: 20]" .

 

16. قصور الجنة:

وتظهر قصور الجنة الذهبية التي يذهب رونقها وجمالها كل جمال ورونق لقصور الدنيا التي كان يتباهى بها أهلها. تلك القصور التي جعلها سبحانه وتعالى لمن أطاعه.

قال تعالى: "تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (10)" [الفرقان: 10] .

 

17.خيام الجنة:

النفس البشرية تشتهي التنويع والتغيير، فتشتهي ألا تبقى على مسكن واحد، بل تريد أن تدخل البيوت والقصور والخيام،. ومن ذلك الخيام التي وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (إنّ للمؤمن في الجنّة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوّفة طولها ستّون ميلا للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا) .

 

18. أنهار الجنة:

فقال سبحانه: "وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ (25)"

وقال تعالى: "أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (31)" [الكهف: 31]

وهذا نهر الكوثر الذي أعطاه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، فقال سبحانه: "إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ" .

وقد رآه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وحدثنا عنه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (بينما أنا أسير في الجنّة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدّرّ المجوّف، قلت ما هذا يا جبريل، قال هذا الكوثر الّذي أعطاك ربّك فإذا طينه مسك أذفر).

وهذه أنهار الجنة الأربعة من الماء واللبن والخمر والعسل المصفى، قال: "مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ (15)" [محمد: 15] .

وهذه الأنهار تنشق من بحر العسل والخمر والماء واللبن.

ففي سنن الترمذي بإسناد صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنّ في الجنّة بحر الماء وبحر العسل وبحر اللّبن وبحر الخمر ثمّ تشقّق الأنهار بعد) .

 

19. عيون الجنة:

وانظر أخي المؤمن إلى عيون الجنة الكثيرة النضاخة المختلفة الطعوم والمشارب كعين الكافور والتسنيم والسلسبيل التي يشرب منها المقربون.

قال تعالى: "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) "[الذاريات: 15] .

وقال تعالى: إ"ِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً (5) عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً (6)" [الإنسان: 5- 6] .

وقال تعالى: "وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا (17) عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18) "[الإنسان: 17- 18] .

وقال تعالى: "وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)" [المطففين: 27: 28] .

 

20. أشجار الجنة وثمارها:

وقد زين الله الجنة بأنواع الأشجار والثمار اليانعة والروضات المتفتحة التي تدخل السرور والحبور. قال تعالى: "فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ" [الروم: 15]

وقد أخبرنا الحق أن في الجنة أشجار العنب والنخل والرمان، كما فيها أشجار السدر والطلح. قال تعالى: "إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (31) حَدائِقَ وَأَعْناباً (32)" [النبأ: 31: 32] .

وقال تعالى: "وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29)" [الواقعة: 27- 29] .

السدر: هو شجر النبق الشائك لكنه في الجنة منزوع شوكه. والطلح: شجر من أشجار الحجاز من نوع العضاه فيه شوك لكنه في الجنة منضود معد للتناول بلا كدّ ولا مشقه

وفي الجنة من أنواع الثمار والنعيم كل ما تشتهيه النفوس وتلذ العيون. قال تعالى: "مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ (51)" [ص: 51] .

وقال تعالى: "وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20)" [الواقعة: 20] .

وقال تعالى: "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (41)" [المرسلات: 41] .

وأشجار الجنة دائمة العطاء. قال تعالى: "مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ (35)"

قال تعالى: "وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (33)"

ومن لطائف ما يجده أهل الجنة عند ما تأتيهم ثمارها أنهم يجدونها تتشابه في المظهر، ولكنها تختلف في المخبر. قال تعالى: "كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ" [البقرة: 25] .

وثمار أشجار الجنة قريبة دانية مذلّله ينالها أهل الجنة بيسر وسهوله. قال تعالى: "وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ" [الرحمن: 54] .

ومن أشجار الجنة: أشجار الريحان الفائحة التي قال عنها الله تبارك وتعالى: "فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89)" [الواقعة:88- 89]

والمؤمن يكثر من غرس أشجار جنته بكثرة التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال يا محمّد أقرئ أمّتك منّي السّلام وأخبرهم أنّ الجنّة طيّبة التّربة عذبة الماء وأنّها قيعان وأنّ غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) .

 

21. سوق الجنة:

يخلق الله سبحانه وتعالى سوقا يغشاه أهل الجنة إتماما للإنعام في دار النعيم. فهذا الإمام مسلم يخرج لنا حديث السوق عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنّ في الجنّة لسوقا يأتونها كلّ جمعة فتهبّ ريح الشّمال فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسنا وجمالا فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا فيقول لهم أهلوهم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا فيقولون وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا) .

 

22. سير المؤمن إلى ملكه:

بعد أن طفنا مع أهل الجنة في أوصاف الجنة، آن الأوان أن نسير مع ملك من ملوكها لنرى ما أعده الله له من النعيم الذي قال الله تعالى عنه: "وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (20)" [الإنسان: 20] .

ويرتقي أهل الجنة في الجنة إلى منازلهم بحسب أعمالهم.

 

23. صفات أهل الجنة وحليهم ولباسهم:

تتغير هيئة أهل الجنة، ويصبح طول أحدهم ستين ذراعا. قال صلى الله عليه وسلم: (خلق الله آدم وطوله ستّون ذراعا ... فكلّ من يدخل الجنّة على صورة آدم) .

وتكون سنهم ثلاثا وثلاثين سنة، لا تزيد أبدا. قال صلى الله عليه وسلم: (يدخل أهل الجنّة الجنّة جردا مردا بيضا جعادا مكحّلين أبناء ثلاث وثلاثين على خلق آدم ستّون ذراعا)

الأجرد: الذي ليس على بدنه شعر. الأمرد: الذي لا شعر في ذقنه، ويراد به الحسن. جعادا: أن شعر رأسهم قصير مجتمع.

ويتزين المؤمنون في الجنة بأنواع الحلي من الذهب والفضة واللؤلؤ. قال تعالى: "وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (12)" [الإنسان: 12] .

قال تعالى: "يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (23)" [الحج: 23]

ومن حليهم أساور الذهب والفضة واللؤلؤ.

قال الله تعالى: "وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً."[الإنسان: 21] .

ومن ألوان الثياب التي يلبسها المؤمنون في الجنة: الخضر من السندس والإستبرق.

قال تعالى: "وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً" [الكهف: 31] .

السندس: هو رفيع الحرير كالقمصان ونحوها مما يلي أبدانهم. الإستبرق: ما فيه بريق ولمعان وهو مما يلي الظاهر، كما هو المعهود في اللباس.

وقال تعالى: "عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ. وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (21)" [الإنسان: 21] وثياب أهل الجنة لا تبلى، قال صلى الله عليه وسلم: (من يدخل الجنّة ينعم لا يبأس، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه).

ومن حلي أهل الجنة التيجان. فقد ذكر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الخصال التي يعطاها الشهيد، فقال: (ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدّنيا وما فيها ... ) .

وأخبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: أن لأهل الجنة أمشاطا من الذهب وأنهم يتبخرون بعود الطيب. فقال: (وأمشاطهم الذّهب ووقود مجامرهم الألوّة) .

مجامرهم: مباخرهم. الألوة: عود يتبخر به.

 

24. نساء أهل الجنة:

الزوجات في الجنة من النعيم الذي تتم به نعمة أهل الجنة، وكذلك الحال بالنسبة للمرأة المؤمنة في الجنة تتم نعمتها وسعادتها بالزوج، وإذا أدخل المؤمن الجنة ودخلت معه زوجته الصالحة، فإنها تكون زوجته فيها أيضا.

قال تعالى: ""جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (23)" [الرعد: 23] .

ويعيش المؤمن مع أزواجه في الجنة حياة سرور ونعيم. قال تعالى: "هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (56)" [يس: 56] .

وقال تعالى: "ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70)" [الزخرف: 70] .

ويزوج الله المؤمن في الجنة بزوجات من الحور العين .

قال تعالى: "كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ" (54) [الدخان: 54] .

وصف القرآن الكريم زوجات المؤمنين في الجنة. فوصف جمالهن. فقال "وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23)" [الواقعة: 22: 23] .

والحوراء: هي التي يكون بياض عينها شديد البياض وسواده شديد السواد والعيناء هي واسعة العين.

الْمَكْنُونِ الذي لم يغير صفاء لونه ضوء الشمس، ولا عبث الأيدي. وشبههن في موضع آخر بالياقوت والمرجان. فقال تعالى: "فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (58)" [الرحمن: 56- 58] .

ووصف أعمارهن المتساوية. فقال تعالى: وَكَواعِبَ أَتْراباً (33) .[النبأ: 33] .

والكواعب جمع كاعبة، وهي المرأة الجميلة التي برز ثديها. والأتراب المتقاربات في السن.

ووصفهن بأنهن قاصرات الطرف على أزواجهن. قال تعالى: "حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (72)" [الرحمن: 72] .

وقال تعالى "وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48)" [الصافات: 48]

ونساء الجنة لسن كنساء الدنيا، فإنهن مطهرات. قال تعالى: "وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ" [البقرة: 25] .

ووصف الله سبحانه الزوجات في الجنة بأنهن أبكار:

قال تعالى: "إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (35) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (36)" [الواقعة: 35- 36] .

وقال تعالى: "َلمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (74)" [الرحمن: 74] .

 

25. خدم أهل الجنة:

أكرم الله أهل الجنة بولدان ينشئهم ليخدموهم وهم في غاية الجمال.

قال تعالى: "وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً" [الإنسان: 19] .

وقال تعالى: "يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18)" [الواقعة: 17- 18] .

قال أبو عبيده والفراء: "مخلدون لا يهرمون ولا يتغيرون" .

 

26. آنية أهل الجنة:

آنية طعام أهل الجنة التي يأكلون ويشربون فيها من الذهب والفضة. قال تعالى: يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ [الزخرف: 71] .

أي وأكواب من ذهب. وقال تعالى أيضا: "وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا (15) قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً (16)" [الإنسان: 16- 15] .

قال تعالى: "يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ" [الواقعة: 17- 18] .

الكوب: مالا أذن معه ولا عروة ولا خرطوم. والأباريق: ذوات الآذان والعرى. والكأس: القدح الذي فيه الشراب.

 

27. فرش الجنة:

أعدت قصور الجنة وأماكن الجلوس في حدائقها وبساتينها بألوان فاخرة رائعة من الفرش للجلوس والاتكاء ونحو ذلك. فالسرر كثيرة راقية، والفرش عظيمة القدر بطائنها من الإستبرق، فما بالك بظاهرها. وهناك ترى النمارق مصفوفة على نحو يسر الخاطر، ويبهج النفس، والزرابي مبثوثة على شكل منسق تكامل.

قال تعالى: "فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16)" [الغاشية: 13- 16] .

وقال تعالى: "مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (54)" .[الرحمن: 54] .

وقال تعالى: "مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20)" .[الطور: 20] .

وقال تعالى أيضا: "ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ (16)" [الواقعة: 13- 16] .

وقال تعالى: "وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (47)" [الحجر: 46] .

 

28. التزاور في الجنة:

أهل الجنة يزور بعضهم بعضا، ويجتمعون في مجالس طيبة، يتحدثون عما كان منهم في الدنيا وما أنعم الله عليهم من دخول الجنة.

قال تعالى: "وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (25) قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)" [الطور: 25- 28] .

وقال تعالى: "وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (47)" [الحجر: 47] .

 

29. ورضوان من الله أكبر:

أفضل ما يعطاه أهل الجنة رضوان الله والنظر إلى وجهه الكريم:

قال: "جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)" [البينة: 8] .

وقال تعالى: "وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)" [التوبة: 72] .

وقال تعالى: "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (22) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (23)" .[القيامة: 22- 23] .

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنّ الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنّة يا أهل الجنّة فيقولون لبّيك ربّنا وسعديك فيقول هل رضيتم فيقولون وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول أنا أعطيكم أفضل من ذلك قالوا يا ربّ وأيّ شيء أفضل من ذلك فيقول أحلّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا) .

أهل الجنة في أمان تام من كل منغصات النعم، فهم في مقام أمين آمنون من كل خوف. قال تعالى: "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) ." [الدخان: 51- 52] .

قال تعالى: "لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (56)" [الدخان: 56] .

كما أنهم في صحة وشباب آمنون من كل مرض وهرم، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (ينادي مناد إنّ لكم أن تصحّوا فلا تسقموا أبدا، وإنّ لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإنّ لكم أن تشبّوا فلا تهرموا أبدا، وإنّ لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا).

 

30. آخر دعوى أهل الجنة:

قال تعالى: إ"ِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (10)" [يونس: 9- 10] .

 

 

نداء الوطن