شخصيات أسست للكيان الصهيوني -نابليون بونابرت

بكر ابو بكر

بكر أبوبكر

كان الامبراطور الفرنسي نابليون بونابرت (1769-1821م) أول رجل دولة يقترح إقامة دولة يهودية في فلسطين (يشار الى العام 1799م) ، وذلك قبل وعد بلفور بنحو 118 عاماً. فخلال وجوده في بلاد الشام وهزيمته أمام أسوار عكا إبان حملته على الشرق، أصدر بياناً دعا فيه اليهود (اليهود الاوربيين الهدف الرئيس) إلى أن يقاتلوا تحت لوائه لإعادة إنشاء مملكة القدس القديمة، وعندما رأى نابليون سهل مجدو العربي في فلسطين قال "إن هذا المكان سيكون مسرحاً لأعظم معركة في العالم".

وفي تلك المرحلة، استُغل الأدب -الذي غدت أفكار العهد القديم من أهم مصادر إلهامه- لتحقيق هذا الهدف، فظهرت أعمال شعرية مثل “الفردوس المستعاد” التي تتحدث عن عودة "إسرائيل"، وكذلك رواية “ناثان الحكيم” التي تصور صلاح الدين على أنه الحاكم المسلم “القاسي والتافه” الذي احتل القدس، وأنه المسيح الدجال في نفس الوقت.[1]

كان عقل نابليون استعماري اقتصادي بالأساس إضافة لايمانه التوراتي الذي يتضاءل امام رغبته باستغلال يهود أوربا لمصلحته الاستعمارية على ما ظهر، فلقد وجه نابليون لليهود نداء آخر(سبقه نداء وهو في مصر) اثناء حصاره مدينة عكا العربية الفلسطينية عام 1799م ، (وكان مما ورد فيه: ان العناية الإلهية التي أرسلتني الى هنا على رأس هذا الجيش قد جعلت العدل رائدي ، وكفلتني بالظفر، وجعلت من أورشليم مقري العام ، والعناية الإلهية ستعينني على نقل هذا المقر فيما بعد الى دمشق قلب الشرق. وتابع نابليون نداءه مخاطبا اليهود الديانة بقوله يا ورثة فلسطين الشرعيين!، ودعاهم لمؤازرته طالبًا منهم العمل على اعادة احتلال وطنهم ودعم أمتهم والمحافظة عليها بعيدا عن اطماع الطامعين لكي يصبحوا أسياد بلادهم الحقيقيين، ومضى نابليون في بيانه قائلاً: سارعوا !! ان هذه هي اللحظة المناسبة ، التي قد لا تتكرر لآلاف السين - للمطالبة باستعادة حقوقكم التي سلبت منكم لآلاف السنين - وهي وجودكم السياسي كأمة بين الأمم وحقكم الطبيعي المطلق في عبادة بهوه ، طبقا لعقيدتكم ، علنا والى الأبد. (ورد هذا البيان كاملا في : Fran’s Kopler , Napoleon and the Jews ) )[2].

 

ويضيف د.أمين محمود قائلًا: (يعزو المورخ S. W. Baron أسباب إصدار نابليون هذا النداء الى رغبته في استقطاب الجاليات اليهودية في الشرق، وجمعها تحت لوائه لتحارب معه وتكون عونًا له قي دعم نفوذه وتثبيت سلطاته. وبالاضافة الى ذلك فان نابليون كان يهمه من وراء هذه الدعوة كسب ثقة يهود فرنسا ودعمهم المادي في صراعه الذي بات وشيك الوقوع مع حكومة الادارة الفرنسية . ويضيف بعض المؤرخين الى نداء نابليون هذا هدفا آخر وهو تشجيع اليهود على التوطن في فلسطين بغية إيجاد حاجز مادي بشري يفصل المشرق العربي عن مغربه ، واستغلال ذلك في تسهيل وتدعيم الاحتلال الفرنسي في ذلك الجزء من العالم . كما كان نابليون يهدف الى تهديد مصالح بريطانيا من خلال إغلاق طريق مواصلاتها المؤدي الى الهند.)

ويتابع: غير أن هزيمة نابليون امام أسوار عكا العربية الفلسطينيةعام 1799 سرعان ما قضت على أحلامه التوسعية الاستعمارية في الشرق وبالتالي فان بيانه البلفوري فقد أهميته وتلاشت قيمته. ومما يسترعي الانتباه في هذا الصدد أن عامة اليهود لم تبد اهتمامًا جديا بدعوة نابليون المتضمنة "وعدًا" باقامة دولة لليهود في فلسطين . وهذا يؤكد ان التفكير اليهودي باستيطان فلسطين لم يكن قد تبلور بعد ، وان جُلّ اهتمام اليهود في هذه الفترة كان يرتكز على تثبيت أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية في بلادهم، وهي البلاد التي كانوا يعيشون فيها دون الانسياق وراء مغامرات قد تعرض حياتهم للخطر.

(سلسلة مقالات حول شخصيات ساهمت في تأسيس الكيان الصهيوني على حلقات، وهذه الحلقة 5 منها)

 

الحواشي:

[1] د.ربى الحسني، الباحثة في العقائد والاديان في مقالها بموقع السبيل المعنون: المسيحية الصهيونية.

2 د.أمين محمود ومقاله المعنون: نابليون بونابرت والمسألة اليهودية، أنظر موقع عمون 29/6/2020م.


[1] د.ربى الحسني، الباحثة في العقائد والاديان في مقالها بموقع السبيل المعنون: المسيحية الصهيونية.

[2] د.أمين محمود ومقاله المعنون: نابليون بونابرت والمسألة اليهودية، أنظر موقع عمون 29/6/2020م.

 

 

نداء الوطن