شهدت العاصمة المصرية القاهرة على مدار الأيام القليلة الماضية، حراكاً على صعيد ملف الوضع الاقتصادي في قطاع غزة، والعلاقات بين مصر والحكومة الإسرائيلية.
وأفادت "العربي الجديد" أن وفداً رسمياً من السلطة الفلسطينية، زار القاهرة منتصف الأسبوع الحالي، لبحث الخطوات التنفيذية بشأن تفعيل اتفاق الشراكة مع مصر لتطوير حقل غاز "غزة مارين" الواقع قبالة سواحل القطاع.
ووفق المعلومات، تضمّنت مفاوضات وفد السلطة الفلسطينية مع المسؤولين في القاهرة، الذين يقومون بدورهم بالتنسيق مع المسؤولين الإسرائيليين، "التوافق على الجوانب الفنية المتعلقة بتوزيع الحصص على الشركاء، وكيفية تسويق الغاز المستخرج من الحقل، وإنهاء العقبات التي تضعها حكومة الاحتلال وتعيق بدء الاتفاق رسمياً".
وشكّلت الحكومة الفلسطينية في سبتمبر/أيلول الماضي، لجنة وزارية للمتابعة مع صندوق الاستثمار الفلسطيني، لإتمام اتفاق مع مصر لتمويل وتشغيل حقل الغاز الفلسطيني قبالة غزة، قبل أن تصادق في أكتوبر/تشرين الأول الماضي على اتفاقية الإطار الخاصة بالحقل بين الصندوق ومجموعة الشركات المصرية المستثمرة فيه.
وكان صندوق الاستثمار الفلسطيني قد وقّع في فبراير/شباط 2021، مع اتحاد المقاولين و"إيغاس" المصرية، اتفاقية للتعاون بمساعي تطوير حقل غاز غزة والبنية التحتية اللازمة، لتوفير احتياجات فلسطين من الغاز الطبيعي.
ولم يقتصر التنسيق المصري بشأن الاتفاقية الخاصة بالحقل الواقع قبالة سواحل غزة على السلطة الفلسطينية فقط، ولكن شمل أيضاً حركة "حماس"، فالحركة تعد جزءاً من الاتفاق الذي تقوده مصر بالتنسيق مع حكومة الاحتلال، وذلك في إطار توفير موارد مالية للسلطة الفلسطينية، وسط تصاعد أزمة الطاقة عالمياً.
وتشير تقديرات أعدتها جهات عاملة في مجال التنقيب عن الغاز، إلى أن الحقل الواقع على بعد 22 ميلاً بحرياً من شاطئ غزة، يحتوي على مخزون يُقدر بنحو تريليون قدم مكعبة من الغاز، لفترة إنتاج تتراوح بين 10 و12 عاماً.
و"غزة مارين" هو أول حقل اكتشف في منطقة شرق المتوسط نهاية تسعينيات القرن الماضي، ولم يتم استخراج الغاز منه حتى اليوم بسبب رفض إسرائيلي لطلبات فلسطينية من أجل استغلاله.
والشهر الماضي، أكد وزير البترول المصري طارق الملا أن "الاتفاق بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ما كان ليتم لولا الحوار عبر منتدى غاز شرق المتوسط"، موضحاً أن "التفاصيل المالية للاتفاق لم يتم التوصل لشكلها النهائي بعد".
وأضاف أنه "سيتم العمل على تنمية حقل غزة مارين بهدف استخراج الغاز الفلسطيني وجلبه إلى مصر وتسييله عبر محطات الإسالة وتحويل عوائده المالية للسلطة الفلسطينية بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي".
وتشغل السلطة الفلسطينية عضوية منتدى غاز شرق المتوسط الذي يتخذ من القاهرة مقراً رسمياً له. في السياق نفسه، زار القاهرة خلال الأسبوع الحالي، وفد إسرائيلي ضم مسؤولين أمنيين وفنيين، وعقد مباحثات غير معلنة مع المسؤولين في جهاز المخابرات العامة ووزارة البترول، حول استكمال مفاوضات الاتفاق الخاص بحقل الغاز الفلسطيني.
وترغب القاهرة في توقيع الاتفاق النهائي قبل نهاية العام الحالي، خصوصاً بعدما تمكنت من إنهاء كل النقاط الخلافية مع الأطراف الفلسطينية المعنية.
مقابل ذلك، بحث مسؤولون أمنيون في الوفد الإسرائيلي، مع نظرائهم المصريين، الوضع في غزة، في محاولة لمنع أي تصعيد عسكري في القطاع، في ظل حالة التململ من جانب "حماس" وفصائل المقاومة.
وذكرت "العربي الجديد" أن "المفاوضات المكثفة والتي تخللتها وساطة مصرية بين ممثلي حكومة الاحتلال و"حماس"، بشأن الأوضاع الإنسانية والمعيشية في القطاع، أسفرت عن اختراق كبير، بشأن مطالب كانت قدمتها الحركة عبر القاهرة".
وتضمنت الامتيازات التي وافقت عليها حكومة الاحتلال، السماح بإدخال مجموعة من المواد مزدوجة الاستخدامات المدنية والعسكرية، تحت إشراف مصري، من بينها معدات ومواد تستخدم في صيانة وإصلاح قوارب الصيد المعطلة، وكذا الموافقة على تشغيل ورشة في وسط القطاع لصيانة القوارب، تحت إشراف من الأمم المتحدة، وباستخدام كاميرات مراقبة تعمل مدار الساعة، لضمان عدم تشغيل تلك الورشة لصالح الصناعات العسكرية الخاصة بالمقاومة.
كما تضمنت التسهيلات، زيادة عدد قوائم المسافرين عبر معبر رفح البري، لتسهيل سفر المعتمرين القادمين من القطاع، حيث عمدت مصر لتشغيل جسر جوي لنقل المعتمرين المتوجهين من قطاع غزة إلى السعودية.