إبن رشد وحافلة الثقافات في التنظيم (2/2)

نداء الوطن -

بكر أبوبكر[1]

تحدثنا عن نماذج الثقافة في التنظيم السياسي ومنه في حركة فتح ما بين ياسر عرفات وصلاح خلف وأبوماهر غنيم...الخ، كما تعرضنا سريعًا لنموذج او مخطط "كوين وكاميرون" حول الثقافة التنظيمية والتي رآها ب4 نماذج هي ثقافة الجماعة/الفريق (العشيرة) – ثم الثقافة الإبداعية. وثالثا: ثقافة المنافسة (السوق)،والنوع الرابع: الثقافة الهرمية. ولنتعرض الآن للتالي متفحصين.

*الثقافة ومقدار التأثير. السلوك أكبر وقعا من ذات/مضمون الكلمات، واليكم التالي

*الحديث واللقاء والمحاضرة فيها نسب التأثير كالتالي على المتلقين: 7% لمضمون الكلام و38% لطريقة قوله أي الصوت، بينما 55% للغة الجسد هذا بالنسبة للمتحدث او الخطيب أوالمحاضر. (أنت تؤثر بالناس بالسلوك بما مجموعة الصوت والجسد أي93%)

* التأثر والتأثير الأكبر بالنموذج الانساني والقدوة[2] والعمل. يتأثر الانسان بالتجربة: 50% مما يراه ويسمعه (المحاضر الجذاب، القدوة-التكرار) الانسان يستوعب 70% مما يناقشه مع الآخرين (أنظر أهمية الاجتماع الدوري هنا) 80% مما يجربه، 95% مما يعلمه لشخص (أنظر أهمية التكليف/تنفيذ المهمات هنا).

* الناس يتذكرون أكثر ما يقومون به مما يسمعونه او يقولوه لذا كلفهم بالعمل (السلوك)

*كلما تكرر الفعل كلما غرس بالنفس. لذلك فالتكرار (المثابرة الذاتية والمتابعة الجماعية عبر السلسلة الادارية والديمومة في صلب الثقافة ) هو المعلم الاول الذي يؤثر ويغرس.

*علينا أن نؤمن بفكرة تلازم العقل والفعل وتلازم الفكرة والسلوك وتلازم النقد مع الابداع وتلازم التنظير بالقدوة.

الانجراف مقابل الوعي

في مقومات تحقيق التأثير كتبنا عنها الكثير وعن آلياتها التي في حدها الأدنى النظر في منهج الإدارة/القيادة وطبيعة المناخ التنظيمي الداخلي، وإسباغ أو اختيار الثقافة المناسبة عن وعي. وليس عن انجراف

*مثال لو عندنا بالتنظيم ٧أعضاء وأعطيناهم ٣ دورات بالعام ما مقدار التأثير لو لم يتم ربطهم بتكليفات محددة؟ انه منحصر بقدرة المدرب على التأثير وتحويل الفكرة بالمتلقي لمسلك. بمعنى قد يستجيب ١او ٢او ٥الخ غير محدد لأنه لامقياس.

**مثال: المجموعة من ٧أعضاء تجتمع أسبوعيا وتمارس الاجتماع باصوله وتربط النقد بالعمل والكلام بالتكليف (ماهو ثقافة وتربية تنظيمية عملية دورية) بالقطع سيكون التأثير مضاعفًا على ذات الأعضاء وربما يؤثر على ٥-٦من ٧ الى اكثر.

 

فكرة التربية أو التثقيف أو التعبئة داخل مؤسسة التنظيم متلازمة مع التثقيف الذاتي قراءة وتجربة، وداخل المؤسسة/ جسد التنظيم لايمكن ان تتجاوز خطورة الاجتماع الدوري والتقرير والتكليف والنقد والاشتراك المالي.

فكرة صخر حبش: إيجابية وتفاؤل ومثابرة ضمن شعاره وشِعره الشهير " لازم تزبط".

وفكرة عثمان أبوغربية: أن البناء الذاتي اصيل وهو رباعي متكامل ١-عقلي ٢-نفسي ٣-جسدي ٤-روحي قيمي ضميري

ضرورة دورات الكوادر في التنظيم السياسي

تتميز دورات الكوادر عادة بالأهمية الكبيرة لدي أي تنظيم سياسي ، وهي تتمتع بالأهمية الخاصة في حركتنا حركة فتح (مع العلم أن الأصل هو بالتربية الذاتية، و عبر البند التثقيفي في الاجتماع الدوري) ، لأنها من أهم وسائل إعداد وبناء وتربية وتثقيف الكادر في بناء شمولي، وذلك من منطلق إن بناء الكادر في حركتنا لا يقتصر على البناء النظري أو التثقيفي أو الفكري الهام والضروري قطعا ، وإنما يجب أن يشتمل أيضا على رفع مستوى السلوك والعمل والعطاء العام لديه، بما يعزز أركان البناء في شخصيته والتي منها:

1-الإدراك للفكرة والوعي والمعرفة ببناء العقل

2- الشجاعة وقوة الإرادة

3-الحرية والتفكير المبدع

4-تقبل النقد واحتضان الآخر

5-الانتماء والالتزام والشعور بالاعتزاز

6-الخلق القويم والضمير الحي

7-قيم الجماعة والعمل المشترك .

الحافلة مقابل عقل ابن رشد

من الذي يجلس بالحافلة؟ يجلس الأستاذ البرفسور مع أكثر الناس جهالة ، كما يجلس العالم والكذاب، ومرتكب الرذائل، مع شريف الأمة، ويجلس المنتمي وغير المنتمي والملتزم وغير الملتزم متقابلين على ذات المقاعد، والمتخبط بهويته والعارف بذاته...الخ. المهم أنه يركب ليصل الى الوجهة التي يريدها أو يعِده بها صاحب الحافلة. لقد أدمن رجال الدين في العصور الوسطى في أوربا التعامل مع الناس كركاب حافلة هم يقودونها، وهو ما كان من أصحاب الأفكار المتطرفة من جهة، ومن النظم الاستبدادية والبيروقراطية لاحقًا.

الحافلة تضم كمٌّ من الناس بلا أي هدف حقيقي جامع، وبلا أي تواصل أو علاقات أو قوانين الا بما قد يهيئه لهم سائق الحافلة. أو أن لكل وجهته الخاصة المتناقضة. وما كان التنظيم السياسي الفعال حافلة أبدًا. بينما تنظيم الفهم والعقل والوعي هو تنظيم المفكر والفيلسوف الاندلسي ابن رشد الذي نراه يقبل الرأي والرأي الآخر ويمارس الديمقراطية من حيث هي حوار والتزام.

دعنا نقول حول بناء العقل بالدورات أو التثقيف الذاتي أن لنا في عقلية وثقافة إبن رشد نموذجا والذي فيه قال د.عمار علي حسن أنه "قصر الخلود على العقل الجمعي للبشرية، الذي يتطور من جيل إلى آخر، أما عقل كل فرد على حدة فمآله الزوال، من وجهة نظره، وهي الفكرة التي ساهمت في دفع الفكر الأوروبي إلى التحرر خلال القرون الوسطى، خاصة أن ابن رشد شدد على الالتفات إلى التربية الأخلاقية في وجه التدين الشكلي." مضيفًا: "وكان ابن رشد سابقا لعصره في إنصاف النساء، وباستمرار عطاء الحضارة الإسلامية وأنوارها. ولم يكن جورج سارتون مبالغا وهو يؤرخ لمسار العلم في تاريخ البشرية حين قال: "ترجع عظمة ابن رشد إلى الضجة الهائلة التي أحدثها في عقول الرجال لعدة قرون"."

بالختام دعنا نقول ونكرر أننا نجد بين ظهرانينا انتشار ثقافة أو عقلية الحافلة (الباص) مقابل عقلية ابن رشد، والأولى تسعى جاهدة نحو تحشيد الناس فيزيائيًا وجسديًا، مع خواء عقلي وروحي، والثانية أي عقلية او مدرسة ابن رشد تبني الأعضاء بحيث تجعلك تفكر وتقبل وترفض وتناقش فيكون التزامك قناعة وليس جبرًا او خوفًا او وقاية او ممالأة او مجاراة أو لتحقيق مكاسب محدودة.

 

الحواشي:

[1] بكر أبوبكررئيس مجلس إدارة اكاديمية فتح الفكرية، اكاديمية الشهيد عثمان أبوغربية، عضو المجلس الاستشاري، من الورقة التي عرضت في ندوة الاكاديمية والشبيبة والاقليم في نابلس المعنونة: التثقيف والتدريب وإعداد الكادر في حركة فتح في 24/12/2022م.

 

2 يتفاوت تعلم الإنسان و إدراكه وفقا لحالة تلقي تلك المعارف ، و يشير ويليام جلاسر إلى أن الإنسان يتعلم (بمعنى يستوعب و يدرك) 10% مما يقرأه 20% مما يسمعه 30% مما يراه 50% مما يراه و يسمعه 70% مما يناقشه مع الآخرين 80% مما يجربه 95% مما يعلمه لشخص.

وقد وجه (1970) Philips نظر التربويين إلى نتائج الأبحاث التي توصلت إلى أن الطالب/الشخص يتعلم من: 10% مما يقرأ، 20% مما يسمع، 30 % مما يرى، 50% مما يسمع و يرى، 70% مما يقول، 90% عندما يقوم بالاداء


[1] بكر أبوبكررئيس مجلس إدارة اكاديمية فتح الفكرية، اكاديمية الشهيد عثمان أبوغربية، عضو المجلس الاستشاري، مسودة ورقة عرضت في ندوة الاكاديمية والشبيبة والاقليم في نابلس المعنونة: التثقيف والتدريب وإعداد الكادر في حركة فتح في 24/12/2022م.

[2] يتفاوت تعلم الإنسان و إدراكه وفقا لحالة تلقي تلك المعارف ، و يشير ويليام جلاسر إلى أن الإنسان يتعلم (بمعنى يستوعب و يدرك) 10% مما يقرأه 20% مما يسمعه 30% مما يراه 50% مما يراه و يسمعه 70% مما يناقشه مع الآخرين 80% مما يجربه 95% مما يعلمه لشخص. وقد وجه (1970) Philips نظر التربويين إلى نتائج الأبحاث التي توصلت إلى أن الطالب/الشخص يتعلم من: 10% مما يقرأ، 20% مما يسمع، 30 % مما يرى، 50% مما يسمع و يرى، 70% مما يقول، 90% عندما يقوم بالاداء

 

 

نداء الوطن