مدينة شفاعمرو

  • مدينة شفاعمرو

     

    تقع المدينة على 7 تلال فلذلك تلقب "روما الصغرى". ارتفاعها وموقعها الاستراتيجي كنقطة التقاء السهول بجبال الجليل جعلتها أكثر من مرة مركزا لولاة المنطقه وخاصة ظاهر العمر اللذي شيد فيها قلعته الشهيره والابراج. لمن يقف على أعلى منطقة فيها يبدو منظر رائع جدا, اذ من الغرب يبدو منظر البحر الابيض المتوسط وشاطئه الممتد بين حيفا وعكا، وأما من باقي الجهات فيمكن روئية جبال الجليل والوديان المحيطه بالمدينه.

     

    يختلف الناس حول سبب تسمية المدينة لدى العرب. يقول البعض ان أصل الاسم العربي جاء من اسمها اليهودي القديم "شفار عام" اي "بوق الشعب", ولكن الكثيرون ينسبون الاسم لقصة عمرو بن العاص اللذي كان مريضا عندما مر منها ولما شرب من نبعها (المسمى بعين عافية وما زال موجودا حتى يومنا هذا) شفي من مرضه فصاح جنوده "شفي عمرو" ومن هنا جاءت التسمية. رءيس البلدية عرسان ياسين

     

    تاريخ المدينه

    حسب الآثار اللتي عثر عليها في المنطقة يعود تاريخ شفاعمرو إلى ما قبل الميلاد بكثير, وقد حاول الكثيرون معرفة من كان سكانها الأصليون ولكن دون جدوى. على ما يبدو كان هؤلاء الكنعانيون. وقد ذكرت البلدة في التلمود إذ أنه بعد خراب هيكل سليمان في القدس (عام 70 للميلاد) تم نقل مجلس السنهدرين اليهودي إلى يبنه ثم هوشه وبعدها إلى شفاعمرو ثم صفورية فصفد. يؤكد البحث التاريخي وجود السنهدرين، أي المجلس اليهودي الأعلى، في شفاعمرو حوالي سنة 150 للميلاد. كذلك وقعت في ضواحي المدينة حوادث هامه في أيام ثورة اليهود على الرومان في نهاية القرن الأولى وبداية القرن الثاني للميلاد، وقد وجدت مغاور وقبور تعود حسب علماء الاثار إلى ذلك العهد.

     

     

    بعد ذلك سكنها على ما يبدو السكان المسيحيون إذ يؤكد ذلك وجود كنيسة من القرن الرابع الميلادي في البلدة. ليست هنالك مصادر تاريخيه تشرح وضع البلدة بين الفتوحات الإسلاميه والحملات الصليبية, وقد زارها الرحالة عبد الغني النابلسي سنة 1792 وبات فيها ليله ونظم في أهلها بيت شعر يصف فيه كرمهم وحسن ضيافتهم وما كانوا عليه من وفرة عيشه فقال: "زرنا بلدة شفاعمرو المعمورة وهي بالخير مغمورة, وقضينا ليلتنا فيها عند شيخ الدالتيه" ولكنه لم يذكر من كان سكانها.


    وبعد وصول الصليبيين إلى البلاد انضم الدروز إلى البلدة. في تلك الفتره أي القرن الثاني والثالث عشر كانت شفاعمرو بلدة صغيره وقد دعاها الصليبيون "سفران" وهو تشويه لاسمها القديم. اتخذ المسلمون شفاعمرو قاعدة في حروبهم ضد الصليبيين إذ كما يروي الجغرافي المشهور عبدالله ياقوت: "هذه قرية كبيرة... فيها حط صلاح الدين يوسف بن أيوب عام 586 هـ (1190م) لمحاربة الصليبيين في عكا".

     

    في منتصف القرن الثامن عشر أقام ظاهر العمر الزيداني فيها لمدة 6 سنوات (1751 - 1757) ثم استولى على عكا والجليل واستقل عن الاتراك واتخذها مقرا له ، فأعطى شفاعمرو لابنه عثمان ليكون واليا عليها وعلى ضواحيها فكانت مركزا لحكمه. اراد عثمان ان يقوي البلده وان يحصنها ليحافظ على امنها فبنى قلعته الشهيره واقام الابراج حولها.

     

     

    لم يدم حكم ظاهر العمر طويلا اذ ارسلت قوات عسكريه تركيه إلى منظقته وبعد المعركه في عكا اللتي قتل فيها وتك تعيين احمد باشا الجزار حاكما لعكا وقضائها حتى لبنان المجاوره ومن ضمنها شفاعمرو. وبعد وفاة الجزار عام 1804 وخلفه سليمان باشا حتى سنه 1818.


    في عهد الاتراك كانت شفاعمرو مركز لواء لها حاكم تركي سمي مدير وقد كان تحت امرته نحو 28 قريه من حولها. وفي سنة 1900 كان سكان شفاعمرو اليهود يعملون بالزراعه ولكنهم تركوا اراضيهم وعملوا بالتجاره لكثرة الضرائب لذلك انتقلوا للسكن في حيفا المجاوره وطبريا. وبقي في شفاعمرو 7 عائلات يهوديه حتى عام 1920 حيث رحلت عنها اخر عائله يهوديه وهي عائلة عزاري.

     

    في عهد الانتداب كانت شفاعمرو بلده هامه في لواء حيفا وكان بها 2824 نسمه: 1321 مسيحيا, 1006 مسلما و496 درزيا. وبعد قيام دولة إسرائيل كانت شفاعمرو من أول البلاد العربيه اللتي حصلت على لقب مدينه رغم ان غيرها من البلاد العربيه واللتي بها عشرات الالاف من السكان حاولت نيل ذلك بدون جدوى.

     

    السكان

    يسكن فيها مواطنون من أبناء الطوائف الثلاثه: مسيحيون, مسلمون ودروز. يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد حيث سكنها الكنعانيون ومن ثم اليهود اللذين أقاموا فيها السنهدرين. وفي القرن الرابع سكنها المسيحيون البيزنطيون, وانضم اليهم المسلمون والدروز فيما بعد. فيها 34,000 مواطن: %57.3 مسلمون, %27.5 مسيحيون و 14.6% دروز.

     

     

     

    معالم المدينه

    يوجد في مدينة شفاعمرو العديد من المعالم التاريخية من ابرزها:

     

    كنيسة الروم الكاثوليك

    تقع في اعالي البلده وهي ذات قبه وبرج اجراس عالي وقد سميت على اسم القديسين بطرس وبولس المعروفين في التاريخ المسيحي. بنى هذه الكنيسه عثمان اذ كان قد نذر نذرا انه ان توفق في بناء قلعته فسوف يبني كنيسه للروم الكاثوليك ويعود تاريخها إلى زمن القلعه. لقد بدأت جدران الكنيسه بالتلف في بداية القرن ال20 لذلك تم ترميمها وتقويتها سنة 1904 وهي ما تزال صامده حتى يومنا هذا.

     

    دير الراهبات (كنيسة مار فوقا)

    دير راهبات الناصره موجود في مركز البلد وقد اقيم على انقاض كنيسه قديمه من القرن الرابع تسمى كنيسة مار فوقاوقد ذكرت هذه الكنيسه في ملاحظات مؤرخي الكنائس المسيحيه. مع ان الكنيسه ليست قائمه حتى اليوم اذ بنيت كنيسة الدير على انقادها, لا يزال فيها أحد اعمدة الكنيسه القديمه المصنوع من الرخام وهو ما يميز الكنائس في بداية انتشارها عند وصول البيزنطيين إلى البلاد.

     

    المغر البيزنطيه

    موجوده في حارة البرج وهي عباره عن مقابر للبيزنطيين سكان شفاعمرو من القرن الخامس والسادس للميلاد. على مداخل تلك المغر توجد نقوش يونانيه تذكر السيد المسيح كما وتوجد نقوش لأسود.

     

    قلعة شفاعمرو

    أشهر معالم شفاعمرو واعظم ما بقي من ال زيدان. عندما استولى ظاهر العمر الزيداني على عكا وحاول اعلان استقلاله عن الاتراك, كانت شفاعمرو من نصيب ابنه عثمان اللذي بنى قلعته المعروفه واللتي ما زال قسمها الأكبر باقيا لهذا اليوم. يعود تاريخ هذا البناء إلى سنة 1768 حيث بنيت على انقاض قلعه رومانيه من العصور الوسطى سميت ب-Le Seffram. اراد عثمان ان يعلو بالقلعه قدر الامكان ليتمكن من رؤية قلعة اخيه في صفد.

     

    وقد تمكن من بناء الطابق الاول والثاني ولم يكمل بناء الثالث على ما يبدو لقلة المال والوضع الامني في ذاك الوقت.وبعد ان اتم بناء القلعه بنى بجانبها جامع شفاعمرو في نفس السنه. وفي سنه 2000 عند ترميم الجامع وجدت البلاطه التي كتبت عليها تاريخ بناء الجامع سنه 1768. بقيت هذه البنايه مهمله في العهد التركي واستعملتها الحكومه مقرا لها حتى انهار الجدار الجنوبي منها عام 1911. في عام 1912 قام حسين حسني, الحاكم انذاك, بترميم المبنى وهدم ما لا يمكن اصلاحه.

     

     

     

    سوق شفاعمرو القديم

    كان سوق شفاعمرو القديم القلب النابض للبلده ويمتد على مساحه كبيره من مركز البلده. لمده كبيره من الزمن احتوى السوق على اغلبية حوانيت البلده منها المطاعم, دكاكين الملابس, الخضار, البقالات وغيرها. مع مرور الزمن انتقل السوق إلى الشارع المحاذي له اللذي يمكن للسيارات العبور منه واما اليوم فقد انتقلت الحوانيت إلى انحاء مختلفه من البلده. السوق اليوم هو مكان مهجور والمحل الوحيد المستمر بالعمل به هو قهوه قديمه يجتمع بها الشيوخ يوميا لقضاء الوقت والتسليه.

     

     

    الكنيس

    موجود في منطقة البلده القديمه, يتميز بشمعدان كبير على سطحه والكلمات "كنيس شفاعمرو العتيق" فوق مدخل قاعة الصلاه. حسب رواة التاريخ بني الكنيس حيث كانت محكمة السنهدرين العليا. وقد خرب الكنيس واعيد بنائه عدة مرات في عهود مختلفه. وفي جداره الجنوبي توجد خزانه بها سفر التوراه الخاص باهالي شفاعمرو في العصور القديمه.

     

    ضريح رابي يهودا بن ببا

    كان الرابي يهودا بن ببا حاخاما مشهورا بالتقوى في القرن الثاني وقد تم القبض عليه في ايام الرومان واعدم شر اعدام. وهو أحد القديسين اليهود العشره اللذين اعدموا في عهد الرومان. ضريحه لا يزال موجودا في جنوب شفاعمرو ويفده الكثيرون من اليهود حتى اليوم.

     

 

نداء الوطن