"بايدن" على خطى سابقيه 3/3

بكر ابو بكر
 
 

بكر أبوبكر

 

ما بين تحقيق المصالح الإسرائيلية-الامريكية أولًا كما أشار "بايدن" بكل وضوح وما بين تواصل دعم "إسرائيل" اللامحدود يأتي لرشوة أو خداع المنطقة (بطلته البهية) وكأن الملوك بانتظار الامبراطور لإعلان الولاء ليس إلا، دون أدنى اهتمام بالمصائر التي لم ينجح بطرحها في مقاله في واشنطن بوست.

 

الكسندر هيغ و"إسرائيل"

الجنرال ألكسندر هيغ، الذي شغل منصبي القائد الأعلى لقوات حلف الناتو ووزير الخارجية الأميركي في أثناء الحرب الباردة، قال إن "إسرائيل" "هي حاملة الطائرات الأكبر في العالم التي لا يوجد جنود أميركيون على متنها، ولا يمكن إغراقها، وهي راسيةٌ في منطقة حسّاسة أمنيًا واقتصاديًا. كذلك فإن "إسرائيل" توفّر على الولايات المتحدة نفقات ترتبط بإنتاج ونصب حاملات طائرات وألوية عسكرية إضافية في المحيط الهندي والشرق الأوسط والبحرالأبيض المتوسط، تصل إلى نحو 15 مليار دولار سنويًا كما اقتبس الزميل أنطوان شلحت في مقاله وهذه أرقام الزمن الماضي فكيف اليوم!

وكما أضاف لنا الكاتب الصديق حسني المشهور: هذا ما قاله لهم كيسنجر عندما احتج كثير من الأمريكان آنذاك على طلبه 7 مليارات دولار تدفع فوراً ل"إسرائيل" بعد حرب تشرين/أكتوبر/رمضان المجيدة عام 1973 وحسبها لهم وفق الكلفة ل 250 الف جندي أمريكي يقيمون في المنطقة لحماية مصالح أمريكا ... وأضاف: أيهما أفضل أن لا تدفعوا 7 مليار ويذهب ابناؤكم هناك والقتلى منهم ام تدفعوها ويبقى ابناؤكم بينكم والقتلى من غيرهم ؟؟؟ فاستجابوا لطلبه ودفعوها مثل التوتو ! على حد قوله. وما أكده الرئيس الامريكي بمقاله في واشنطن بوست حين أشارأن من أهدافه الرئيسة باستقرار المنطقة كما أسماه ألا يضع "أعباءً جديدة على القوات العسكرية الأميركية وعائلاتهم".

 

 

الفلسطينيون لا يتوهمون

الموقف الفلسطيني الحقيقي أن زيارة هذا الرجل الذي تهتز الأرض من تحت رجلي عرش بلاده لما يحدث من تغيرات عالمية تقودها الصين وروسيا لن يأتي بجديد عدا عن تكرار الشعارات البائسة بحل الدولتين بلا أرجل (والتي لم يذكر عنها شيئًا في مقاله ب"واشنطن بوست")، وتلويحات فتح القنصلية، وسيتكرم ببضعة أموال بخسة يُحسِن بها على الفلسطينيين، من جيوب دول الخليج لتغطية بعض النشاطات الفلسطينية.

قال "بايدن" في مقاله بواشنطن بوست 9/7/2022 بوضوح وعنجهية بل واستهتار ليس بالفلسطينيين بل بالأمة ككل: "استعادت إدارتي ما يقرب من 500 مليون دولار لدعم الفلسطينيين، مع تمرير أكبر حزمة دعم لإسرائيل في التاريخ - أكثر من 4 مليارات دولار"!

 في ظل هدفة الرئيس الذي عبر عنه عام 1973 في أنه لو لم توجد "إسرائيل" لاوجدناها...برافو! لذلك سيسلمه رئيس الحكومة الإسرائيلية وسام الشرف الرئاسي الذي يمنح لأي من للأفراد الذين قدموا مساهمة استثنائية ل"إسرائيل"، لاحظ "إستثنائية"!

ولعدم التوهان تنقل رويترز عن متحدث باسم المكتب الأميركي للشؤون الفلسطينية قوله البائس: إن واشنطن تعتقد أن حل الدولتين هو أفضل طريقة لكل من "إسرائيل" والفلسطينيين (لماذا ليس "إسرائيل" وفلسطين مثلًا) لحل الصراع (ولماذا ليس الاحتلال !؟) المستمر منذ أجيال. مع تلويحات عقيمة مثل فتح القنصلية، و"الضغط" (4 مليار وضغط؟!) على "إسرائيل" لاستمرار الوضع الراهن بالقدس. ونتساءل وهل من سيتسلم وسام البطولة الإسرائيلي الرفيع، والذي أراد اختراعها، ودفع لها متفاخرًا 4 مليار، وجاء للضحك على الامة "سيضغط" على غيرنا حاشاه فنحن القابلين للضغط فقط لا غير!

سيقدم "بايدن" ذو العقلية المنحازة أصلًا، وذو المعايير المزدوجة عددًا من الإملاءات على الفلسطينيين مقابل وعود تخديرية يطلقها بالهواء، فالوضع مستقر كما يرى مع "الديمقراطية" الإسرائيلية وأوهامه ب"اتفاقات ابراهام" المرتبطة بصفعة القرن التي لن تقبلها الأمة مطلقًا.

واحد أهم أمثلة ازدواجية معاييره سعي أمريكا لفرض وجود لمحكمة الجنايات في أوكرانيا، بينما ترفض رفضًا باتًا أن يكون هناك دور لها بما يتعلق بفلسطين، ومنه مؤخرًا في قضية الاعلامية الشهيدة برصاص الاحتلال شيرين أبو عاقلة.

المطالب الفلسطينية واضحة ومتكررة وقالها الرئيس أبومازن مرارًا من على منابر الأمم المتحدة وغيرها من المنتديات العالمية، إلا أن الاحباط هو الحالة الحقيقية التي تلفّ الفلسطينيين والعرب الأحرار من زيارة الرجل ذو العرش "الإلهي" المهتز.

ومن المهم كما قال أبطال فلسطين الثابتون المقاومون أن يكون الموقف الفلسطيني قويًا بوحدته الداخلية ومقاومته، وضمن منهج وطني كفاحي مشترك، وأن تبقى القيادة الفلسطينية متمسكة بالإجماع الفلسطيني الرافض لمحاولات القفز عن الحقوق الوطنية، ورفض أي "وساطة" أوطروحات أمريكية لا تستند لقرارات الشرعية الدولية، وعلى القيادة "الموحدة" الاستفادة من المتغيرات العالمية بمستويات القوة، والمناخ الدولي المتاح لبناء جبهة دولية واسعة لمساندة حقوق الفلسطينيين، ووقف الرهان على إمكانية العودة للمفاوضات.

 

نداء الوطن