مخطط إسرائيلي لمحو حدود 1967 واستبدالها بحدود 2023

 

فاضل المناصفة


بعد مصادقة الكنيست الإسرائيلي في مارس 2023 على الغاء قانون فك الارتباط الذي سنته حكومة أرييل شارون عام 2005 والذي يقضي بإخلاء المستوطنات من قطاع غزة، و4 مستوطنات شمالي الضفة الغربية. انتقلت السلطات الإسرائيلية الى الخطوات الفعلية لهذا الإلغاء من خلال الترخيص لعمليات البناء الاستيطاني في مستوطنة حومش وفتحت الباب للمزيد من الإجراءات التي تؤكد بأن الضفة الغربية التي تواجه اقتطاع المزيد من الأراضي الفلسطينية قد تواجه مخططا طويل المدى يهدف الى ضمها وتصفية ما تبقى من اتفاق السلام 1991 الذي ولد في الأصل ميتا.


لقد أصبح واضحا للعيان بأن حكومة الاحتلال المتطرفة قد جاءت لتباشر مهمة إحياء النمط القديم من الصراع، فعندما يتكلم وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش من موقع شخص مسؤول بكل جرأة عن انكار الهوية الفلسطينية ويهدد بمحو بلدة حوارة من الوجود ثم يضع اتفاق السلام بين الأردن وإسرائيل على المحك بوضعه صورة لخريطة تشمل حدود المملكة الأردنية والأراضي الفلسطينية المحتلة هنا ندرك بأن المسألة لا تتعلق فقط بإجراءات عقابية ضد الفلسطينيين بل بإحياء الصراع على أساس ديني يغلق بشكل نهائي ملف حل الدولتين من طرف واحد، ويذهب بذلك التحدي بعيدا عندما يضرب قرارات الشرعية الدولية عرض الحائط ليؤكد بأن قرار مجلس الأمن الدولي 2334 الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2016 مجرد هراء أمام سياسة الامر الواقع التي تغدي الصراع وتجعل من مواجهة الفلسطينيين للمشروع الإسرائيلي مسألة حياة أو موت .


من خلال خطة ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية تسارع دولة الاحتلال اليوم بحسم أحد القضايا المركزية العالقة من جانب واحد وخارج إطار المفاوضات الثنائية مع الفلسطينيين، في محاولة لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب مستفيدة من غياب أي فرصة من شأنها أن تعود بالطرفين الى المربع الأول من اتفاق أوسلوا، وبهذا المخطط سيصبح الاتفاق بفعل المتغيرات على أرض الواقع اتفاقا لاغيا يستوجب البحث عن اتفاق جديد معدل عن النسخة الأولى وحتى وان بقي عالقا فمصلحة إسرائيل تكمن أساسا في الإنهاء الفعلي لأي فرص مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية، وفي حقيقة الأمر فان التقسيم الذي أفضت به اتفاقيات أوسلوا في المنطقة " ج " بقي معلقا ولم ينجح في قطع الطريق أمام توسيع الاستيطان ولم يسمح للفلسطينيين ببسط سيادتهم على الأراضي الخاضعة لهم أو استصدار تصاريح بناء، بمعنى أن الاتفاق كان مفرغا من الأساس .


تنقسم خطة الضم والعزل الجغرافي الى شقين : الأول سيتم فيه ضم جميع أراضي المنطقة المصنفة "ج" بالضفة الغربية الخاضعة في الجوانب الأمنية والإدارية والقانونية لدولة الاحتلال بموجب اتفاقيات أوسلو الموقعة مع السلطة الفلسطينية، ويشمل ذلك غور الأردن مع إعطاء صبغة شرعية للمستوطنات غير القانونية المتواجدة ما بين القدس المحتلة وبيت لحم، أما الشق الثاني فيبدأ عندما تصبح مهمة بسط السيادة الفلسطينية على تجمعات معزولة تحيط بها أراض إسرائيلية مهمة شبه مستحيلة، هنا تتجه إسرائيل الى تنفيذ مخطط التهجير القسري اما من خلال المضايقة و تشديد الإجراءات الأمنية على المعابر أو من خلال اقحام هؤلاء الفلسطينيين في معارك قضائية تنتهي بخسارة تلك الأراضي لصالح المستوطنين.


خطة الضم ستفرز واقعا جديدا لا شك في أنه سيزيد من عقدة الصراع ومن استحالة الوصول الى حل الدولتين، وستتيح للاحتلال فرصة جديدة لخداع المجتمع الدولي باستبدال مصطلح دولة فلسطينية على حدود 67 بمصطلح دولة فلسطينية على حدود ما بعد خطة الضم والتي أطلقت سنة 2020 بالتزامن مع " صفقة القرن " لمهندسها ترامب وبدأ تطبيقها فعليا في سنة 2023، وأمام هذا الواقع الجديد الذي تريد إسرائيل أن تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين وأمام الصمت العربي الذي يكتفي باستصدار بيانات الكترونية منسوخة عن بيانات سابقة مليئة بالشجب والادانة وفارغة من المحتوى والفاعلية سيجد الفلسطينيون أنفسهم وحيدين وسط معركة وجودية الخسارة فيها تعني نهاية فلسطين و هو ما يعني أن إسرائيل مقبلة على المزيد من المتاعب الأمنية قد تصل الى ميلاد انتفاضة جديدة ليس بإمكان أي هدنة أو وساطة أن توقفها .

 

نداء الوطن