عبد المجيد رشيدي
تعتبر الفنانة التشكيلية نور الهدى يغفري، واحدة من الفنانات الموهوبات بالمغرب، ازدادت في مدينة بني ملال الجميلة، ثم انتقلت إلى مدينة أزيلال حيث ترعرعت ودرست هناك، وظهرت الموهبة الفنية لدى الفنانة نور الهدى وهي في عمر الزهور، لأنها تربت وسط عائلة فنية، حيث وجدت مناخا فنيا أكثر ألفة ورحابة بمباركة عائلتها الذين اكتشفوا موهبتها في الرسم، فأخذت منهم تقنيتهم في التعامل مع الألوان ومزجها وتمثيل دواخل الشخوص والتدقيق فيها بالملموس، يمكن ملاحظة الأمر من خلال لوحاتها الجميلة التي تحتضن رسومات تسر الناظرين، فهي دائما تبحث عن الأمل المفقود رغم قساوة الحياة، وهذا واضح للمتتبع بفعل الألوان الجميلة التي توظف في لوحاتها، التي يصنعها اللونين الأكثر حبا للفنانة وهما الأبيض والأصفر، حيث يبدو الأبيض وكأنه عرق يسيطر بكثرة على مساحة اللوحة، كما يخرج اللون الأصفر مشعا من الخلفية، مستمدا جماليته كالشمس عند شروقها، فقد حرصت الفنانة نور الهدى، على أن تكون لوحاتها مثل الشمس الساطعة كذلك لتجعل المتلقي يقاسمها ما تحس به.
أعمال الفنانة نور الهدى، في حد ذاتها تشكل مدرسة ذات طوابق عالية وشاهقة يصعب في الحقيقة ولوجها بسهولة، هي تجربة لفنانة شابة متواضعة رزينة التي تحضر الجمال والفرجة البصرية في لوحاتها، من خلالها خلق الوعي النظري والمعرفي بالنسبة للمهتمين بالتشكيل والممارسين له والرقي بأعمالها إلى حيث انعطفت الحياة الفنية نحو نظريات العلم التي ترقى بالتشكيل إلى أسمى قمم الخلق والإبداع.
في لوحات نور الهدى يغفري، أشكال متعبة في الحياة ووجوه أظناها الواقع وأحلام هاربة حينا وتبحث عن الفرح حينا آخر، ألوان تعكس الغموض والحلم والتمرد والهدوء والصخب والحياة، وبين رؤى الواقع والتعبير تغدو لوحاتها عالم بلا حدود بألوان متفتحة زاهية ومشعة رغم الحزن وأشكال متناهية كأنك في حلم عميق بين أمواج هادرة، رسوماتها تسعدها الألوان البراقة نتيجة الدقة في استعمالها لتعطي للمتلقي أبعاد عصرية مختلفة الفكر والجمال والإحساس.
تعيش الفنانة نور الهدى يغفري، على أمل خلق الفضاءات الساحرة من خلال رسوماتها الابداعية، لوحاتها تتحرك في عالمها السحري، توصل صرخاتها وهمساتها إلى مسامع المشاهدين عبر رسوماتها بتلميح كبير، وهي تتمتع بحواس فنية كاملة إن لم تكن زائدة، لذلك تستطيع أن تحول صمت اللوحة إلى نبرات ناطقة عبر خلجات الذات، وهذا ما تم بالفعل في مجموعة من لوحاتها التي ستعرضها في القريب من خلال مشاركتها في أحد المعارض الجماعية بمدينة مراكش، فهي تتطلع إلى الجمال في أكمل معانيه وأسمى صوره، لها أسلوبها الخاص في الرسم وتدأب دائما في البحث عن كل ما هو جديد.
في تجربة الفنانة نور الهدى يغفري، أطوار مسيرة لفنانة شابة تحتفي برسوماتها التي هي بمثابة عائلتها الصغيرة، وتتناغم مع إيقاعها وتسعد بها الآخرين عبر العناصر والتفاصيل والأشياء الجميلة التي تحتويها، فالفن بالنسبة لها هو هذا الذهاب عميقا في المغامرة الجمالية المعنية بما يحتاجه الناس في شؤونهم وشجونهم، تعجبك لوحاتها وتجعلك تسبح في عالم من الرومانسية والحب، لقد توحدت الفنانة نور الهدى تماما مع الحياة في جميع لوحاتها وأعطت لوحات رائعة في فرحها وفي حزنها وكأنها عاشت معها يوما أو عمرا كاملا.
الفنانة التشكيلية نور الهدى يغفري، أكدت أن همها في حياتها الفنية هو تطوير رصيدها الفني إلى الأحسن، وتوثيق ما ترسمه أناملها ليكون نموذجا لها في مشاركتها الدولية في المستقبل٬ كما أن خبرتها في المجال التشكيلي قد تغني الرصيد الثقافي للفن التشيكلي بالمغرب.