شخصيات أسست للكيان الصهيوني-جون كالفن

 

بكر أبوبكر

 

نتابع مع شخصيات 13 أسست للكيان الصهيوني بعد أن تعرضنا للصهيونية المسيحية منذ القرن السادس عشر، و لنبدأ مع جون كالفن.

مع جون كالفن (1509-1564م) بأفكاره المتطرفة[1] بلغت النهضة اليهودية بأفكارها الصهيونية ذروتها في عهد الثورة البيورتانية (الطهورية) في إنجلترا، وهي حركة دينية متشددة نشأت في القرن السادس عشر من رحم البروتستانتية.[2] جاء وصف التطهر من عمل أتباعها على استئصال ما تبقى من الكاثوليكية في بريطانيا، وكانوا مغالين (متطرفين) في إجلال الكتاب المقدس، كما خصّوا العهد القديم بمكانة تفوق العهد الجديد، حتى استعملوا لغته والأسماء الواردة فيه باعتبارها أنسب أداة لنقل أفكارهم العنيفة، كما طالبوا الحكومة بأن تعلن التوراة دستوراً للقانون الإنجليزي، وساهموا في نشر فكرة الشعب المختار داخل الفكر الإنجليزي، وهي فكرة لعبت دورا جوهريا في الهجرة إلى العالم الجديد (أمريكا) باعتبارها أرض الميعاد.

كان “جان كالفن” مؤسس ما يسمى "البروتستانتية الكالفنية" متشدّداً مثل معلمه “مارتن لوثر” في وجوب الأخذ بالكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وهو ما كان بدايةً لظهور الأثر اليهودي على المذهب الكالفيني الذي أسّس عقائده معتمداً على سرعة انتشار مؤلفاته وأبحاثه، ومنها تأسست الكنيسة الانجيلية (ثم لاحقًا الانجيلية الصهيونية).

وقد فسّر كالفن معنى العهد (الجديد) أنه (التجديد) لليهود بوعد الرب لهم! فمحتوى الوعد واحد إنما أخذ أبعاداً جديدة! أي أن الإله لم يُعط الوعد لليهود دون أن يتعهد بأن يفي به. والمسيح في نظر كالفن هو الوفاء بالعهد أو الوعد الإلهي دون نقض لما كان قبله. وهذا، على حد قول كالفن، ما قال به المسيح نفسه: إنه ما جاء لينقض الناموس بل ليكمله، وإن كلامه لن يزول حتى يتم الكل. فنعمة الإله على اليهود في رأي كالفن لا يمكن إهمالها كعمل عظيم كان في الماضي ومرّ عليه الزمن بل هو متضمَّن في حياة الكنيسة، أي أنه وعد أزلي. ولأنه أزلي، فإن الماضي يشبه الحاضر ويشبه المستقبل![3]

وقد كانت أفكار “جان كالفن” تلك سبباً في زيادة أتباعه من يهود أوروبا بشكلٍ عام ويهود إنجلترا بشكلٍ خاص، وخصوصاً إقراره بمشروعية الربا، وهو ما جعل العديد من الباحثين يذكرون بأن “جان كالفن” من أصلٍ يهودي، حيث ذكر بعضهم بأنه قام بتحويل اسمه من “كوهين” إلى “كالفن” وانتقل إلى سويسرا ووزّع العديد من رجاله في أنحاء إنجلترا واسكتلندا لبذر بذور الثورة تحت ستار الدين)[4]

الحواشي:

[1] يكتب يوسف خليل قائلا: حكمت مجموعة كالفن البروتستانتية مجتمع جنيف بتطرف وقسوة عز نظيرها وفاقت فظائع الكاثوليكية: حيث أنه على مدار سنوات حكم جان كالفن، كان التعذيب الجسدي، ومن بعده الإعدام بقطع الرأس أو الحرق، هي الطرق الأكثر استعمالا في معاقبة كل من تجاوز الحدود الدينية والأخلاقية. وفي بعض الحالات كان الإعدام يُشرّع أيضا لمن قام بتجاوزات قانونية بسيطة.

[1] لاحقًا في بريطانيا عام 1585 دعا توماس برايتون (أو برايتمان) إلى الفكرة القائلة بأن عودة اليهود إلى الأرض المقدسة هي ضرورية من اجل تسريع عودة المسيح.

[1] عبدالوهاب المسيري، الجماعات اليهودية التحديث والثقافة،المجلد الثالث، ص2-6.

[1] من مدونة محمد البريكي على الشابكة. ويمكننا الإضافة من مدونة د.منذر اسحق في موقع كنيسة الروم الأرثوذوكس حول عودة البصر للمكفوفين – الصهيونية المسيحية بعيون فلسطينية قوله التالي: (يؤكد المسيحيون الصهاينة أن اليهود هم شعب الله المختار اليوم، ويصحب هذا الاختيار الأهلية والحق الخاص؛ وهذا ليس مجرد اعتقاد لاهوتي حول الشعب اليهودي. وإن المزج الذي يجري بين دولة "إسرائيل" الحديثة وبين اليهود و"إسرائيل" التوراتية، يعتبر أي معارضة لدولة "إسرائيل" أو الاحتلال معاديا لليهود، وتصبح ضمنا معاديا لله! ويرى جويل روزنبرغ، -وهو أحد المحللين الذين يظهرون بصورة دائمة على شاشة محطة “فوكس نيوز”، ويعتبر من الكتاب “الأكثر مبيعا” حسب جريدة نيويورك تايمز،- أنه إذا تحولت الولايات المتحدة ضد "إسرائيل"، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تهديد وجودي لمستقبل الولايات المتحدة. ويعتمد روزنبرغ في ذلك مثل العديد من الآخرين على سفر التكوين: وَقَالَ الرَّبُّ لإبْرَاهيمَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ. فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً. وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ.” (تكوين 12: 1-3). وما يدهشني هو أن هذه الآيات من سفر التكوين لا تذكر "إسرائيل" في الواقع، وإنما تذكر إبراهيم. وتأتي هذه الآية في وسط الوصاية المجيدة لإبراهيم لكي يصبح نعمة للأمم – وهي الوصاية التي تحققت في نهاية المطاف في يسوع المسيح – الذي هو من نسل إبراهيم وفقا للقديس بولس الرسول- عندما مات على الصليب. فكيف تحول هذا الوعد المجيد إلى وصفة للسياسة الخارجية اليوم نحو دولة علمانية؟).

 

(سلسلة مقالات حول 13 شخصية ساهمت في تأسيس الكيان الصهيوني على حلقات، وهذه الحلقة 3 منها)


[1] يكتب يوسف خليل قائلا: حكمت مجموعة كالفن البروتستانتية مجتمع جنيف بتطرف وقسوة عز نظيرها وفاقت فظائع الكاثوليكية: حيث أنه على مدار سنوات حكم جان كالفن، كان التعذيب الجسدي، ومن بعده الإعدام بقطع الرأس أو الحرق، هي الطرق الأكثر استعمالا في معاقبة كل من تجاوز الحدود الدينية والأخلاقية. وفي بعض الحالات كان الإعدام يُشرّع أيضا لمن قام بتجاوزات قانونية بسيطة.

[2] لاحقًا في بريطانيا عام 1585 دعا توماس برايتون (أو برايتمان) إلى الفكرة القائلة بأن عودة اليهود إلى الأرض المقدسة هي ضرورية من اجل تسريع عودة المسيح.

[3] عبدالوهاب المسيري، الجماعات اليهودية التحديث والثقافة،المجلد الثالث، ص2-6.

[4] من مدونة محمد البريكي على الشابكة. ويمكننا الإضافة من مدونة د.منذر اسحق في موقع كنيسة الروم الأرثوذوكس حول عودة البصر للمكفوفين – الصهيونية المسيحية بعيون فلسطينية قوله التالي: (يؤكد المسيحيون الصهاينة أن اليهود هم شعب الله المختار اليوم، ويصحب هذا الاختيار الأهلية والحق الخاص؛ وهذا ليس مجرد اعتقاد لاهوتي حول الشعب اليهودي. وإن المزج الذي يجري بين دولة "إسرائيل" الحديثة وبين اليهود و"إسرائيل" التوراتية، يعتبر أي معارضة لدولة "إسرائيل" أو الاحتلال معاديا لليهود، وتصبح ضمنا معاديا لله! ويرى جويل روزنبرغ، -وهو أحد المحللين الذين يظهرون بصورة دائمة على شاشة محطة “فوكس نيوز”، ويعتبر من الكتاب “الأكثر مبيعا” حسب جريدة نيويورك تايمز،- أنه إذا تحولت الولايات المتحدة ضد "إسرائيل"، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تهديد وجودي لمستقبل الولايات المتحدة. ويعتمد روزنبرغ في ذلك مثل العديد من الآخرين على سفر التكوين: وَقَالَ الرَّبُّ لإبْرَاهيمَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ. فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً. وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ.” (تكوين 12: 1-3). وما يدهشني هو أن هذه الآيات من سفر التكوين لا تذكر "إسرائيل" في الواقع، وإنما تذكر إبراهيم. وتأتي هذه الآية في وسط الوصاية المجيدة لإبراهيم لكي يصبح نعمة للأمم – وهي الوصاية التي تحققت في نهاية المطاف في يسوع المسيح – الذي هو من نسل إبراهيم وفقا للقديس بولس الرسول- عندما مات على الصليب. فكيف تحول هذا الوعد المجيد إلى وصفة للسياسة الخارجية اليوم نحو دولة علمانية؟).

 

 

نداء الوطن