ماذا تنتظر فرنسا بعد فوز «إيمانويل ماكرون»؟

 

إعداد: دنيا عبد القادر


بعد فوزه بنسبة 58.55% وخسارة منافسته المحسوبة على اليمين المتطرف «مارين لوبان» الحاصلة على 41.45%، أصبح «إيمانويل ماكرون» أول رئيس فرنسي يُنتخب لولاية ثانية منذ عام 2002. وعلى الرغم من فوز «ماكرون» بفارق لا يُستهان به إلا أن هناك العديد ممن انتخبوا «ماكرون» لقطع الطريق على اليمين المتطرف وليس دعمًا لبرنامج «ماكرون» الانتخابي. فماذا ينتظر الفرنسيون حقًا من «إيمانويل ماكرون»؟


هناك عدد من الملفات الشائكة المهمة التي ينتظر الفرنسيون من رئيسهم الجديد، حلها، وهي أيضًا التي ستحدد مصير ولاية «ماكرون» الثانية.

ولعل من أبرز تلك الملفات ملف «معالجة القدرة الشرائية» وزيادة المرتبات وهما مطلبان مرتبطان ويرهقان الشارع الفرنسي، في ظل الزيادة المستمرة في الأسعار، سواء أسعار السلع الغذائية أو الفواتير ولا سيما فاتورة الطاقة، في ظل تصاعد الحرب في أوكرانيا.

الهجرة غير الشرعية؛ وهي مشكلة تعاني منها معظم دول الاتحاد الأوروبي ولكن بنسب متفاوتة، فضلًا عن ملف إصلاح رواتب التقاعد، وأزمات المدارس والصحة والتي تصاعدت بشكل كبير خاصة في ظل جائحة كوفيد-19. ولمعرفة مصير تلك الملفات يُمكننا إلقاء نظرة على وعود «ماكرون» للفرنسيين.


برنامج «ماكرون» الانتخابي
هناك وعود جديدة وكثيرة قدمها «ماكرون» وأخطاء اعترف بارتكابها، وملفات شائكة تنتظر حلها، لا سيما بعد أن طرأت على الساحة الدولية أزمة أوكرانيا، والتي ألقت بظلالها على دول العالم برُمته ولا سيما في مجال الطاقة والأمن الغذائي، ربما دفعت تلك الأزمة الصعبة الرئيس الفرنسي «ماكرون» برفع شعار «فرنسا أكثر استقلالًا» والذي قصد به أن تكون بلاده أكثر استقلالًا في عدة مجالات أبرزها الدفاع والزراعة والصناعة.
1. الدفاع
هددت الأزمة الأوكرانية باستقرار دول الاتحاد الأوروبي، لذا وضع «ماكرون» في برنامجه الانتخابي مجال الدفاع أمام نصب عينيه فوعد بزيادة الاستثمار في مجال الدفاع وتعميم الخدمة العسكرية الشاملة وزيادة قوات الاحتياط.
2. التقاعد
يُعتبر هذا الملف أحد أهم وأبرز الملفات الشائكة في فرنسا، واقترح «ماكرون» برفع سن التقاعد إلى 65 بدلًا من 62 عامًا، وهو الأمر الذي لم يرحب به كثير من الفرنسيين. بالإضافة إلى رفع الحد الأدنى للمعاش التقاعدي الكامل من 950 يورو إلى 1100 يورو.
3. الضرائب
تعهد «ماكرون» بخفض الضرائب بواقع 15 مليار يورو سنويًا مُقسمة بالتوازي بين الأفراد والشركات وتخفيض ضريبة الميراث، فضلًا عن إلغاء الرسوم السمعية والبصرية المدعومة بضريبة الإسكان، وهي خطوات جديدة وربما محاولة منه لتحسين صورته بعد أن اتُهم في ولايته السابقة بأن حكومته «حكومة الأثرياء».
4. مواجهة الغلاء
لم يغفل برنامج «ماكرون» الانتخابي، عن واحد من أصعب الملفات التي تنتظره بل وأهمها، وهي زيادة الأسعار لذا تعهد ماكرون بمواجهة الغلاء وتخفيف الضرر على الأسر من خلال تحمل البلاد تدابير لمواجهة هذه الأزمة ستكلفها حوالي 20 مليار يورو إضافية. بالإضافة إلى تقديمه «شيك طعام» للأشخاص الأكثر تواضعًا ومضاعفة قسط التأمين ثلاث مرات.
5. مجالي الزراعة والصناعة
زادت الأزمة الأوكرانية من زيادة نسبة الأسعار وعلى الرغم من استقلال فرنسا بشكل كبير في المجال الغذائي إلا أن الأزمة أدت إلى ارتفاع أسعار الأسمدة اللازمة في عملية الإنتاج الزراعي، لذا قرر ماكرون زيادة الاستثمار في المجال الزراعي والصناعي، وهو قرار يتناسب مع شعار «فرنسا أكثر استقلالًا».


هناك توقعات بأن هذه الولاية ستكون الأصعب والأهم لـ«ماكرون» ففي الولاية السابقة كان أبرز تحدي هو «جائحة كورونا» لكن اليوم زاد تحدي آخر على «ماكرون» وهو تحدي خارجي يتمثل في الحرب الروسية في أوكرانيا، فضلًا عن تحدي داخلي صعب قد يعيق «ماكرون» في تحقيق وعوده وآمال الفرنسيين، ألا وهو «الانتخابات التشريعية» فعلى الرغم من فوز «ماكرون» بنسبة كبيرة إلا أن النسبة التي فازت بها «لوبان» تُعتبر النسبة الأفضل لليمين المتطرف في فرنسا منذ عام 1958، وهو الأمر الذي قد يعني أن تكون الأغلبية البرلمانية مُكونة من اليمين المتطرف فضلًا عن إمكانية فوز المرشح الثالث «جان لوك ميلانشون»، وهو الأمر الذي سيؤدي حدوثه إلى إجبار «ماكرون» على التعايش السياسي وهي سياسة لم تحدث منذ الرئيس الفرنسي الراحل «جاك شيراك» وهناك مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى ما يُعرف بـ«الجمود السياسي» أو الشلل التشريعي.


إذ أجرت مؤسسة «إبسوس» الفرنسية استطلاعًا للرأي، توقع فيه حوالي 56% من الفرنسيين خسارة «ماكرون» في الانتخابات التشريعية مقابل 20٪ يريدون أن يحصل على أغلبية مريحة تتيح له تطبيق برنامجه و24٪ يرون أنه من الأفضل الحصول على أغلبية لتجنب اضطراره إلى «تعايش سياسي». لذا يُمكن أن نقول إن فرنسا تعيش اليوم تحديات صعبة وسط ظروف استثنائية.

 

نداء الوطن