أكدت صحفية واشنطن بوست الأمريكية، أن جندي تابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي هو من أطلق النار وقتل الزميلة الصحفية شيرين أبو عاقلة، الأمر الذي ينفي ادعاء الاحتلال بأن مقتل أبو عاقلة كان حادثاً غير مقصود.
وفندت الصحفية بناء على تحقيق موسع أجرته ونشرت نتائجه أمس الأحد، على موقعها الإلكتروني، الرواية الاسرائيلية، وراجعت فيه أكثر من 50 مقطع فيديو للواقعة والعديد من المنشورات والصور التي تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أجرت عمليتي فحص حيّ لموقع الحادث والمنطقة المحيطة به، بالإضافة إلى تكليف خبير صوتي مخضرم لتحليل أصوات الطلقات النارية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الاسرائيلي لم يثبت بالدليل القاطع وجود مسلحين في المنطقة التي تواجدت فيها شرين، منوهةً إلى أن الادلة المرئية والصوتية المتوفرة تدحض مزاعم الجيش الاسرائيلي بوقوع تبادل لإطلاق النار قبل دقائق من مقتل ابو عاقلة، وفي الوقت نفسه تدعم تلك الأدلة شهادات شهود العيان الذين تحدثوا مع «واشنطن بوست»، وأكدوا عدم وجود قتال في ذلك الوقت.
وأكدت الصحيفة أنه بناء على التحليلات الصوتية التي أجراها ستيفين بيك، خبير تحليل الأصوات الذي استعان به مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكي لأكثر من 10 سنوات، فإن إطلاق النار الذي أردى أبو عاقلة صدر عن شخص واحد فقط من مسافة تُطابق تماما المسافة التي كانت بين الصحفيين ونقطة تمركز القوات الإسرائيلية.
وذكرت الصحيفة أنه بناء على فحص حي وشامل لموقع الحادث في منطقة جنين أجرته الصحيفة، فإن أبو عاقلة والصحفيين الآخرين كانوا على مرأى واضح من موقع تمركز القوات الإسرائيلية، تفصلهما مسافة نحو 182 مترا، وكان هناك على الأقل جندي واحد يستخدم عدسة مكبرة، حسب بيان للجيش الإسرائيلي.
وأظهر فيديو تم تصويره على تطبيق «تيك توك» قبل 7 دقائق فقط من مقتل أبو عاقلة، الأجواء هادئة تماما قبل إطلاق النار ما يثبت عدم وجود اشتباكات نارية قد تكون أدت عن طريق الخطأ في مقتل الصحفية الفلسطينية.
وأشارت الصحيفة الى ما قاله الصحفي الفلسطيني علي السمودي، زميل شيرين أبو عاقلة الذي أصيب بطلق ناري أثناء تواجده معها في واقعة مقتلها، قائلاً إن الصحفيين كانوا يرتدون خوذات وسترات واقية من الرصاص مكتوب عليها كلمة "صحافة" بالإنجليزية بأحرف بيضاء كبيرة، مؤكدا أنه قبل إطلاق النار عليهم كانوا يقفون في مكان واضح وعلى مقربة من نقطة تمركز القوات الإسرائيلية حتى يتسنى للجنود التعرف عليهم كأفراد من الصحافة.
وقال السمودي في تصريحات خاصة لـ«واشنطن بوست»: «تأكدنا تماما من عدم وجود فلسطينيين مسلحين، وعدم وجود تبادل لإطلاق النار أو اشتباكات مع الإسرائيليين، وانطلق الصحفيون بعدها في الشارع تجاه القوات الإسرائيلية.. كانت الأجواء هادئة تماما ولا يوجد إطلاق نار.. لكن فجأة تم إطلاق وابل من الرصاص بدا أنها جاءت من عربات الجيش الإسرائيلي»، وأصابت إحدى تلك الرصاصات السمودي وأخرى أبو عاقلة والتي تسببت في مصرعها في النهاية.
ورداً على استنتاجات وأدلة صحيفة «واشنطن بوست»، ذكر جيش الاحتلال الإسرائيلي في خطاب مكتوب على لسان رئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي، أنه «سيستمر في التحقيق بالواقعة بشكل مسؤول من أجل الوصول إلى حقيقة هذا الحادث المؤسف».
وأضاف كوخافي أن «الرصاصة جزء هام لاستنتاج مصدر إطلاق النار الذي قتل أبو عاقلة، كما أنها مصدر هام للوصول إلى استنتاج مبني على أدلة، لكن الفلسطينيين يستمرون في رفض طلبات الجيش الإسرائيلي بإجراء فحص طب شرعي مشترك للرصاصة في وجود ممثلين من الولايات المتحدة الأمريكية».
وأضافت الصحيفة، أن رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي اكد أنه مع استمرار التحقيق لمعرفة ما إذا كانت الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة صدرت عن أحد أفراد الجيش الإسرائيلي أو مسلح فلسطيني، فإن «أمرا واحدا يمكن التأكيد عليه، وهو أن لا يوجد جندي في الجيش الإسرائيلي أطلق النار بشكل متعمد على صحفي.. لقد حققنا في ذلك وهذا هو استنتاجنا الوحيد».
وبحسب الصحفية لم تستجب قوات الاحتلال الإسرائيلية على طلب من الصحيفة الأمريكية بإظهار أو مشاركة أي صور أو مقاطع فيديو تم تصويرها من قبل الجيش الإسرائيلي للواقعة، سواء كانت من الكاميرات المُثبتة على الجنود أو كاميرات الطائرات المُسيرة.