دفتر الذكريات

نداء الوطن - صورة بهيّة

غادة خضر


ربما أجمل رحلة هى السفر بين الأوراق المبعثرة القديمة والكتب العتيقة ، وما تحتفظ به من دفتر للذكريات ، وإن كانت المسافات فيما بينها طويلة وعميقة ، لعلك تجد ذاتك فيها ، أو تسحتضرها بما أحاطها من مشاهد عريقة حدتث منذ عقدين ونصف ، فهل أنت الآن كما أنت قبل ؟ بالطبع لا ، وكل شئٍ فيك اختلف وتغير ، حتى الإحساس والمشاعر وما يرافقهما تبدل ، ملامحك وسهام عيناك تنطلق صوب طريق غير الأول ....


مع بداية يوم جديد مختلف عن ما سبقه من أيام ، بعيداً عن حمل المحمول وتصفح الأخبار عبر المواقع الإلكترونية ، بعيداً عن التفكير في المستقبل من بعد كل قراءة للتحليلات السياسية ، بعيداً عن سماع الأخبار الإجتماعية والإقتصادية لمن هم حولك على الأرض الغزِّية ، وليس بإستطاعتك تحريك ساكن ، ولا حتى قذف حجر فى بحرٍ راكد ........


اليوم لم يشبه أمس بتاتاً ، استيقظت وقررت ترك الحاضر القاسي و نسيانه بكل ما أوتيت من قوة ، والقفز من على السرير مسرعة نحو الخزانة وفتح أبوابها ، فهى ليست لتخزين الثياب وإنما لتخزين الذكريات ، ولكل ذكرى ثوب رافقها ، والأهم من كل ذلك دفتر الذكريات ذاته خلال المرحلة الثانوية ، كنت أكتب فيه عن الأشياء التى أُحبها من صفات وأُناس وأغنيات وأشعار فاض بها فؤادي ، زذ على ذلك أهازيج جدتى التى عشقتها ، وقد سطرت أنامل صديقاتى ومدرساتى كوم من الأمنيات لى في هذا الدفتر الفريد في نوعه ، الحزين في لونه .....ولكن هل تحقق ما تمناه الأخرين لى ؟!!! أم بقى حبر على أوراق دفتري .....


في ذاك الدفتر أفتش عن ذاتى الغائبة ، التى طوتها الأيام وهجرتها قسراً بلا عودة ، فهل استطيع العودة بالزمن عشرون عام مضت وأكثر ؟ هل سأجد ذاتى الرقيقة وأحلامها البريئة ، هل يمكننى العودة الى مقاعد الدراسة وزملاء الدراسة كما هم ، لم تغير الحياة بهم شئ ، هل سيرجع زمن المدرسات والمدرسون الأفاضل ، أم منهم من غادر الحياة واخرين أثقلتهم همومها .......


هل سيبقى دفتر الذكريات الشاهد الوحيد على الكم الهائل من الأمنيات ؟!!! ولكن .......هل تسامح الروح ظالمها ؟؟ وهل تصفح الذات عن مَن عنفها ؟؟؟


أسئلة كتيرة حائرة ذليلة يطرحها القلب مرة والعقل الف مرة ، بعد قراءة كل صفحة في دفتر الذكريات ....لعل الأيام القادمة تحمل في طياتها سيل من الإجابات ...

 

نداء الوطن