الحزب الشيوعي الصيني والهدف دائماً نحو المستقبل

محمـد علوش 

 

ان اختتام الدورة الكاملة السادسة للجنة المركزية التاسعة عشرة للحزب الشيوعي الصيني بنجاح كبير بعد اجراء مراجعات شاملة وقراءات معمقة في مسيرة الحزب وتوجهاته خلال المرحلة السابقة ، والقرار الشجاع بتحديد موعد المؤتمر العام الـ 20 في النصف الثاني من العام القادم تشكل اجراءات عملية تعزز من دور وحيوية الحزب القائد لجمهورية الصين الشعبية .

تزامن هذا النجاح الباهر الى جانب سلسلة الفعاليات المتميزة للاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني ، والجهود الكبيرة لإنجاز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل في الصين ، والسير بشكل مفعم بالحماسة والنشاط في مسيرة جديدة للتقدم والابداع نحو أهداف الكفاح عند حلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية ، وبناء الدولة الاشتراكية الحديثة على نحو شامل في ظل الظروف التاريخية لمضي مائة عام على تأسيس هذا الحزب ، والتمسك بالاشتراكية ذات الخصائص الصينية وتطويرها في العصر الجديد ؛ وترسيخ الثقة الذاتية بطريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية ونظريتها ونظامها وثقافتها ، والتمسك بوجهة النظرة المادية التاريخية ، ووجهة النظر الصحيحة لهذا التاريخ والمسيرة ، ومواصلة النجاح في المستقبل ، وبلوغ الغاية الأصلية وأداء الرسالة على نحو أكثر ثباتاً ووعياً والتمسك بالاشتراكية ذات الخصائص الصينية وتطويرها في العصر الجديد بصورة أفضل.

لقد تغلب الحزب الشيوعي الصيني على كل الصعاب خلال فترة الثورة الديمقراطية الجديدة ، وخاض معارك النضال ضد الإمبريالية والإقطاعية والرأسمالية البيروقراطية ، لنيل الاستقلال الوطني والتحرر الشعبي ، وذلك لخلق ظروف مجتمعية أساسية من أجل تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية ، وفي مسيرة النضال الثوري ، كان الشيوعيون الصينيون بزعامة الرفيق " ماو تسي تونغ " ، عن طريق دمج المبادئ الأساسية للماركسية - اللينينية مع الواقع الملموس الصيني ، وقد لخصوا نظرياً سلسلة الخبرات المبتكرة المتراكمة بعد استكشافات شاقة وبذل تضحيات جسام ، وشقوا طريقاً ثورياً صحيحاً أعطى نتائجه العظيمة لعموم الشعب الصيني ، مما خلق منجزات عظيمة للثورة الديمقراطية الجديدة ، وأسس جمهورية الصين الشعبية ، وحقق الاستقلال الوطني والتحرر الشعبي ، ووضع حداً نهائياً لتاريخ المجتمع شبه المُستعمَر وشبه الإقطاعي في الصين القديمة والتاريخ الذي كانت فيه الأقلية الضئيلة من المستغِّلين تحكم الجموع الغفيرة من أبناء الشعب الكادح ، وألغى بشكل تام المعاهدات غير المتكافئة التي فرضتها القوى الكبرى على الصين وكافة الامتيازات الإمبريالية في الصين ، وحقق القفزة العظيمة للصين من سياسة الاستبداد الإقطاعي التي دامت آلاف السنين إلى الديمقراطية الشعبية ، وغيّر النمط السياسي العالمي إلى أقصى حد ، وشجع نضال الأمم والشعوب المضطهَدة في العالم كله من أجل التحرر ، وبنضالهما الباسل ، أعلن الحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني بمهابة أمام العالم أن الشعب الصيني قد نهض منذ ذلك الحين ، وأن العهد الذي كانت فيه الأمة الصينية تحت رحمة الآخرين وعُرضة لشتى ضروب الإهانة والإذلال قد مضى بلا رجعة ، وأن عهداً جديداً للتنمية الصينية قد بدأ.

لقد أبدع الحزب الشيوعي الصيني في المرحلة الجديدة من الإصلاح والانفتاح وبناء التحديث الاشتراكي ، ومواصلة استكشاف الطريق السديد لبناء الاشتراكية في الصين ، وتحرير وتطوير القوى الاجتماعية المنتجة وتخليص أبناء الشعب من الفقر وتمكينهم من الثراء في أسرع وقت ممكن ، وذلك لتوفير الضمان المؤسسي المفعم بالحيوية المتجددة وتهيئة الظروف المادية للتنمية السريعة من أجل تحقيق النهضة.

وان الشيوعية الصينية بزعامة الرفيق " شي جين بينغ " التزمت بشكل مذهل بالدمج بين المبادئ الأساسية للماركسية والواقع الملموس الصيني والثقافة التقليدية الصينية ، وتمسكت بأفكار "ماو تسي تونغ" ، ونظرية " دنغ شياو بينغ " ، وأفكار "التمثيلات الثلاثة" الهامة ، ومفهوم التنمية العلمية ، حيث استخلصت بعمق الخبرات التاريخية منذ تأسيس الحزب ، واستفادت منها بصورة مستفيضة ، وانطلقت من الواقع الصيني الجديد ، وبلورت أفكار " شي جين بينغ " حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد .

ان هذه العبقرية يجب التمسك بها وتطويرها والبحث دائماً عن كيفية التمسك بها وتطويرها في العصر الجديد ، ومن هذا المنطلق نشيد بروح المبادرة العظيمة في كل الفترات التاريخية وبالشجاعة السياسية الجبارة والإحساس القوي بتحمل المسؤولية من قبل الحزب الشيوعي الصيني ، تأخذ النوعين المحلي والدولي من الوضع العام بعين الاعتبار ، وتطبق نظرية الحزب الأساسية وخطّه الأساسي وبرنامجه الشامل الأساسي ، والتخطط بشكل شامل لتحقيق منجزات تاريخية وإحداث تغييرات تاريخية فيها.

هذا هو الحزب الشيوعي الصيني الذي نجح نجاحاً كبيراً في اكتمال المنظومة المؤسسية لقيادة الحزب باستمرار ، فأصبح أسلوب قيادة الحزب أكثر علمية ورافعة لديمومته وتقدميته ، وتحول الحزب كله إلى أكثر وحدة في الفكر، وأكثر تضامناً في السياسة ، وأكثر اتفاقاً في العمل ، وتعززت قدرة الحزب على القيادة السياسية والتوجيه الفكري وتنظيم الجماهير والجاذبية الاجتماعية بشكل ملحوظ ، وتعززت قدرة الحزب على التنقية الذاتية والتكميل الذاتي والتجديد الذاتي والترقية الذاتية بصورة واضحة ، وتغير وضع التسامح والتراخي والجدية في إدارة الحزب لشؤونه وأعضائه بشكل جذري ، وتحقق انتصار ساحق في مكافحة الفساد وتوطدت نتائجه بشكل شامل ، وصار الحزب أكثر قوة من خلال الصقل الثوري ، يمضى واثقاً في البناء الاقتصادي نحو ملموس من حيث التوازن والتناسق والاستدامة ، فقفزت القوة الاقتصادية والقوة العلمية والتكنولوجية والقوة الوطنية الشاملة للصين إلى درجة جديدة ، وتخطى الاقتصاد الصيني في طريق التنمية الأعلى جودة وفعالية والأكثر عدالة واستدامة وسلامة ، وفي صدد تعميق الإصلاح والانفتاح على نحو شامل ، واصل الحزب دفع تعميق الإصلاح الشامل ليتقدم إلى الأمام أفقيا ورأسيا ، مما جعل نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية أكثر نضوجاً وتبلوراً ، وتحسن مستوى تحديث نظام حكم الدولة والقدرة على حكمها باطراد ، وانبعثت في قضايا الحزب والدولة حيوية جديدة ، وفي صدد البناء السياسي ، طُورت الديمقراطية الشعبية بعملياتها الكاملة بنشاط ، وتقدمت إلى الأمام السياسة الديمقراطية الاشتراكية في مأسستها ومعايرتها وبرمجتها على نحو شامل ، وشهد النظام السياسي للاشتراكية ذات الخصائص الصينية إظهاراً أفضل لمزاياه المتفوقة ، وتوطد وتطور الوضع السياسي الزاخر بالحيوية والنشاط والاستقرار والتضامن.

لقد غيّر كفاح الحزب الممتد لمائة عام بشكل جذري مستقبل ومصير الشعب الصيني ، وتخلص الشعب الصيني تماماً من معاناته من الظلم والاضطهاد والاستعباد ، وأصبح سيداً للدولة والمجتمع ولمصير نفسه ، وتحولت تطلعاته لحياة سعيدة إلى حقائق واقعية باستمرار ؛ وقد شق كفاح الحزب الممتد لمائة عام الطريق الصائب لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية ، وتمكنت الصين خلال عقود قليلة فقط من إكمال مسيرة التصنيع التي أمضت البلدان المتقدمة عدة قرون لإنجازها ، وخلقت معجزتين عظيمتين هما : التنمية الاقتصادية السريعة والاستقرار الاجتماعي الطويل الأجل ؛ وقد بيّن كفاح الحزب الممتد لمائة عام حيوية عظيمة للماركسية ، وفي الصين لاقت طبيعتها العلمية وحقيقتها اختباراً كافياً ، وعرفت طبيعتها الشعبية والتطبيقية ممارسة تامة ، ونالت طبيعتها المفتوحة والعصرية إبرازاً بصورة مستفيضة ؛ وقد ترك كفاح الحزب تأثيره العميق في مسيرة التاريخ العالمي ، ونجح في قيادة الشعب لسلك طريق تحديث ذي أسلوب صيني ، وابتكار شكل جديد من الحضارات البشرية ، وتوسيع سبل توجه الدول النامية تجاه التحديث ؛ وقد صقل كفاح الحزب الممتد لمائة عام الحزبَ الشيوعي الصيني الذي يسير في مقدمة العصر دائماً ، وكوّن نظام توارث الروح الذي يعتبر روح تأسيس الحزب العظيمة مصدره ، ومكّنه من المحافظة على تقدميته ونقائه ، وتحسين قدرته على ممارسة السلطة ومستواه في القيادة باستمرار ، فالحزب الشيوعي الصيني جدير بتسميته حزباً عظيماً ومجيداً وسديداً.

اننا نؤكد على وجوب حفاظ الحزب الشيوعي الصيني دائماً على الارتباط بجماهير الشعب وتطبيق فلسفة تنموية تتمحور حول الشعب ، ومواصلة تحقيق المصالح الجوهرية للأغلبية الساحقة من أبناء الشعب وحمايتها وتنميتها من أجل تحقيق حياة سعيدة.

اننا نستلهم بثقة كبيرة من تجربة تطبيق أفكار " شي جين بينغ " حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد على نحو شامل ، وتعزيز روح تأسيس الحزب العظيمة بقوة ، وعدم نسيان المشقات والمنجزات الماضية ، واستخلاص الدروس من التاريخ بغية خلق مستقبل أفضل ، وتحدونا ثقة تامة في أن الحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني اللذين فازا بانتصار عظيم وشرف في المائة عام الماضية سيفوزان بانتصار أعظم في مسيرة جديدة بالعصر الجديد.

 

 

عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني

 

نداء الوطن