بقلم: نديم علاوي 1-4-2025
لم يكن مربو الحيوانات قديما أكثر منا تساؤل اليوم، إثر إحلال "العربة" محل خيولهم وبغالهم، ذلك عندما دارت أولى تروس العجلات.
ذات التساؤل، لم يختلف عن تساؤل علمائنا، وأطماع الرأسماليين في العالم اليوم حول الأتمتة:- ( "هل ستقضي الآلات على الوظائف البشرية؟"، "كيف سيتعامل الأكاديميون مع الذكاء الصناعي؟"، و "هل يصبح الإنسان مجرد مستهلك أعمى للتكنولوجيا؟")
ومع انطلاق الثورة الصناعية في القرنين (18، 19)، نجد أنفسنا أمام التساؤل ذاته اليوم لكن مع شكل جديد للمكينة الصناعية، وهو ما اصطلح القائمون عليه الذكاء الصناعي (AI)
وقد يكون الأهم في مقالنا ليس تطور الآلة بحد ذاته، ولا كيفية تعامل الأكاديميين مع الـ (AI)، بل الاعتماد اللامحدود على الذكاء الصناعي وتدخله في خصوصياتنا وصولا إلى هندسة عقولنا، أو أصلا كما يؤكد باحثين: "عدم القدرة على الوصول لـ AL من قبل غير الملمين بالتطورات".
ويظهر الاستخدام الأعمى لأنظمة الذكاء الصناعي وأبرزها "ChatGPT" لدى كثيرين، حيث تتكشف تكرارات في المصطلحات، والسياسات، وزيف المواد، والسرديات، حتى أصبح المحتوى الناتج عن الـ AI متشابها إلى حد ما حتى يومنا.
ويعرف ChatGPT اختصارا بـ (المحوّل التوليديّ المُدرَّب "مسبقًا" للدردشة)، وأمكن الفهم من هذا أنه نظام معد للحوار مع الإنسان بناء على بيانات مخزنة مسبقا وفق التعريف، أي لا أصالة، ولا آنية، ولا خروج من الصندوق.
ونجد قديما أن مربي الحيوانات قد استفادوا من "أتمتة" عصرهم في توظيف أحصنتهم لجر العربات، لتكون الصناعة معين للمربين. فهل يكون الـ AI معينا للرقميين، أم بديلا للإنسانيين؟
ذكاء متحيز
وتعتمد أنظمة الـ AI على قواعد بيانات ضخمة تديرها شركات، توجه محتواها وفق تحيزات، وخوارزميات، تتحكم فيما يعرض وتخفي ما يعارض.
ويتفق مختصون على أنه رغم إيجابيات وسلبيات الذكاء الصناعي، أن هناك تطبيقات ونماذج يمكن التعرف على استهلاكها المتكرر، والتي لا تعكس معايير الحداثة أو الحكمة فيما تنتجه الآلة.
وفي المقابل، يظل العقل البشري قادرا على التمييز والنقد، والتفريق بين النصوص المستهلكة والأصيلة، إذ إن العالم الرقمي مليء بصور مصنعة توفر إجابات غير دقيقة، وتفتقر إلى المصادر الموثوقة.
لهذا، يرى الباحثون ضرورة مواكبة التطور الصناعي بتطور بشري في الاستخدام والتوظيف، وإخضاع كل ما توفره الآلة لمعايير الحداثة وحكمة الإنسان، والأهم المطلب البشري الحقيقي بالحفاظ على الجودة، والمعنى، والابتكار.
وعودة إلى البداية، لم تزل وسائل النقل البدائية لها جوهرها ومكانتها، بل يفضلها كثيرون في المناطق الوعرة، ولا تتطلب بنى تحتية من أسفلت وأنظمة مرور، وكذلك يفضل الإنسان أن يكون له دور "حيوي" كما يردد ويصطلح شات جي بي تي.
في النهاية، تحدثت الآلة قديما بصوتنا فكان المذياع والتلفاز وقد يتحدث كذلك الـAI، لكنه لن يحل يوما محل حوار الإنسان مع الإنسان.