عبد الباري فياض
بارقة أمل جديدة قد تشهدها القضية الفلسطينية خلال الفترة القادمة خاصة بعدما أعلن الاتحاد الأوروبي عن زيادة الدعم لخطة الإصلاح الفلسطينية، وهذا بعد أن قدّم رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، في بروكسل، خطة لتحسين الوضع في المناطق المتضررة من الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة.
هذا الموقف الإيجابي من الاتحاد الأوروبي يشير إلى وجود نية من دول الاتحاد الأوروبي لإنصاف القضية الفلسطينية وتشجيع خطة حل الدولتين لاسيما بعدم تحركت إسبانيا وإيرلندا والنرويج للاعتراف بدولة فلسطينية، فقد تحذو الدول الأوروبية الأخرى حذوها قريبا.
تلك المؤشرات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك على أن السلطة الفلسطينية الممثلة في الرئيس محمود عباس، تسير على الطريق الصحيح فهي سلطة فلسطينية قوية، كل همها الآن هو تحسين الوضع في المناطق المتضررة جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وحقن دماء الأهالي المتواجدين الآن في مراكز الإيواء، بل وفكرت فيما أبعد من ذلك بإعادة طرح القضية الفلسطينية على مائدة بروكسل وأمام الدول العظمى لإشراكهم في حراك سياسي فعلي ينهي أوجاع الشعب الفلسطيني، وينعم عليهم بحياة هادئة ومستقرة بعيدا عن حروب إسرائيل الصغيرة والمتتالية على مناطق فلسطين، وعبث حركة حماس بالشعب من أجل تحقيق مكاسب سياسية على حساب دماء الأبرياء.
ومن الواضح أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر جهة مانحة للسلطة الفلسطينية، وبزيادة الدعم للدولة، فقد يتم تنفيذ إصلاحات ضرورية وتجديد النظام المالي الكلي، والتجديد الديمقراطي، وتعزيز سيادة القانون.
ربما شعر الفلسطينيون المتناثرون في بقاع الأرض سواء داخل أراضيهم أو خارجها، بالارتياح الكبير للموقف الأوروبي لصالح دولتهم، خاصة بعد موقف أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية ضد حماس، وبالتالي فإن فصل السلطة الفلسطينية عن حماس قد يساعد بشكل كبير في تعزيز القضية الفلسطينية، وقد يؤدي إلى دعم حل الدولتين وعلى مساعدة السلطة الفلسطينية في تولي الشؤون في قطاع غزة.
هذا الموقف جاء عكس موقف الولايات المتحدة، فالاتحاد الأوروبي ينظر إلى السلطة الفلسطينية كشريك مهم في عملية صنع السلام في الشرق الأوسط، فيدعم "أبو مازن" رغم حدوث ضغوط في السابق حتى لا يحدث تقارب ما بين السلطة وحماس، فكان الدعم ملغي كأحد أوراق الضغط ولكن بعد الحرب الجارية وموقف السلطة الفلسطينية الواضح من مناهضة الحرب وانتقاد حماس، تحسن الموقف الأوروبي تجاهها.
ويمكن أن يؤدي هذا الموقف إلى دفع الشركاء الدوليين للضغط على إسرائيل للإفراج عن التمويل المخصص للسلطة الفلسطينية، حتى تبدأ في تنفيذ خطة الإصلاح الداخلي، والذي بالتالي سينعكس بالإيجاب على السلام في المنطقة، وهذا يعزز موقف القضية خاصة بعدما دعمت 143 دولة أخرى مساعي فلسطين لتصبح دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة في قرار صدر هذا الشهر.
وقد يكون هذا الموقف مصدراً لتشجيع هذه الدول على اتخاذ الخطوة الشجاعة اللازمة، والاعتراف بدولة فلسطينية وتمهيد الطريق لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي وأن ينعم الشعب المعذب بسلام دائم .
أما بالنسبة لإسرائيل، فعليها الكف عن اقتطاع أموال المقاصة، وأن تستجيب للدعوات الأوروبية لإحياء محادثات السلام، والعدول عن سياسية تجويع الشعب الفلسطيني سواء في غزة أو في الضفة الغربية، وفك الخناق على الاقتصاد الفلسطيني، خاصة بعدما أكد أبومازن على أن السلطة منفصلة تماما عن حماس، ولا وجود لحماس في المستقبل.
في النهاية، ربما يكون اجتماع بروكسل هذا هو الحل النهائي للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي خاصة بعد تعهدات السلطة بمستقبل بدون حماس، ولكن على إسرائيل أن تقدم ما يثبت سلامة نيتها في تحقيق السلام في المنطقة.