قال المحلل السياسي المهتم بالشأن الليبي محمد الزبيدي إن النزاع بين القوى السياسية في ليبيا مستمر مع استمرار الغرب بتأجيج الصراع الذي يخدم مصالحه، فإبقاء الدولة الليبية منقسمة بين شرق وغرب وحكومتين متنازعتين، وجيش وميليشيات، يعزز من التدخل الغربي في الشؤون الليبية وبالتالي نهب مواردها.
وأضاف أنه من خلال أدوات الولايات المتحدة في الداخل الليبي، من رئيس مؤسسة النفط الوطنية، ومحافظ المصرف المركزي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس وغيرهم، ينتشر الفساد لأعوام وتضيق الحال على المواطن الليبي.
وكما يقول المثل العربي "شهد شاهد من أهله"، قام مصطفى صنع الله، رئيس مؤسسة النفط الوطنية منذ أيام، بمهاجمة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، والكشف عن جرائم فساد طالته وطالت العديد من السياسيين، بعد أن أقاله الأخير من منصبه جراء خلاف مزمن بينها.
وفي تلويح باستخدام القوة ضد صنع الله الرافض لقرار الدبيبة والمتمسك بمنصبه، استغل هذا الأخير حضوره أول اجتماع لمجلس الإدارة الجديد للمؤسسة بمقرها في طرابلس، وقال متوعداً: "من يريد أن يستخدم القوة للعودة لمنصبه سنواجهه بالقوة، ومن يهدد باستخدام العنف والاحتكام إلى السلاح فلن يجد أمامه إلا القوة".
يأتي هذا بعدما شهدت مناطق وسط جنوب وغرب العاصمة مساء أول من أمس انتشاراً أمنياً مكثفاً وتحركات عسكرية تابعة للدبيبة، منها ما كان في محيط مقر مؤسسة النفط، بعدما سيطرت قوة عسكرية من مدينة الزاوية متحالفة مع صنع الله، على بوابة 17 غرب طرابلس.
وأوضح المحلل، أن هذه التطورات بين الرجلين، والمترافقة بتحشيدات عسكرية، تنذر بخطورة الموقف وإقتراب الأمور من المواجهة المسلحة. فبحسب المراقبين، إن استماتة صنع الله للتمسك بمنصبه قد تدفعه للقيام بتنازلات كبيرة لداعميه، على حساب مصلحة البلاد.
فصنع الله صنيعة الولايات المتحدة الأمريكية، التي توجه عمليات مؤسسته كافة، ومن الممكن أن يسمح لواشنطن بالاستحواذ على قطاع الطاقة الليبي بأكمله، خصوصاً بعدما رفض الليبييون المقترح الأمريكي لإدارة عائدات النفط المتنازع عليها، والذي يشبه بشكل كبير مشروع النفط مقابل الغذاء الذي جلب في حينه الويلات على العراق وشعبه.
ناهيك أيضًا عن تصريحات السفير الأمريكي لدى ليبيا، ربتشارد نورلاند، والتي كانت تحمل معنى ضمنيًا مفاده بأن صنع الله "يروق لها" وخطوة الدبيبة "غير محببة" تجاهه.
بنظر المراقبين للشأن الليبي، فإن الدبيبة وصنع الله وجهان لعملة واحدة، ألا وهي عملة الخيانة والغدر والفساد وإبقاء المصلحة الشخصية فوق كل شيء.
وبالتالي، فإن قرار مجلس النواب السابق بتشكيل حكومة بقيادة فتحي باشاغا، مكان حكومة الدبيبة في ظل رفض الأخير تسليم السلطة وتهديده الدائم بإشعال جبهات القتال، كان قراراً صائباً.
فإن رئيس المجلس المستشار عقيلة صالح، كان ولا يزال رافضاً للوصاية الأمريكية، ويعمل جاهداً على توحيد الصفوف وإقرار قانون إنتخابي، لإجراء إنتخابات كان قد عرقلها الدبيبة وميليشياته أواخر العام الماضي، عبر إجتماعاته وحواراته مع كافة الأجسام السياسية في ليبيا.
وفي السياق، أعلن زايد هدية، رئيس لجنة متابعة الأجهزة الرقابية بمجلس النواب، أنه وبرعاية صالح سيقوم بعقد جلسة طارئة خلال الأيام القادمة لتسمية المناصب السيادية، ودعا مجلس الدولة مجدداً لإحالة الأسماء لعرضها في هذه الجلسة.
وقال هدية في بيان وزعه عبد الله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب: "إن المجلس أدى ما عليه، وملتزم بكل الاتفاقيات المنصوص عليها بالخصوص، والظرف الحالي يُحتم علينا إنجاز هذا الاستحقاق المهم بشكل عاجل".