زياد شليوط
ملعقَة
جلس إلى المائدة وأمامه طعام الغداء الذي سكبته زوجته. أمسك بالملعقة وملأها طعاما وقربها من فمه. تجمدت يده، لم يقو على إدخال الملعقة إلى فمه. نظر إلى الملعقة وأعاد الطعام إلى الصحن.
قال في نفسه: لم تعد الملعقة لتناول الطعام، مكانها يجب أن يكون في مكان آخر. وأرسل نظره نحو الجدار، حيث صور العظماء وبعض اللوحات الفنية والتحف الأثرية من بلاد عديدة.
فتحَة
زحفوا في نفق أرضي ضيق نحو فتحة النور. رأوا الشمس ساطعة، اغتسلوا بنور أشعتها. استنشقوا هواء نقيا، ملأوا رئاتهم بهواء المرج العليل. لامست أقدامهم تراب الوطن، مشوا مرفوعي الهامة ملتصقين بالأرض التي دفعوا مهرها غاليا. عادت الظلمة وأطبقت عليهم، لكن قلوبهم بقيت طافحة بنسائم الحريّة.
ستّة
زكريا.. محمد.. محمود.. يعقوب ..أيهم.. مناضل.
زكريا
تجمع عدد من الأطفال. اعتلوا ما تبقى من جدار كنيسة أثرية. مرت مجموعة يهودية مناصرة للفلسطينيين وقضيتهم العادلة. أخذ الأطفال يصرخون: زكريا.. زكريا. استغرب أعضاء المجموعة هتاف الأطفال، لكنهم تفهموه. اقترب أحدهم من الأطفال المشاكسين، وقال لهم: ونحن أيضا نبحث عن زكريا.
هزيمة
أعلنت دواة الحصار نصرها المدوي. ألقت القبض على "المخربين" الستة الفارين من السجن. وخرج صوت الشاعر الفلسطيني من وراء الموت يهتف: لا تحسبوا أن هذا انتصار.. إنّه شرّ من هزيمة؟؟؟؟
يتيمة
وقف قناص على بعد عشرات الأمتار، من كرم الزيتون المزدهر والمصان على طول عشرات الأمتار. وجّه بندقيته وأطلق رصاصة يتيمة، جلبت اليتم للطفلة الرضيعة غزال.
بقع الدم منثورة على الحجارة، تشهد على الجريمة الواضحة. سلطات الجيش وحدها لا ترى، لا تسمع ولا تعترف بالدلائل القاطعة على الجريمة.
غزال ولدت قبل ثمانية أشهر، سيربيها جدّها وجدّتها. ستكبر دون أن تعرف أباها، وستبقى صورة بقع الدّم ترافقها طوال حياتها.
(شفاعمرو – الجليل)