في نقد" محور المقاومة" و"التنسيق الامني"!

نداء الوطن - كيف يعيش الفلسطينيون؟

بكر أبوبكر

قيادات الفصائل الفلسطينية عامة بما فيها "حماس" و"فتح" لادور لها حقيقي اليوم فيما يحصل في الضفة الغربية من تحركات ذات طبيعة ميدانية خاصة تلك العنفية (الكفاح المسلح)، بينما تلك المقاومة الجماهيرية-بغض النظر عن حجمها ورأينا الناقد لتطويرها- تقودها كوادر حركة التحرير الوطني الفلسطيني- "فتح" بوضوح وجلاء ومع تيارات شعبية أبية دون أدنى مشاركة من الآخرين!

في السياق العسكري المقاوم لم نجد تقدمًا لفصائل المحور"المقاوم" كما يسمى نفسه! باستناء "الجهاد"، مع كوادر ميدانية من حركة "فتح"، وعدد محدود جدًا من "حماس"، وأكثرية وطنية مؤمنة بالقضية والنضال دون انتماء فصائلي!

أليس كذلك!

ومع ذلك فإنه كلما حصلت عملية أو مذبحة صهيونية بالمقابل نجد الأصوات المشروخة ترتفع ضد السلطة الوطنية! بدلًا من أن ترتفع ضد العدو الصهيوني!؟

وبدلًا من أن ترتفع الأصوات داعية للمصافحة الأخوية في معادلة تحتاج لمنجّم لفك طلاسمها؟!

الاتهام الدائم من قبل البعض من قيادات فصيل "حماس" الذي يسيطر بالقوة على قطاع غزة أن السلطة الوطنية الفلسطينية تنسق مع الاحتلال بمنع العمليات والمقاومين، يتعامى بكل ثقة غريبة عجيبة عن تنسيقه الأمني المحترف والمستقِر والدائم بضمانه لأمن المحتل الإسرائيلي من حدود قطاع غزة؟! بمنع العمليات والمقاومين!؟

فهل لازدواجبة المعايير هذه أي سبب؟!

أم أن "الطاهر" يظل طاهرًا حتى لو تلوّث بكل أشكال الرذيلة –مثلًا- لمجرد أنه ينتمى لتلك الفئة؟! كما قال أحد قيادات حماس سابقًا: أن التفاوض من قِبَلِهِ مقبول ومن غيره مرذول!

التهمة الجاهزة بالتنسيق مع الاحتلال (بمعنى الخيانة الذي يقال أحيانًا جهرًا وأحيانًا تورية...، وهذا بالحقيقة سهمٌ يصيب الطرفين في مقتل معًا! فلا فرق) تخفت أحيانًا لدى "حماس" عندما يظهر تنسيقها الأمني الصارم على الحدود عبر قوات منع الاشتباك مع الصهيوني، بالقوة والاعتقال للمقاومين!؟

وعندما يعلو صوت التنسيق المالي والتجاري جليًا فتنسحب التصريحات وأصحابها الى زاوية مظلمة؟!

ثم لا تلبث التصريحات الاتهامية (اعتدنا فيما سبق على نغمة ثلاثية هي التخوين والتكفير والتقبيح. واعتقدنا أننا تجاوزناها -مع تجاوز فكرة المعسكرين والفسطاطين- بعقلانية الأخوة بالطرفين) أن تعود ثانية؟

لا تعلم لماذا؟

بعد أن أصبحت تهديدات محور "المقاومة" "الحصرية"! السابقة ضد الإسرائيلي في خبر كان! ومازالت في خبر كان رغم مذابح جنين ونابلس والقدس وأريحا.

في مرحلة من المراحل ارتفع الصوت الذي يرى بنفسه احتكار "المقاومة" أو الكفاح أو الثورة قائلًا أنه سيقطع رجل أي مستوطن يدخل الأقصى؟؟؟؟

فأين أصبحنا؟

لقد استبيح الأقصى والقدس كليًأ!

وصمت مطبق من أصحاب الشعارات الكبيرة!

وفي مرحلة أخرى صدح أحد قادة "محور المقاومة" أن التحرير، و"وعد الآخرة" بقي له عدة أيام!

فقام بتعيين مدراء الشرطة الفلسطينيين في كل من حيفا ويافا وتل أبيب وصفد منذ تصريحه!

تجاوزت الحقائق وتواصل العدوان الصهيوني كل التصريحات بالشهوروالسنوات!

وفي تنظير آخر أن قتل فلان أو أسرِهِ سيشعل الضفة بمعنى تدخل الفصيل؟!

وها هي تموج بأنهار الدم والمذابح، والأسلحة لدى الفصيل ذو الفم الكبير أصبحت صَدِئة؟

قال لي صديق صدوق: لا نطالب بمعركة غير متكافئة أبدًا بالضفة، ولا نطالب بتدمير غزة!؟

وأردف: ولا نطالب بإلقاء النفس بالتهلكة، بل بمقاومة موحدة بينهم أجمعين.

مضيفًا: بل تصورأن أقصى مطالبي أنا والناس أن تخرس الأصوات الكاذبة والمخادعة والشتامة، أو تذهب لتغلق الباب على نفسها وتدير حوارًا صعبًا بين شمال وجنوب فتنعش الناس بأمل المصافحة!

ليس المطلوب أن تبرّر عدم تنفيذك لوعودك الكبيرة!

فهي كانت أكبر منك؟

وكان الأجدر ألا تنخرط بعملية خداع النفس والناس!

فلا تقول ما هو مبالغ فيه، وحين التنفيذ تطأطيء الرأس! وتبدأ بمسلسل تحميل الوِزر لغيرك.

تلقي بأحمالك وعبء تقصيرك على الآخرين بحجج مختلفة قديمة مكرّرة ومحفوظة!

وكي لا يحصل ذلك كان عليك أن تكون عند كلمتك فلا تكذب علنًا وتختال بمشيتك مفترضًا أن الناس تنسى؟ وستظل محتفظة بصورة لك أنت تغرسها أنك "الطاهر" وإن كنت الملوثّ أوالخاطيء.

ليس المجال -ولم يعد المجال- مجال مناكفات أو عتاب او استعراضات أو أكاذيب او ادعاءات أو تبريرات فارغة، أو تهرب من المسؤولية بعد صمت طويل للقيادات أمام موجة المذابح.

بل المجال مفتوح لأن يرى الانسان-القائد-الفصيل نفسه في مرآة الحقيقة لا غير؟

عليه ألا يهدّد كي لا يصمت عند التنفيذ، ليعود يهدد ولا ينفذ؟

ذاك يهدد بالرد العسكري الساحق الماحق، ولا يفعل؟!

وذاك يهدد بالمجتمع الدولي وبمجلس الأمن، ولا يفعل!

ثم يتوعد فيخسر، ثم يخشى على حكمه فينكمش؟

وعندما يكون في أقسى درجة الابتعاد الشعبي عنه لانكشاف الأكاذيب أو المناورات السياسية يقوم بتحميل الآخرين سبب خداعه لنفسه والآخرين.

"حماس" وحركة "فتح" والفصائل جميعا أقرّت ضرورة القيام بالكفاح والمقاومة الشعبية السلمية واعتبرتها هي المساحة المتفق عليها بين الجميع منذ لقاء الفصائل العام 2020؟؟؟

لنتذكر معًا، فلا نكون من أصحاب ذاكرة السمكة!

أكد البيان الختامي لاجتماع مجلس الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية مع الرئيس أبومازن، بتاريخ 3/9/2020 على

]* التمسك بهدف إقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على حدود 1967، وعاصمتها القدس المحتلة، وأن لا دولة في غزة ولا دولة من دونها، وحل قضية عودة اللاجئين على أساس القرار 194.[

*وأكدوا ]حق الشعب الفلسطيني في ممارسة كافة أساليب النضال المشروعة، وتوافقوا على تفعيل وتطوير المقاومة الشعبية الشاملة "كخيار أنسب للمرحلة".[

*واتفق المجتمعون على ]تشكيل "قيادة وطنية موحدة تقود فعاليات المقاومة الشعبية الشاملة"[

لقد كان الاتفاق على قيادة موحدة، ومقاومة شعبية،وليست كفاح مسلح، وهدف استقلال دولة فلسطين بحدود 1967، فلا يأتي أحد الآن ليزاود ويكذب ويخادع!

الاتفاق واضح.

أم هل نسينا ذلك؟ أم أن الحبر بمجرد طباعة البيان يزول؟

لماذا يخادع ذاك الفصيل العالم الآن وفي ظل مذابح متتالية؟!

ولماذا يحرّض ضد شركائه المفترضين أي حركة فتح؟!

أتغطية على عجزه؟

أم انسحابًا من المواجهة (العسكرية والجماهيرية) حفاظًا على العرش والتدفق المالي؟

عاد صديقي ومحدثي للقول: من يقول أن الفلسطينيين عبر "الكفاح المسلح" لوحدهم سيقلبون الأمور في فلسطين فهو يتصرف في زمن مختلف!

وأكمل: لقد كان الشعار صالحًا وضروريًا عندما كانت مصر وسوريا والعراق تمثل ثقل الأمة وحائطها الصلب معنا ضد الإسرائيلي، فإين هو هذا الحائط؟

وما الذي حصل! كلنا نعلم، فقادة الأمة بجزء كبير منهم يقبّلون التراب تحت أرجل الصهيوني، لذا كان البديل الحقيقي بوحدتنا أولاً.

أضاف صديقي الصدوق: لا يستطيع أي إنسان متوافق مع ذاته ومع إيمانه بفلسطين والتحرير أن يقول أن حمل سكين أو مسدس أو بندقية اليوم في مواجهة دولة مثل دولة العدوان الصهيوني سيكون مجديًا، على المدى الطويل، ويحقق النصر؟

رغم احترامي الشديد بالطبع لليد التي تقاوم حين صمت الفصائل، أو حين تشرذم خطاباتها وانشغالها بالشمال والجنوب معًا بالتنسيق الشرعي الحلال في مكان، والمحرم في مكان آخر!

وقال: لا يستطيع أي عاقل أن يراهن على جدوى أي حراك مسلح فردي، أو جزئي لفصيل، أوحتى كلي دون الأمة، وفي ظل تنافس أو تشاتم أو تخوين القبائل والفصائل الفلسطينية لبعضها البعض وهي أقرب مما يظن مناصروها لبعضها البعض بالسياسة بل وتبني الوسيلة!

إذن لماذا تثور حميّة القيادي الفلاني في "حماس" الذي أخذته العزة بإثمه من أيام ليشبّه القيادات من غير فصيله (بالفئران التي تخرج من جحورها)!

ولماذا يعلو صوت القائد الثاني ليقول محرضًا غيره وليس فصيله:"أنهم يجعلونكم أن تعيشوا تحت بساطير الاحتلال"!

وكل ذلك جاء بعد سلسلة المذابح بالوطن.

ودون أي ردّ مزلزل أو رد صاعق من فصيل المتحدثين!

ومع انسحاب عجيب من مجلس الأمن بالمقابل؟ أ

أم أن الحفاظ على العرش والسلطة والكرسي هو الأصل؟

إن الأصل هو تكامل الفعل النضالي الميداني والسياسي والاعلامي والدبلوماسي..الخ.

ونحن هنا لا نأتي بجديد أبدًا.

فمن يشتم هذا وينزّه ذاك أو العكس فهو مخطيء، لأنه بالحقيقة ينزّه نفسه ويحاول خداع الجماهير بطهارته الحصرية!

التكاملية النضالية هي الحل.

إن السلطة الوطنية الفلسطينية ليست سلطة "خيانية" مطلقًا (لمن لا يعلم "حماس" جزء منها فهي دخلت المجلس التشريعي والوزارة ومازالت). ومن المعيب والمهين لكل فلسطيني الاتجاه بهذا المنحى الذي انفردت به واستمرت بلا كلل قناة الفتنة المعروفة التابعة للفصيل الاسلاموي!؟ فما الآلاف من القادة والعاملين وعوائلهم في أطرها إلا نحن جميعا أو من جلودنا، يخطئون ويصيبون ونحن لهم مترصّدون أو ناقدون لأعمالهم سلبًا او إيجابًا.

لن نتعب بتكرار القول أن القضية المركزية والهمّ الأساسي والأولوية هي توجيه كل الجهود في مواجهة الصهاينة المحتلين

حتى لو كان أخونا يؤذينا بوجهة نظرنا! فما كان "قتاله" أو شتمه الاولوية أبدًأ ولن يكون.

يجب تطليق لغة ومسلسل إثارة الخلافات (كل ما دقّ الكوز بالجرة كما يقول المثل الشعبي) وتوسيعها بالشتائم والتحقير والتحريض المعيب، الذي وجب بدلًا منه جعل الأولوية الثانية مزيد من الاقتراب بين الأخوة ومزيد من الجهد المشترك.

ليتوقف صوت التحريض الداخلي ضد بعضنا البعض، وبأسفل الكلمات!

وهو الصوت الذي يجد له من وسائل التواصل الاجتماعي كال"فيسبوك" والأشباه مرتعًا للشتم والتحقير! وبغالبه ما فوق 90% كما نعلم جميعًا تحت أعين وسمع واختراقات وحدات الشائعات وبث الفتنة والدسائس الإلكترونية الصهيونية، أي أننا لا نكلم بعضنا في الفضاء، بل يتداخل في كلامنا إدخالات آلاف المجندين لذلك بكل ثقل قوة العدوان الصهيوني؟!

من المفروض أننا نعلم ذلك، ولمن لا يعلم الرجوع والتدقيق والمراجعة، فالفضاء مفتوح لمن يبغي أن يفهم معنى المواجهة والكفاح بكافة أشكالها، ومنها النضال الالكتروني.

إن الصوت العالي بالشتيمة لاقيمة له بالحقيقة مقابل الدبلوماسية الأخوية الهادئة.

فالأولى تستثير الجماهير وتحصد استحسانهم واعجاباتهم!؟ خاصة مع"الإمعات والهمج الرعاع" منهم، (الأول مصطلح نبي الانسانية (ص). والثانية لعلي بن ابي طالب (رض))، وتلك الهادئة الرزينة تأتي بالنتائج المثمرة لمصلحة الوطن.

إن كنا نرفض الانقلاب والانقسام ونتائجه البغيضة جغرافيًا ونفسيًا، وإن كنا نرفض، ونكتب ونقبل، أو لا نقبل الكثير من سياسات الحكومة الفلسطينية، فهذا حقنا بالقبول والرفض.

لنا جميعًا حق الرأي والرأي الآخر، والرفض بأدب الحوار.

ولنا التصويب والاصلاح وقول كلمة الحق بمكانها وزمانها المناسب وإطارها المناسب دون فقدان البوصلة.

أما صوت الفتنة والشتائم والتقبيح وعودة اسطوانات التخوين فلن تُفهم إطلاقًا من أصحاب الكرسي "مُحدثي النعمة السلطوية" الذين باتوا على أثر انتهازيي السلطة الوطنية -الذين يشتمونهم- حاسدين أو سائرين أو مقلدين؟ هل نقول (كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ-الروم 32)!

لا فرق بين شلل الانتهازيين داخل أطرالسلطة الوطنية الفلسطينية أو شلل الانتهازيين داخل ممن يسمون أنفسهم "تيار الممانعة والمقاومة"!؟ فهم سيّان في الانحدار والانهزام الذاتي حين يكسرون اليد الممدودة للمصافحة، ويصبّون الزيت على النار.

إن الأولَى والأوجب أن يفهم الجميع جيدًا معنى حِكمة الاحتلاف في ظل وحدة العدو المحتل للأرض والوطن، وأن يفهموا معنى حِكمة الحوار والاقتراب، ومعنى الاحترام المتبادل في ظل الخلاف السياسي الديمقراطي، وفي ظل وحدة الهدف أي تحرير فلسطين بأن يمدّوا أيديهم للمصافحة ويسقطوا لغة وخطاب وقناة الفتنة الى الأبد.

 

 

نداء الوطن