فلسطين ما زالت تزعزع المشاعر الأوروبية

بقلم: د. ميلاد جبران

منذ عددة اسابيع وحتى هذه الايام عقدت الكونفدرالية الإيطالية العامة للشغل والنقابات المرتبطة بها أيضا العديد من المؤتمرات المستحقة حسب الدستور وذلك لتجديد القيادة والكوادر النقابية في جميع النقابات.
و يذكر أنه حسب الدستور الداخلي يبقى القائد والكادر النقابي بمنصب لفترة مؤتمرين اي لمدة ٨ أعوام لا أكثر حيث أن المؤتمرات تعقد كل ٤ أعوام، هذه قاعدة وبعد من بنود الدستور ولا يمكن عدم تطبيقه الا في حالات نادرة واستثنائية .
في هذه الحملة التي شملت جميع المستويات : المحلية ولإقليمية والوطنية وجميع مجالات العمل : المتقاعدين، الصلب والحديد، الوظيفة العمومية الزراعة والتغذية الخ ...
في حمله المؤتمرات هذه حصل لي الشرف ان أشارك في العديد منها( ١٠ مؤتمرات ) بطريقه مختلفه في البعض منها كنت اترأس المؤتمر ، في البعض الاخر كنت عضوا فعال وفي البعض الاخر كنت مدعو وضيف على المؤتمر .
يذكر أن عدد المشاركين في أي مؤتمر لا يقل عن ٢٠٠ كادر نقابي خاصة تلك الإقليمية والوطنية ومهما كانت نوعيه مشاركتي في هذه المؤتمرات كان لي مداخله .
من خلال تجربتي هذه ومن خلال خبرتي العملية ومعرفتي في المجتمع الذي اعيش واتفاعل معه يوميا وعلى جميع المستويات سجلت ما يلي :
اولا بدون شك أن المجتمع الايطالي والاوروبي بشكل عام تغير بطريقه جذريه في الفترة الاخيرة وتقوقع على نفسه وخاصه وهو يعاني من مشاكل اقتصاديه واجتماعية كبيرة جدا وخاصه بعد الصراع الروسي الاوكراني.
ثانيا أن الهجمات المتعددة التي تعرضت لها المنظمات النقابية والاجتماعية من قبل العديد من الحكومات الأخيرة والتي حاولت من تقليل أهمية ودور هذه المنظمات في المجتمع مما اجبرها على التجديد والتغير مما يتأقلم مع الظروف الحالية دون التراجع عن دورها واهدافها ومسيرتها بل العكس زادها صلابة وتحدي وعنفوان .
ثالثا اندماج جيل الشباب وضخ دم طازج في الاطر النقابية ما هو إلا علامة واضحة من القفزة النوعية التي تحاول منظمات المجتمع المدني الايطالي القيام بها وما يتمخض عنه من تحديات ومواجهات في الأسابيع والاشهر القادمة.
رابعا ضخامة المشاكل والعقبات الاقتصادية والاجتماعية ومستوى البطالة ومشاكل المهاجرين وارتفاع اسعار المحروقات بسبب الصراع الروسي الاوكراني يضع هذه المنظمات أمام مفترق طرق صعب وهو اختيار التعايش مع كل هذا او المواجهة مباشرة مع الحكومة او الحكومات وذلك من خلال تنظيم العديد من المظاهرات والمسيرات والإضرابات لإجبار الحكومة في تغيير سياستها الاقتصادية ، متأكد ان الخيار الثاني هو الأرجح.
خامسا رغم هذا كله غير أن القضية الفلسطيني في هذه الأجواء المعقدة والصعبة تحظى بمركز لا يستهان به ابدا إذا تم عرضها وشرحها بطريقه موضوعية وحقيقيه.
لقد شاركت وعلى عدة مستويات في ١٠ مؤتمرات عامة وفرعية ( الكونفدرالية العامة في فورلي، الكونفدرالية العامة في تثيزينا، نقابة المتقاعدين في فورلي، نقابات الزراعة والتغذية في فورلي وتثيزينا، نقابه الأجور المحلية في فورلي ، نقابة الأجور على المستوى الوطني الخ .) وكان لي مداخلات دوما ولا أخفى على أحد أنه في جميع المداخلات تستقبل من قبل المشاركين بحرارة وترحيب كبيرين، بعد مداخلاتي هذه كان عدد كبير من المشاركين يشكرونني ويهنؤنني على نوعيه المداخلة التي قمت بها , لقد زعزعت وحركت مشاعرنا، حصل بالأمس في مؤتمر نقابه الأجور على المستوى الوطني أمام ما يزيد عن ٢١٠ عضو من جميع الا اضي الإيطالية حيث انه تم مقاطعتي ٧ مرات للتصفيق .
سادسا تجربه رائده وحقيقيه وموضوعيه ورغم الصعوبات والعقبات المحلية والإقليمية حيث أن ملف فلسطين وللأسف تم وضعه على الرف في السنوات الأخيرة غير أن المجتمع الايطالي والاوروبي ما زال مجتمع حي وحيوي إذا يتم التوجه اليه بطريقه موضوعيه وحقيقيه ومن قبل أشخاص لهم مصداقيه على أرض الواقع .
وكما قال الشهيد غسان كنفاني : إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية، فالأجدر بنا أن نغير المدافعين لا أن نغير القضية. · هذا ما ينقصنا في أوروبا.
* اعلامي فلسطيني خبير في شؤون الهجرة والمهاجرين وعضو سابق في اللجنة الاقليمية التابعة لإقليم اميليا رومانيا فرع فورلي وتثيزينا الايطالي لدراسة طلبات اللجوء السياسي.

 

نداء الوطن