أكدت مصادر فلسطينية مطلعة أن مصر أعدت خطة شاملة للوصول إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد في قطاع غزة، عبر أربعة ملفات رئيسية سيجري مناقشتها بين وزير المخابرات المصري عباس كامل وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت والمسؤولين الإسرائيليين، الذين سيلتقيهم قبل نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي في تل أبيب. وذكرت المصادر أنه جرى التفاهم مع حركة "حماس" والفصائل الفلسطينية الأخرى حول تلك الملفات، وأن الفصائل، تحديداً "حماس"، تنتظر الإجابات الإسرائيلية عنها التي سينقلها الوسيط المصري إلى الحركة بعد اجتماعاته مع الإسرائيليين.
وتنصّ الخطة المصرية، وفق ما تفيد مصادر لـ"العربي الجديد"، على وقف شامل لإطلاق النار لمدة تتراوح بين خمس وعشر سنوات، وإجراء صفقة تبادل للأسرى، وتسهيل حركة الإعمار وإعادة الحياة إلى القطاع، وتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية. ومن شأن مناقشة ملف وقف إطلاق النار، على المديين المتوسط والطويل، تسهيل المضي قدماً في الملفات الأخرى، تحديداً الإعمار وإعادة الحياة إلى غزة.
ويبدو أن الفصائل وافقت على وقف إطلاق النار بشروط. أما صفقة تبادل الأسرى فأمامها الكثير لتنضج، خصوصاً في ظل عدم وجود ضغوط من عائلات الأسرى الإسرائيليين على الحكومة، وإصرار الاحتلال على عدم الذهاب إلى صفقة شاملة، كما جرى في "وفاء الأحرار" (صفقة شاليط وفقاً للإسرائيليين) في خريف عام 2011، حين أُطلق سراح الجندي جلعاد شاليط في مقابل 1027 أسيراً وأسيرة فلسطينية.
ولا يزال الطرح الإسرائيلي بشأن تبادل الأسرى أقلّ بكثير من المطلوب فلسطينياً، والتعاطي الإسرائيلي مع الملف حتى الآن، يشير بوضوح إلى عدم رغبة الاحتلال في تكرار صفقة "وفاء الأحرار" مرة أخرى.
الاحتلال يعارض أي وحدة حقيقية بين حركتي "حماس" و"فتح"
بدورها، قدمت "حماس" للوسيط المصري ووسطاء آخرين، "إطار عمل" للوصول إلى صفقة تبادل أسرى مع الاحتلال الإسرائيلي في مقابل الإسرائيليين الأربعة الذين تحتجزهم منذ عدوان 2014 وما بعدها. والحركة في انتظار الموقف الإسرائيلي منها، إذ لم تتلقّ رداً رسمياً حتى الآن.
وتبقى المعضلة الرئيسية في الخطة المصرية، وفق ما تكشف مصادر لـ"العربي الجديد"، في ملف إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، إذ لا يزال الموقف الإسرائيلي يعارض أي وحدة حقيقية بين حركتي "حماس" و"فتح"، بل يُصرّ على وضع العراقيل أمام حل هذا الملف. وتحتل أولوية تشكيل حكومة وحدة وطنية صدارة اهتمامات المصريين لنجاح خطتهم في غزة، لا سيما أن مصر تريد دوراً للسلطة الفلسطينية في القطاع، حتى لو كان "شكلياً"، وتريد أيضاً أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار، في حال تمّ التوصل إليه، مغطى بحكومة فلسطينية تضم الجميع.
وجددت حركة "حماس" في لقاءاتها مع المسؤولين المصريين قبل أسابيع موقفها المؤيد للذهاب لحكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات عامة وإنهاء الانقسام، مع استمرار موقفها الرافض للاعتراف بإسرائيل وشروط الرباعية الدولية (تضمّ الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة) للانضمام لأي حكومة فلسطينية مستقبلية. وهو رد على مطالبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحركة بالموافقة على شروط الرباعية للانضمام لأي حكومة. وتضبط الحركة حالياً إيقاع غزة على الهدوء، وتسعى لعدم توتير الأوضاع لإنجاح الخطة المصرية، لكن انتظارها للتقدم في ملف الإعمار بالذات لن يطول. والعامل الأهم في هذا الضبط بالنسبة لـ"حماس" هو ضمان عدم عودة انهيار الوضع في القطاع، وإذا ما ضُيّق على غزة مجدداً من قبل الإسرائيليين، فإنها ستحرك ما بيدها من أدوات بشكل تدريجي، حتى الوصول لحالة الهدوء وإعادة الحياة إلى القطاع.