تعتزم الحكومة الإسرائيلية، اتخاذ خطوات دبلوماسية تصعيدية تجاه الأردن، والرد بـ"حدة" على المواقف التي عبرّت عنها الخارجية الأردنية مؤخرا إزاء الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة في مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى.
وفي هذا السياق، أجرى وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، اليوم الإثنين، مداولات حول السبل التي تعتزم الحكومة الإسرائيلية الرد من خلالها على الخطوة الأخيرة التي أقدم عليها وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، باستدعاء القائم بأعمال سفارة إسرائيل لدى المملكة؛ للاحتجاج "الصارم" على ما يجري في المسجد الأقصى.
وفيما شدد موقع "واينت" على أن لبيد والمسؤولين في الخارجية الإسرائيلية يبحثون إصدار رد "شديد اللهجة" على الإجراء الذي اتخذه الصفدي والحكومة الأردنية، أشارت هيئة البث الإسرائيلي ("كان 11") إلى ما وصفته بـ"خيبة الأمل الإسرائيلية" من الموقف الأردني.
وادعى مسؤولون في وزارة الخارجية الإسرائيلية أن "سلوك الصفدي يثير التوترات في القدس، ويصل إلى حد تعريض حياة (المستوطنون وقوات الاحتلال الذين يقتحمون الأقصى) إلى الخطر"، معتبرين أن إسرائيل تتوقع من الخارجية الأردنية "تهدئة الأجواء واحترام ‘قدسية العيد لجميع الشعوب‘ (في إشارة إلى الفصح اليهودي الذي يصادف هذه الأيام)".
ونقل "واينت" عن مسؤولين في الخارجية الإسرائيلية، قولهم: "من المؤسف أن يختار الأردنيون فقط النظر إلى الجانب الإسرائيلي (في إشارة إلى اعتداءات قوات أمن الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة منذ يوم الجمعة الماضي واقتحاماتها المتكررة للمسجد الأقصى) وعدم إدانتها سلوك المشاغبين (في إشارة إلى الشبان المقدسيين الذين حاولوا صد الاعتداءات الإسرائيلية)".
وزعم المسؤولون الإسرائيليون أن تل أبيب "بذلت جهودًا كبيرة جدًا للسماح بحرية العبادة في الحرم القدسي للمسلمين واليهود على حدٍ سواء، كما سمحت بأشياء لم يتم القيام بها من قبل - مثل السماح للمصلين بالاعتكاف في المسجد الأقصى طوال الليل".
كما تدعي حكومة الاحتلال الإسرائيلية أن "مجلس الأوقاف في القدس غير ناجح ولا يسعى حتى لتهدئة الأوضاع"، فيما أشار المسؤولون في الخارجية الإسرائيلية إلى "الجهود التي بذلتها للتهدئة (وفقا للمزاعم الإسرائيلية) سواء كان ذلك عبر اجتماع كل من لبيد ووزير الأمن، بيني غانتس، بالعاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، أو عبر قنوات الاتصال الدبلوماسية والأمنية الأخرى".
وفي حين تحسنت العلاقات الأرنية - الإسرائيلية "بشكل ملحوظ"، بحسب التقارير الإسرائيلية، منذ تولي حكومة نفتالي بينيت، مقارنة بالتوترات التي كانت تشوب العلاقات خلال حكومات بنيامين نتنياهو الأخيرة. واعتبر تقرير "واينت" أن العلاقات الثنائية بين عمان وتل أبيب قد تتدهور إلى "أزمة حقيقية"، في ظل إدانة الأردن "القوية" للممارسات الإسرائيلية الأخيرة.
ويقود الأردن حراكا نشطا خلال اليومين في ظل التطورات في القدس، وذلك منعا للتصعيد، كان آخرها المباحثات التي أجراها ملك الأردن، عبد الله الثاني، عصر اليوم، الإثنين، مع زعماء دول عربية، حول التطورات في المسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلة.
وأجرى العاهل الأردني، اتصالات هاتفية مع كل من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، وأمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وفق تغريدات للديوان الملكي الأردني عبر "تويتر".
وقال الديوان الملكي، إن العاهل الأردني اتفق مع الرئيس المصري على "ضرورة وقف جميع الإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية والاستفزازية في الحرم القدسي الشريف، والمسجد الأقصى المبارك".
فيما أفاد بيان للرئاسة المصرية، بأنهما تباحثا "حول آخر مستجدات القضايا الإقليمية والدولية، والتوافق على مواصلة التنسيق والتشاور بشأن مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك".
كما بحث العاهل الأردني مع ولي عهد أبو ظبي، "ضرورة مواصلة وبذل كل الجهود لوقف التصعيد الإسرائيلي الخطير في القدس". بينما ذكرت الوكالة الإماراتية الرسمية (وام)، بأن الجانبين تناولا "المستجدات بالمنطقة وعدد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، إضافة لسبل دعم وتوسيع آفاق التعاون بين البلدين".
وأكد عبد الله الثاني خلال اتصاله بأمير قطر "ضرورة وضع حد للتصعيد الإسرائيلي الخطير في القدس، ووقف جميع الإجراءات اللاشرعية والاستفزازية التي تخرق الوضع التاريخي والقانوني القائم بالحرم القدسي الشريف".
وفي وقت سابق من اليوم، أجرى العاهل الأردني اتصالاً هاتفيًا مع الرئيس الفلسطيني تطرق خلاله، إلى "التصعيد الإسرائيلي في القدس الشريف"، فيما أوضحت الوكالة الفلسطينية الرسمية (وفا)، أن الجانبين "استعرضا آخر التطورات على الساحة الفلسطينية، والاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى من قبل المستوطنين بحماية الشرطة الإسرائيلية".
وخلال الأيام الماضية، تكثفت الاتصالات بين القادة العرب، بشأن جهود تهدئة الأوضاع في القدس، على وقع اقتحامات يومية للمسجد الأقصى من قبل المستوطنين، بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي.
وعلى الصعيد ذاته، رفع مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان) مذكرة موقعة من 87 نائبا (من إجمالي 130) لحكومة بلاده تُطالب بطرد السفير الإسرائيلي (أمير وايسبورد) من المملكة؛ احتجاجا على اعتداءات القدس الشريف، وفق الوكالة الرسمية (بترا).
وفي وقت سابق الإثنين، أعلن وزير الخارجية الأردني، الصفدي، أنه سيتم استدعاء القائم بأعمال سفارة إسرائيل لدى المملكة؛ للاحتجاج "الصارم" على ما يجري بالمسجد الأقصى.
وأوضح الصفدي أن الحكومة الأردنية ستحمل القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية في عمان لدى استدعائه، رسالة احتجاج وتحذير ومطالبة فورية بوقف الانتهاكات للمسجد الأقصى.
وأضاف، خلال جلسة لمجلس النواب، "سنقوم إبلاغه رسالة المملكة الصارمة والواضحة التي كنّا أعلنّاها والتي كنّا أوصلناها عبر طرق دبلوماسية أخرى في العلن والتي ندين فيها هذه التصرفات والتي نطالب فيها بالوقف الفوري لهذه الإجراءات والتي تحمّل إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال مسؤولية كلّ ما يجري".
وأضاف "اليوم سألتقي بسفراء دول الإتحاد الأوروبي في عمّان لإيصال ذات الرسالة". وأوضح الصفدي أنّ "سفراء المملكة في كلّ عواصم العالم يتحركون ويوصلون هذا الموقف الأردني محذرين المجتمع الدولي من أنّه إذا لم توقف إسرائيل هذه الإجراءات اللاشرعية ولم توقف انتهاكاتها للحرم القدسي فإنها تتحمل مسؤولية الإنفجار الذي سيأتي حتما لأنّ أحدًا لن يقبل بأن يكون هناك اعتداء على المسجد الأقصى".
وأعلن خلال جلسة النواب، عن استضافة عمان، الخميس المقبل، اجتماعا للجنة المنبثقة عن الجامعة العربية للتصدي للاعتداءات الإسرائيلية والتي تضم، إضافة إلى الأردن، كلا من مصر والسعودية والمغرب وقطر وتونس والجزائر، بالإضافة إلى أمين عام جامعة الدول العربية.
وأشار إلى "استمرار جهود الأردن المتواصلة بالتصدي لكل الممارسات التي تستهدف تغيير الوضع التاريخي والقانوني لمدينة القدس"، لافتُا إلى "تكثيف الاتصالات الأردنية مع مختلف مراكز القرار العالمي والعربي لإلزام القوة القائمة بالاحتلال في القدس الشريف القيام بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ووقف الانتهاكات والاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك".
وطالب "المجتمع الدولي بالتحرك لإيجاد أفق سياسي لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على خطوط الرابع من حزيران 1967".