يبحث الأردن مع الحكومة الإسرائيلية إمكانية تعزيز التنسيق بين الجانبين حول الأحداث والتطورات في مدينة القدس المحتلة، والتوصل إلى تفاهمات على إجراءات من شأنها أن تساعد على "تخفيف حدة التوترات ومنع حوادث العنف" في المسجد الأقصى، وذلك بإيعاز من البيت الأبيض الذي يدفع في هذا الاتجاه.
جاء ذلك بحسب ما أفاد المراسل السياسي لموقع "واللا" الإلكتروني، باراك رافيد، اليوم الأربعاء، نقلا عن مسؤولين إسرائيليين وغربيين. وقال إن المحادثات الأردنية الإسرائيلية المزمع إجراؤها، تعقد في إطار ما وصفه بـ"لجنة شؤون القدس المشتركة" بين الجانبين.
وتعقد المباحثات، وفقا للتقرير، بعد شهر رمضان، علما بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، أجرى مساء اليوم، الأربعاء، مداولات أمنية لتقييم الأوضاع، للاطلاع على استعدادات أجهزة أمن الاحتلال الإسرائيلي لصلاة الجمعة الأخيرة من شهر رمضان في الحرم القدسي.
وخلال الاجتماع، من المقرر أن يبحث الجانبان، الأردني والإسرائيلي، المقترح الأردني بزيادة عدد حراس المسجد الأقصى التابعين لمجلس الأوقاف الإسلامية في القدس والتابع بدوره لوزارة الأوقاف الأردنية، "بما يعزز من مكانة ودور مجلس الأوقاف".
ويرى الأردن، بحسب التقرير، أن تعزيز دور مجلس الأوقاف وزيادة عدد حراس المسجد الأقصى من شأنه أن يساعد على "حفظ الهدوء" ويمنع ما تدعيه إسرائيل من "أعمال الشغب" في الأقصى وباحاته، مما يلغي ذريعة قوات الاحتلال لاقتحام الأقصى.
ولفت التقرير إلى رغبة إسرائيلية بالحفاظ على حالة من الهدوء والاستقرار في المسجد الأقصى، في ظل التقديرات الأمنية الإسرائيلية بأن المواجهات العنيفة التي تندلع بين المصلين وقوات الاحتلال في باحات الأقصى قدتتحول إلى مواجهات واسعة في الضفة وقطاع غزة. كما أن التوترات في الأقصى قد تؤدي إلى أزمة في العلاقات الإسرائيلية الأردنية التي تشهد تحسنا تدريجيا منذ نحو تسعة أشهر، في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية.
وأوضح التقرير أن واشنطن تدفع باتجاه تعزيز التنسيق بين الأطراف المعنية في ما يتعلق بالمسجد الأقصى، بما في ذلك السلطات الأردنية والحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، منعا لتصعيد محتمل قد يتحول إلى مواجهات واسعة.
خلاف حول تفسير "الوضع القائم"
ويرى البيت الأبيض أنه على الرغم من التنسيق المسبق رفيع المستوى بين المسؤولين الإسرائيليين والديوان الملكي الأردني والسلطة الفلسطينية، قبل بدء شهر رمضان، إلا أن ذلك لم يصل إلى "المستوى المطلوب وفشل في منع التصعيد الذي كان متوقعا"، الأمر الذي عبر عنه كل من القائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ياعيل لمبرت، ونائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية – الفلسطينية، هادي عمرو، في اجتماعات مع مسؤولين أردنيين وإسرائيليين وفلسطينيين، خلال زيارة إلى المنطقة، الأسبوع الماضي.
وشدد عمرو ولمبرت اللذان أوفدهما وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى المنطقة في أعقاب التطورات الأخيرة في القدس، على أن "التفسير المختلف لمصطلح ‘الوضع القائم‘ (الستاتوس كو - Status quo) بين إسرائيل من جهة، والأردن والسلطة الفلسطينية من جهة أخرى، أدى إلى تراجع فاعلية التنسيق بين هذه الأطراف".
وأشار التقرير إلى تفاهمات بين الجانبين الأردني والإسرائيلي بوساطة وزير الخارجية الأميركي الأسبق، جون كيري، في العام 2015، تنص عبى أنه بموجب "الوضع القائم" في القدس، يسمح للمسلمين فقط بالصلاة في الأقصى، فيما يمكن لغير المسلمين زيارة المكان دون الصلاة فيه.
ولفت التقرير إلى أن التوترات تصاعدت خلال الفترة الأخيرة في ظل حديث المسؤولين الإسرائيليين عن "حرية العبادة" في الحرم القدسي. مما ولّد شعورا لدى رام الله وعمان بأن إسرائيل ترى أن بإمكان اليهود أداء شعائر صلواتهم التلمودية في الحرم القدسي، الأمر الذي يعد انتهاكا لـ"الوضع القائم".
وذكر التقرير أن عمرو ولمبرت "شجعا" الجانب الأردني على العودة إلى التحدث مباشرة مع إسرائيل على المستويين المهني والسياسي بعد نهاية شهر رمضان و"انحسار التوترات"، وذلك لـ"التعرف على الأخطاء (في التنسيق) ومناقشة سبل تحسينه في المستقبل"، وقال التقرير إن الجانب الأردني وافق "من حيث المبدأ"، على الاجتماع مع الجانب الإسرائيلي لإجراء مباحثات في هذا الشأن.
في المقابل، وبحسب التقرير، "ترى الحكومة الإسرائيلية أن الأولوية حاليا هي لمنع مزيد من التصعيد" في الحرم القدسي، وتجنب "إشعال الأوضاع"، على حد تعبير رافيد، خلال الأسبوع الأخير من شهر رمضان. ونقل التقرير عن مسؤول إسرائيلي قوله: "إذا تم الحفاظ على حالة من الهدوء، فهناك نية لدينا لعقد اجتماع للجنة الإسرائيلية - الأردنية المشتركة لشؤون القدس بعد رمضان".
ولفت التقرير إلى أن اللجنة تضم من الجانب الإسرائيلي رئيس قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، عوديد يوسيف، بالإضافة إلى ممثلين عن الشرطة والشاباك ومجلس الأمن القومي وهيئات حكومية أخرى؛ ومن الجانب الأردني، تضم ممثلين عن وزارة الخارجية ومسؤولين أمنيين وممثلين عن وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية.
ووفقا للتقديرات الأمنية الإسرائيلية الواردة في التقرير، فإنه "من السابق لأوانه اعتبار أن الأزمة الأخيرة حول جبل الهيكل (الحرم القدسي) قد انتهت"، ويحذر المسؤولون الأمنيون من أن "اشتباكات عنيفة قد تؤدي إلى إشعال فتيل التصعيد من جديد"، في الحرم القدسي، خلال يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان وكذلك خلال ذكرى احتلال القدس وذكرى النكبة الفلسطينية في أيار/ مايو المقبل.