الرد على الحُب والكراهِية

 

بكر أبوبكر

في الرد على أخ وأخت أثارا معطى الكراهية من قبل شعب أو جماعة لأخرى بمنطق التعميم والمطلق، فكان لنا التأمل والرد فقلنا في ذلك أن الكراهية أو المحبة عاطفة انسانية بشرية، كغيرها من العواطف، مرتبط التعبير عنها بانخفاض أو ارتفاع مستوي الوعي والفهم، ودرجة الانسياق أو عدم الانسياق نحو المشاعر الجياشة على حساب العقل والتبين والتوازن والوسطية.

وهو أو هي مشاعر لا تختص بجماعة بشرية دون غيرها، ولا يجوز فهمها بهذا الاطلاق أوالتعميم.

فكما ذكر د.عبدالرحيم جاموس بردّه قبلنا فإن مشاعر الكراهية أو تلك الكتلة السلبية أمثالها هي مشاعر أولية عمومية غالبًا ما تكون منفلتة وغير متزنة.

ولنا في القرآن الكريم حول أثر الكلمة بالمشاعر، وأثر المحبة والكراهية ما يحيلنا للقول الحكيم (ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء *تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون * ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار) (إبراهيم:24-26) .

وفي قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم واشارته للشخصيات الامعية الالحاقية بلا عقل كل الحق عندما ذكر ذلك في سواد الناس بوضوح (لا تكونوا إِمَّعَةً، تقولون: إنْ أحسَنَ الناسُ أحسنّا، وإن ظلموا ظلَمْنا، ولكن وَطِّنوا أنفسَكم، إن أحسَن الناسُ أن تُحسِنوا، وإن أساؤوا أن لا تَظلِموا).

وكذلك الأمر فيما ننقل عن أصناف البشر، أو الناس ثلاثة حسب علي بن ابي طالب كرم الله وجهه بالعالِم الناجي والمتعلم على طريق نجاة والهمج الرعاع.

لنقل أنه في كل قوم أو قبيلة أو بلد أو جماعة بشرية أو شعب تجد مثل تلك الفئات الحانقة اوالسلبية أوالمتصيدة للآخرين، أو تلك التي جُبلت على الفساد (أنظر آيات الذكر الحكيم في فساد وظلم وكفر غالب القبيلة القديمة وانكارها وجحودها اللامتناهي أي قبيلة بني إسرءيل المندثرة، وغيرها من أقوام بائدة كمثال)، ونجد تلك الفئات الضعيفة التي تنساق وراء الكلمة الخبيثة، أوالامعة أوالهمج الرعاع.

لنضيف عاملا آخر في يومنا هذا وهو دور وسائل "التشرذم" الاجتماعي في تكبير السلبيات المحدودة أو الفردية وتضخيمها بالصوت والصورة والكلمة وتكرارها وتردادها، وتحويل هذه الحالات الفردية وكأنها ظاهرة عامة، فيتم وصم الجماعة كلها بجريرة الفرد.

يقول المتنبي:

ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ

وَالناسُ قَد نَبَذوا الحِفاظَ فَمُطلَقٌ يَنسى الَّذي يولى وَعافٍ يَندَمُ

من هنا تأكيدنا منذ البداية على أهمية الوعي والاتزان، وبالمقابل عدم جدال الجهلاء، فاما إهمالهم أو مواجهتهم بالحقائق استنادا لدرجة وعيهم إن تبيناها فيهم.

وفي تقلب الأمزجة وربما التساوق مع الغير حيث الانفلات يكون للعين نظرات تختلف حسب الاحوال والمآلات مما قاله المتنبي

 وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ  وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا

عامل آخر لايمكن اهماله إيضًا اذ أن هناك فئة معوجة اللسان تكره ذاتها وأمتها، نعم هي كذلك بوضوح، أوهي عابثة فاسقة، أوهي مأجورة بلا شك ومتخصصة ببث الفرقة والفتنة بين الأمة وتكديس عوامل الافتراق منعًا لأي تقارب انصياعًا لسوء طويتها البشرية أو للهيمنة الخارجية التي تفرح بمعاركنا الداخلية وهي تنشط على وسائل التشرذم عن نية سيئة وقصد وعمد.

من هؤلاء من نسميهم تهكما "ثوار لوحة المفاتيح"، أو "مناضلي فيسبوك أو تويتر" الذين يقولون مالايفعلون، وإن قالوا قالوا شرًا.

نحن كمناضلين في فلسطين، ومنتمين بكل جوارحنا لهذه الامة العربية والاسلامية نحترم -حتى وإن اختلفنا- الآخرين من أبناء جلدتنا، وأمتنا بكل وضوح.

ولا نقبل او نقرّ فعل أو كلام أولئك الأفراد المخربين أو تلك الفئات الخائبة في الأمة -قلّت ام كبُرت- التي عنوانها الإساءة بقصد تكريس تخلف الأفراد والناس والامة، والهائها بحشرجات الانفاس السيئة المتقطعة الى الأبد، فلا تقوم لنا قائمة ونبتعد عن قضايانا المشتركة وعن جامعتنا فلسطين.

حفظ الله امتنا وكل اخواننا واخواتنا في هذه الأمة التي مآلها النهوض بمعادلة النصربالوعي والفهم والعلم والعمل والتميز الحضاري لتجد ذاتها في مصاف الأمم المتقدمة، وماذاك على الله ببعيد.

 

نداء الوطن