القدس والمسلمون في 22 نقطة أساسية (2/2)-السنة والشيعة

نداء الوطن -بكر ابو بكر

بكر أبوبكر

 

لقد اختلفت الأمة عبر تاريخها حتى في العقائد، فظهرت الطوائف والتيارات والفِرَق، ولم تختلف على أمور أخرى كان منها وعلى رأسها حادثة الإسراء والمعراج الى القدس والمسجد الأقصى في القدس بفلسطين حتى يأتيك اليوم من يشوّهون التاريخ ويكذّبون اجماع الأمة، ولمصلحة مَن؟ إن لم تكن لمصلحة العدو من جهة، أولغرض الفتنة والتهكم على الامة كما يفعل كيدار، أو لتبرير عجزهم وتخاذلهم ونذالتهم، وتخليهم عن فلسطين والقدس في أحلك لحظات التاريخ، ونكمل الجزء الاول من 13 نقطة من المقالة بالتالي.

14-المسجد الأقصى عثمانيًا: حيث يذكر د.محسن صالح إن ما يحويه الأرشيف العثماني من كنوز وثائقية ليس لملكية المسلمين للأقصى فقط، وإنما لملكياتهم المسجلة في القدس وباقي فلسطين. فدفتر أرشيف رئاسة الوزراء رقم 342، في سنة 970هـ/ 1562م، مثلاً لم ترد فيه أي وقفية أو ملكية مسجلة باسم أي يهودي لا في القدس الشريف ولا في الخليل وقراها.. فلا بيتا ملكوه ولا قاعة ولا بستانا ولا قطعة أرض ولا غراسا، ولا مزارع ولا دكاكين أو مخازن أوحواصل أو غيرها. حتى إن مقبرة اليهود الكائنة في رأس العمود قرب سلوان كانت من الأوقاف الإسلامية المؤجرة لليهود لدفن موتاهم؛ وهي من وقف صلاح الدين الأيوبي بالقدس؛ وقد أُجِّرت لهم سنة 967هـ/ 1559م.

15-المسجد الأقصى عند الشيعة[1]: وبعيدًا عن عديد الإدخالات والأراجيف التي حفلت فيها كتب التاريخ ومن أكاذيب كثيرة، فإن عموم الشيعة واضحون حيث يكتب الشيخ جهاد فرحات العاملي كتابه: الشيعة والمسجد الأقصى ذاكرًا فيه ما يؤكد ماذهبت اليه السُنّة فهو ينقل عن الشيخ الشيعي الشهير الطوسي، ثم الشّيخ الطبرسي من أعلام القرن الخامس الهجري، الذي يقول في (جامع الجوامع): "أسرى وسرى بمعنى، ونكَّر قوله ليلاً لتقليل مدَّة الإسراء، وأنّه أسري به في ليلة من جملة اللّيالي من مكّة إلى الشّام مسيرة أربعين ليلة، وقد عرج به إلى السّماء من بيت المقدس.. والمسجد الأقصى هو بيت المقدس، لأنّه لم يكن حينئذٍ وراءه مسجد". قال في (مجمع البيان): "فإنّ الإسراء إلى بيت المقدس وقد نطق به القرآن ولا يدفعه مسلم". ويشير أيضا للشيخ الشيباني بالمثل ثم يذكر أن الشيخ الكاشاني: من أعلام القرن التّاسع الهجري، قال في (زبدة التفاسير): "المسجد الأقصى بيت المقدس، لأنّه لم يكن حينئذٍ وراءه مسجد". وذكر رواية عن الرّسول(ص): ".. وركبت ومضيت حتى انتهيت إلى بيت المقدس.. ثم أخذ جبرئيل بيدي إلى الصّخرة، فأقعدني عليها، فإذا معراج إلى السَّماء". وصولًا الى السيّد الطباطبائي: قال في (الميزان): "المسجد الأقصى هو بيت المقدس، والسيّد فضل الله: قال في (من وحي القرآن): "إلى المسجد الأقصى الّذي هو الأبعد بالنّسبة الى المسجد الحرام، وهو بيت المقدس". وأشار الكاتب الشيخ صلاح مرسول البحراني الى الروايات الإسرائيليّة والمرسلة والضّعيفة والموضوعة، قد ملأت التّفاسير"الروائية"، لأنّ أصحابها إنما هدفوا إلى الجمع تارةً، وإلى التّبويب تارة أخرى، كما فعل العلامة المجلسي في البحار تماماً، وفي تفسير هاشم البحراني كمثال، ما لا يعتد به.

16-وفي العصور الحديثة أثناء الاحتلال (الانتداب) الانجليزي، عُقِدت المؤتمرات في القدس وللأقصى، ومنها على سبيل المثال: المؤتمر الاسلامي المنعقد في القدس الذي دعا له الحاج أمين الحسيني عام 1928، والمؤتمر الاسلامي بالقدس عام 1931 بعد هبّة البراق العظيمة عام 1929م. ويعتبر هذا المؤتمر كما يقول الباحث كمال الجعبري من المحاولات الجادّة المبكّرة لمواجهة الحالة الاستعمارية المركّبة في فلسطين، من الانتداب البريطاني، والمشروع الصهيوني، كما يعبّر عن البعد الإسلامي الواضح، وموقع العروبة من هذا البعد، في النضال الفلسطيني المبكّر، ولدى الشخصيات التي حملت عبء هذا النضال، كالحاج أمين الحسيني. وحضرالمؤتمر ممثلوعدد من البلدان العربية والإسلامية وهي: تركستان الصينية، تركيا، تونس، جاوا، الجزائر، الحجاز، روسيا، سيلان، سوريا، شرق الأردن، طرابلس الغرب وبرقة (ليبيا)، العراق، فارس (إيران)، فلسطين، قفقازيا، لبنان، مصر، المغرب الأقصى (المغرب)، نيجريا، الهند، اليمن، يوغسلافيا. كما أن المؤتمر شهد مشاركة لوفد من مسيحيي فلسطين العرب الأرثوذوكس.

17-المجلس الوطني في القدس: تعود نشأة المجلس الوطني الفلسطيني إلى عام 1948، حين قام الحاج "أمين الحسيني" بالعمل على عقد مجلس وطني فلسطيني في غزة، مثل أول سلطة تشريعية فلسطينية تقام على أرض الدولة العربية الفلسطينية التي نص عليها قرار الأمم المتحدة رقم (181) لعام 1947، حيث قام المجلس حينذاك بتشكيل حكومة عموم فلسطين برئاسة "أحمد حلمي عبد الباقي" الذي مثل فلسطين في جامعة الدول العربية. وقد أعيد تجديد المجلس الوطني الفلسطيني عام 1964، وذلك بعد أن قرر الملوك والرؤساء العرب في مؤتمر القمة العربي الأول تكليف أحمد الشقيري، ممثل فلسطين لدى جامعة الدول العربية آنذاك، بالاتصال بالشعب الفلسطيني والدول العربية لإقامة القواعد السليمة لإنشاء الكيان الفلسطيني، حيث قام الشقيري بجولات زار خلالها الدول العربية، واتصل بأبناء الشعب العربي الفلسطيني في مختلف أماكن تجمعهم، وفي ربيع عام 1964م، قامت لجان تحضيرية بإعداد قوائم بأسماء المرشحين لعضوية المؤتمر الذي سوف يعقد لهذا الغرض، وقد عين الدكتور "عزت طنوس" مديراً لمكتب المؤتمر، وقد تم توجيه دعوة إلى 397 شخصاً ليكونوا أعضاء في المؤتمر الفلسطيني الأول بمدينة القدس بتاريخ 28/5/1964م.

18-فلسطين لنا: ويضيف د. محسن صالح في مقاله المعنون: في مواجهة الادعاءات اليهودية الصهيونية تجاه فلسطين والأقصى والقدس أنه وحتى سنة 1948، فإن الصهاينة لم يتمكنوا من الاستحواذ على أكثر من 6 في المئة من أرض فلسطين (بينما ظلّ 94 في المئة في ملكية الشعب الفلسطيني)، ولم يتمكن الصهاينة من إنشاء كيانهم على 77 في المئة من أرض فلسطين إلا في حرب 1948 من خلال المجازر والتطهير العرقي وتهجير الشعب الفلسطيني.

19-ومن المفيد الإشارة إلى تقرير اللجنة الدولية المقدم إلى عصبة الأمم سنة 1930 حول "الحق في حائط البراق"، وذلك إثر أحداث هبّة البراق التي حدثت سنة 1929، حيث أكّدت اللجنة بشكل حاسم ووفق الوثائق والأدلة أن حائط البراق (الحائط الغربي للمسجد الأقصى) وساحته هي أرض وقف إسلامي.

يختم صالح مقاله بالقول ما نتفق معه به أن: حقائق التاريخ الساطعة، فتشهد أن هذا المكان العظيم المقدس، يحتاج عقلية متسامحة منفتحة “جامعة”، وهو ما كان عليه سلوك المسلمين عبر تاريخهم؛ أما العقلية الصهيونية فهي عقلية منغلقة “مانعة”، لا تملك رسالة حضارية، تقدمها للناس. وبالتالي، لا تستحق إدارة هكذا مكان، ولا حكم هكذا أرض. وحيث توجد العقلية “الجامعة” توجد الحرية والسكينة والسلام، وحيث توجد العقلية “المانعة” يوجد الظلم والصراع والدمار.

20-رفض الشهيد البطل الراحل ياسر عرفات أي تفريط من أي نوع بالقدس وبالمسجد الأقصى المبارك في مباحثات "كامب ديفد" الثانية عام 2000م، ومات شهيد القدس وفلسطين وهو يردد: "على القدس رايحين شهداء بالملايين".

21-بعد الاستيلاء الصهيوني على مدينة القدس لم تنقطع الثورات، وعلى رأسها الثورة الفلسطينية منذ العام 1965م، والانتفاضات وأشهرها انتفاضة الأقصى عام 2000-2004م، والهبات والحراكات...، ان تنطلق من هذا المسجد العظيم والمدينة العظيمة ولأجلهما، ونيابة عن الأمة، رغم كل التهويد الأسود والمذابح وعقلية وممارسات القتل والهدم والتشريد الصهيونية، ولم تستطع معاول الهدم الصهيوني وكل آثاريي العالم أن يجدوا ذرة رمل واحدة تثبت ادعاءاتهم لا بفلسطين ولا بالأقصى ولا بالقدس العربية.

22-والى ذلك ما زالت قلوب جميع المسلمين قاطبة، تهفو الى القدس، والى المسجد الأقصى المبارك، وما كل احتفال للعالم الاسلامي بالإسراء والمعراج الا وكانت القدس وتحريرها لسان حال الملايين من المسلمين الى يوم النصر القريب بأذن الله، يرونه بعيدًا ونراهُ قريبًا وإنا لصادقون.

 

 

نداء الوطن