3 عقبات تجعل التقارب الروسي الإيراني مستحيلا

 

أبرزها الملف السوري والنفط.. 3 عقبات تجعل التقارب الروسي الإيراني مستحيلا
على محمد
أثار حديث المسؤولين الإيرانيين عن التقارب الروسي الإيراني جدلا واسعا في الأوساط السياسية، فيما يرى محللون أن هذه الفكرة أبعد من الخيال، وما حدث لا يرقى إلى مستوى تغيير اللعبة الجيوسياسية.
وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قد أكد عقب استقباله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال زيارته إلى طهران، أن "تعزيز التنسيق هو السبيل لمواجهة العقوبات الأميركية، وأن التعاون بين روسيا وإيران في مجال الطاقة له آفاق واعدة".
وقالت وسائل إعلام إن رئيسي ولافروف بحثا تعزيز التعاون في مجال التجارة والطاقة، ورفع مستوى العلاقات بين طهران وموسكو، وتحفيز التبادلات بينهما، وخصوصاً على المستوى التجاري، إضافةً إلى الاتفاق النووي والوضع في أوكرانيا وسوريا وأفغانستان.
ويرى محللون أن حقيقة التنافس بين روسيا وإيران في إنتاج الطاقة والملف السوري والاتفاق النووي من المرجح أن تضع حدودا لأي شراكة أعمق، حتى برغم اتحاد البلدين في العداء تجاه الغرب.
ولفهم العلاقات الروسية الإيرانية، يمكننا تتبع تاريخ العلاقات بين البلدين، والذي يثبت أن العلاقة بينهما كانت تحددها المصالح والأطماع الجيوسياسية.
ومنذ البداية نشأت العلاقات بين الجانبين على عدم الثقة والصراع على المصالح الاستراتيجية والجيوسياسية، حيث سبق أن وجهت روسيا ضربات قاسية لسلالة «آل قاجار» الإيرانية في القرن التاسع عشر، أفضت إلى توقيع معاهدتي «جلستان» في عام 1813، و«تركمان جاي» في عام 1828، اللتين فقدت بموجبهما بلاد فارس، الكثير من أراضيها مثل أرمينيا، وأذربيجان، وداغستان، وأجزاء من جورجيا، وتركيا الحديثة.
وزادت الفجوة بين البلدين عقب سقوط النظام القيصري في روسيا عام 1917، وتزايدت بعد توسع الحزب الشيوعي في إيران، ومعارضته للشاه محمد رضا بهلوي، ليعقب ذلك مزيد من الشد والجذب بعد ثورة 1979، بسبب الخلاف الذي بدأ يظهر بين المجموعات اليسارية والاسلامويين، إضافة إلى قضية القوميات غير الفارسية التي قفزت إلى السطح بعد سقوط نظام الشاهـ ودعم اليسار الإيراني لها.
بالإضافة إلى ذلك ظلت التيارات الدينية تتهم الاتحاد السوفيتي السابق بدعم المجموعات اليسارية في إيران، حتى أصبح عداء تلك التيارات للسوفييت بنفس مستوى عدائهم للولايات المتحدة.
وخلال حرب الخليج الأولى دعم الاتحاد السوفيتي العراق ضد إيران وكان الجيش العراقي مسلحًا بصورة أساسية بالأسلحة التي اشترتها العراق سابقًا من الاتحاد السوفيتي، كما زودت أقماره الصناعية العراق بالدعم اللوجيستي والفني خلال الحرب.
وعقب انهيار الاتحاد السوفيتي، لعبت واشنطن دورا كبيرا في زيادة الصراع بين إيران وروسيا، وقد أبرمت مع موسكو اتفاقية «غور تشيرنوميردين» في عام 1995، بهدف منع الروس من تصدير الأسلحة والأنظمة الدفاعية إلى طهران، مقابل الحصول على امتيازات ومساعدات اقتصادية أمريكية، وتعمدت الإفصاح عن البنود السرية لهذه الاتفاقية في عام 2000، لقطع الطريق أمام أي تطور في العلاقات الروسية الإيرانية .
مجال الطاقة
على الرغم من حديث وسائل الإعلام الإيرانية عن توسع التجارة بين البلدين مؤخرا، فإن العلاقات بين البلدين تتعقد بسبب المخاوف المتعلقة بالطاقة حيث تقوم روسيا بشكل متزايد بخفض حصة إيران في السوق في سعيها للعثور على مشترين جدد لنفطها.
وقال حميد رضا عزيزي الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية "إن روسيا وإيران في الواقع متنافسان تجاريان خصوصا في سوق الطاقة".
وفي الوقت الحالي يبدو أن إيران بدأت تخسر حصتها الضيقة بالفعل في سوق الطاقة لصالح النفط الروسي، الذي يأتي الآن بسعر أقل من نظيره الإيراني.
فعلى سبيل المثال، انخفضت صادرات إيران الشهرية من المنتجات النفطية من 430 ألف طن إلى 330 ألف طن، حسبما صرح حامد حسيني، الأمين العام لاتحاد مصدري النفط والغاز والبتروكيماويات الإيراني، لوكالة أنباء العمل الإيرانية في أواخر يونيو/حزيران.
وذكرت صحيفة شرق الإيرانية اليومية في 21 مايو/أيار أن أكبر مشتري الفولاذ في إيران، بما في ذلك الصين وكوريا الجنوبية، انتقلوا أيضا إلى شراء الفولاذ الروسي المخفض.
ومع تسبب العقوبات في تقليص عائدات إيران بشكل حاد، فإن صادرات النفط تشكل أهمية بالغة بالنسبة للبلاد، التي تواجه الآن أزمة اقتصادية. وتفوق نسبة التضخم 50 في المئة، إلا أن إيران اضطرت، حسبما ورد، إلى تخفيض أسعار النفط لمواكبة التخفيضات الروسية.
عرقلة الاتفاق النووي
سعت روسيا، في مارس/آذار، بكل قوة إلى عرقلة المفاوضات حول "خطة العمل الشاملة المشتركة"، أو الاتفاق النووي الإيراني، الذي يمكن أن يؤدي حله إلى تخفيف بعض العقوبات على الاقتصاد الإيراني.
وهذا يعني أن روسيا قد تنبهت للمسعى الأمريكي الأوروبي من أجل استقطاب الجانب الإيراني من وراء إحياء الاتفاق النووي، لضمان إعادة التدفق السلس للنفط والغاز الإيرانيين إلى الأسواق الأوروبية؛ الأمر الذي يعني حرمان موسكو من «سلاح المساومة» والضغط السياسي الذي تتوافر عليه في حال بقيت طهران تحت طائلة العقوبات الاقتصادية.
وخلال العام المنصرم كانت موسكو وسيطاً أساسياً بين واشنطن وطهران، بسبب منع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الدبلوماسيين الإيرانيين من التفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة، فقادت المفاوضات النووية في مسار بدا، آنذاك، وكأنه يتجه نحو خواتيمه. لكنه سرعان ما تراجع في خضم تصاعد الصراع الروسي الأوكراني، لتعيد موسكو تقييم دورها التيسيري، والتهديد ضمناً بضرب الاتفاق النووي الإيراني تحقيقاً لمصالحها الخاصة.
وترى روسيا أن التعافي الاقتصادي في إيران سيصبح ألماً وخسارة عليها، حيث ستتسبب في الحد من إمكانيات روسيا في أسواق الطاقة العالمية، وتراجع نفوذها الاقتصادي، كما أن إنتاج النفط الإيراني سيشهد ارتفاعا يصل إلى 3.8 مليون برميل يومياً. فيما تقدّر وكالة الطاقة الدولية أنه في حال التوصل إلى اتفاق، فإن ذلك يمكن أن يعيد 1.3 مليون برميل يومياً من النفط الإيراني إلى السوق.
ودفعت هذه التخوفات روسيا إلى إعلان تمسكها بمطالب رئيسية في المرحلة النهائية من الاتفاق النووي، منها طلبها ضمانات خطية من واشنطن بأن العقوبات الغربية الأخيرة على موسكو، لن تؤثر على تعاونها مع طهران في مجالات اقتصادية وعسكرية. ولعل هذا الموقف يعبر عن سعي روسي لاستخدام ورقة الاتفاق في التجاذب مع الغرب، وتأخير التوصل إلى الاتفاق النووي؛ ما يعني عدم السماح للنفط الإيراني من العودة إلى الأسواق بسرعة.
وبرغم امتعاض إيران من المطلب الروسي، فإنها لم تعارضه، وذلك لرغبتها في توقيع الاتفاق، وحرصاً منها على تفادي خسارة الحليف الروسي الذي شكّل لها «حبل إنقاذ» من العقوبات، وبلغت الرغبة الإيرانية في إحياء الاتفاق النووي إلى حد الاستجداء، حيث طلب وزير الخارجية الإيراني “أمير عبد اللهيان” من روسيا دعمها للوصول إلى اتفاق نووي مستقر، وذلك خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو خلال مارس الماضي.
الوضع في سوريا
ويرى المجلس الروسي للشؤون الدولية، أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أثارت نقاشات واسعة ومكثفة حول الطرق المستقبلية للعلاقات بين روسيا وإيران في سوريا.
وقال المجلس في تقرير له، "يتوقع المحللون الغربيون والإسرائيليون نموا أساسيا في الوجود السياسي والعسكري والاقتصادي لطهران بسبب تحول اهتمام موسكو من سوريا إلى أوكرانيا. وهذا، بدوره، قد يغير الديناميات الكاملة للعلاقات الروسية الإيرانية حول الملف السوري".
وأضاف المجلس " على العكس من ذلك، وعلى الرغم من التقارير عن أصوات هزيلة من سوريا، فضلا عن التسريبات التي بثتها وسائل الإعلام الدولية حول نقل مواقع عسكرية إلى إيران وحزب الله، فإن الممثلين الروس يرفضون بثبات مثل هذه التوقعات، في إشارة إلى "التناوب الروتيني" ولكن "ليس انسحابا مطلقا" للقوات الروسية. وقد ازدادت هذه التكهنات عشية الاجتماع الثلاثي للقادة الإيرانيين والروس والأتراك بشأن سورية، في العاصمة الإيرانية".

 

نداء الوطن