حزب الله يتفاوض على الغاز مع إسرائيل.. هل يحل الحزب محل الدولة؟

على محمد
يشكل حزب الله لاعبا مزدوجا، في الحياة السياسية في لبنان فهو يتمتع بشرعية الدولة ويعمل سواء داخل الدولة أو خارجها دون أن يكون مسؤولا أمام الدولة.
وقد ازدادت قوة حزب الله حتى أصبح قادرا على التأثير والسيطرة على الدولة في لبنان من داخل مؤسسات الدولة وخارجها، ولا تتحقق قوة حزب الله في لبنان من خلال الإكراه المطلق فقد استطاع تعزيز السيطرة من خلال عقد اتفاقيات مع النخبة والاستفادة من نقاط الضعف في نظام الدولة اللبنانية وبنيتها التحتية.
ويبرز "حزب الله" بين جميع الجهات السياسية الفاعلة في لبنان من حيث تمتعه بحكم الأمر الواقع، السيطرة على حدود لبنان مع سوريا، كما أنه يبرز من خلال استخدام مرفأ بيروت لنقل المخدرات والأسلحة والمواد المتفجرة من وإلى لبنان من دون أي رقابة من الدولة على عملياته أو تفتيش الحظائر التي يسيطر عليها.
التوغل داخل الدولة
لقد نجح "حزب الله" في بسط نفوذه على الدولة اللبنانية من رئاسة الجمهورية إلى ممثليه في المؤسسات السياسية والخدمة المدنية، فضلا عن الجيش والأمن ويعود هذا التأثير إلى عدد من العوامل:
واستفاد حزب الله من جهة خارجية موثوق بها - إيران - خلافا للأطراف الأخرى في لبنان؛ بجانب قدرة حزب الله من حيث التنظيم والتمويل والموارد المادية وعدد الأتباع، وهو ما يجعل الأحزاب اللبنانية الأخرى تبدو ضئيلة جدا؛ أيضا استباقية حزب الله وتنسيقه واستخدامه إستراتيجية شاملة طويلة الأجل؛ بالإضافة إلى نقاط الضعف القائمة في الدولة اللبنانية، التي تمكن حزب الله من استغلالها بصورة أكثر منهجية أكثر من الأحزاب السياسية الأخرى. وعلى هذا النحو، في حين أن "حزب الله" هو عامل مساهم في ضعف الدولة اللبنانية، هو أيضا نتاج النظام السياسي في لبنان. وما دام النظام السياسي القائم في لبنان قائما، لن يكون من الممكن إنهاء تأثير حزب الله على الدولة اللبنانية.
ويثير نفوذ حزب الله المتزايد التساؤل عما إذا كان سيبقى راضيا عن مستوى قوته الحالية ، أو يسعى بدلا من ذلك إلى الاستيلاء على الدولة في صفة رسمية.
حزب الله يحل محل الدولة
وفي نوفمبر 2021 دفع أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله 10 ملايين دولار لشراء النفط من إيران وتوزيعه مجانا على مؤسسات لبنانية حكومية وخاصة.
وقالت أوساط سياسية لبنانية إن رسالة نصرالله واضحة من خلال هذا الأمر، ومفادها أن الذي يريد أن يتحدث مع لبنان فعليه أن يتوجه رأسا إلى حزب الله، فهو المفوض بالحديث وصاحب القرار السياسي والعسكري.
وفي خطاب تلفزيوني قال أمين عام حزب الله إن ما قيمته 2.6 مليون دولار من الوقود تم توفيره مجانا لمؤسسات غير حكومية وبلديات ومستشفيات حكومية وغيرها من المؤسسات اللبنانية، بينما تم بيع وقود بأكثر من 7.5 مليون دولار بأسعار مدعومة.
وقال إن حملة توزيع المازوت على المستشفيات ودور المسنين والبلديات ستستمر شهرا إضافيا فقط، وإن أولئك الذين يعيشون على ارتفاع 500 متر وما فوق ستكون لهم الأولوية بالحصول على المازوت المدعوم وبالليرة اللبنانية مع اقتراب أشهر الشتاء الباردة، وإن مئات الآلاف من العائلات ستستفيد من هذا المشروع.
حامي حقوق لبنان
ومؤخرا اتجه "حزب الله" إلى التصعيد العسكري والسياسي، في مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وذلك بالتزامن مع وصول الوسيط الأميركي آموس هوكستاين إلى بيروت، حاملاً رداً إسرائيلياً على مبادرة للتوصل إلى تسوية تعيد الطرفين إلى طاولة المفاوضات غير المباشرة في الناقورة، في جنوب لبنان، برعاية الأمم المتحدة، وتحت عَلَمها.
وقد اعتبر حزب الله ذلك مناسبة جيدة لإعادة الترويج لثقله الإقليمي وإصراره على التلويح باستهداف منصات وبواخر التنقيب عن الغاز لصالح إسرائيل. ويستهدف حزب الله من هذا التلويح باستخدام القوة الظهور بمظهر المدافع عن الحق اللبناني في المفاوضات الجارية حالياً بوساطة أمريكية، كما يبدو أنه يمارس دوراً إقليمياً لصالح إيران في شأن ملفها النووي ولصالح روسيا بشأن ملف الغاز وذلك لتعطيل عملية إيجاد بديل سريع له وإلا كسبت الدول الغربية رهانها بتطويق المصالح الاقتصادية الروسية.
ويرى محللون أن حزب الله نجح في أن يرهن الدولة اللبنانية لقراره، وبات يتصرف وكأنها غير موجودة، فهو يدفع الدعم على المحروقات التي يفترض أن تدفعه الدولة، وهو الذي ساعد على أن تتخلص الدولة من هذه المهمة من خلال قرارات متتالية برفع الدعم ليصبح حزبه هو الدولة، والدولة هي الهامش والآن برز الحزب بدور المفاوض على ترسيم الحدود البحرية مع الاحتلال والحامي لحقوق لبنان النفطية في مياه البحر المتوسط.

 

 

نداء الوطن