ركزت تقارير تحليلية ومقالات نشرت في صحف عبرية، اليوم الجمعة، على عودة الاهتمام الاستخباراتي الإسرائيلي لمرحلة ما بعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وبحسب المحلل والمراسل العسكري الإسرائيلي عاموس هرئيل في تقريره التحليلي الأسبوعي، فإنه على الرغم من الاهتمام بقضايا إيران ولبنان وغيرها، إلا أن الساحة الفلسطينية لا زالت محط اهتمام الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في ظل التركيز على عمليات إطلاق النار والعمليات العسكرية في جنين ونابلس.
واعتبر أن حالة التوتر الأخيرة بالضفة لها أسباب داخلية منها ضعف السلطة الفلسطينية وما وصفها بـ "الشيخوخة التي تداهم رئيس السلطة محمود عباس"، والمنافسة الفتحاوية الداخلية وكذلك منافسة حماس.
وترى أجهزة المخابرات الإسرائيلية - كما ذكر هرئيل - أن ضعف السلطة الفلسطينية يزداد منذ أكثر من عامين وذلك لعدم قدرتها على تحقيق أي نتائج إيجابية لصالح الفلسطينيين بعد انتهاء رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة، مع استمرار خسارتها لمزيد من النقاط أمام الجمهور لصالح حماس التي دخلت معركة " سيف القدس" وزادت شعبيتها في أوساط الفلسطينيين.
وأشار هرئيل إلى تبعات ضعف السلطة الفلسطينية، والتي تمثلت في موجة من العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنين بعد أن فشلت السلطة بذلك، تبعها عمليات إطلاق نار داخل المدن الإسرائيلية، ومن ثم ظهور خلايا مسلحة جديدة في جنين وأخرى في طولكرم ونابلس، مشيرًا إلى أن هناك زيادة في التعاون كما كان في أيام الانتفاضة الثانية بين عناصر فتح والجهاد وأحيانًا خلايا مرتبطة بحماس.
واعتبر هرئيل أنه بالنسبة لإسرائيل، فإن "أبو مازن لم يتغير، فهو لا يشجع الإرهاب رغم الدعم المالي المستمر الذي يقدمه لعوائل الإرهابيين المسجونين في إسرائيل، وهذا ببساطة دليل آخر على ضعف السلطة التي تجد صعوبة في فرض سلطتها وسيادتها في الميدان". وفق تعبيره.
وأضاف: "قد يتأخر النقاش الإسرائيلي المكثف حول اليوم التالي لعباس، لكن التغيير التدريجي في الضفة الغربية يحدث بالفعل".
من جهته اعتبر الضابط الكبير السابق في جهاز الشاباك دورون ماتسا والذي يعمل محاضرًا في كليات إسرائيلية وغيرها، خلال مقال له نشر في يديعوت أحرونوت، أن ظاهرة الخلايا العسكرية في نابلس وجنين مؤخرًا تشير إلى حالة "الفوضى، والعنف، والفراغ الحكومي" الذي سينشأ بشكل أكبر في مرحلة ما بعد "أبو مازن".
ولفت رجل الاستخبارات الإسرائيلي السابق، إلى دور عناصر فتح في جنين ونابلس في تشكيل تلك الخلايا التي أصبحت تقلق إسرائيل خاصة عند النظر في مستقبل اليوم التالي للرئيس عباس، معتبرًا أن ذلك يؤشر إلى إضعاف السلطة الفلسطينية كهيئة فاعلة قادرة على إنتاج السيطرة الأمنية التي شكلت أساس نموذج العلاقة خلال العقود الماضية مع تل أبيب.
وقال ماتسا: "هذه الخلايا والبؤر التي يتواجد بها المسلحون في الضفة الغربية، تنتج فوضى تجاه حكم السلطة الفلسطينية وترهيبًا تجاه إسرائيل .. مضى عقدين على انتهاء الانتفاضة الثانية، والظاهرة الحالية تقوض أسس الاستراتيجية الإسرائيلية التي حافظت على واقع أمني هادئ رغم غياب العملية السياسية".
ورأى أن ما يجري يدق ناقوس الخطر، وأن الفجوة في الفكر السياسي بين السلطة الفلسطينية، والتنظيمات، يشكل تحديًا للفلسطينيين وإسرائيل في مرحلة ما بعد عباس.
واعتبر أن سيناريو تفكيك السلطة الفلسطينية قد يصبح معقولًا وملموسًا في ظل الظروف السياسية والاجتماعية الحالية التي تشهد على عمليات تآكل سلطة المؤسسات الحكومية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن كل ذلك سيؤجج الاحتكاك و"العنف" المتزايد مع إسرائيل، وسيكون لذلك تأثير مهم بعودة القضية الفلسطينية إلى مركز السياسة الإقليمية والدولية، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على الطاقات والجهود التي شهدها العقد الماضي لإرساء واقع شرق أوسط جديد يقوم على التطبيع والتعاون على أسس اقتصادية.
وختم قائلًا: "تحتاج إسرائيل إلى التكيف مع احتمال أن يكون الفلسطينيون على شفا تغيير يتطلب منها تبني مفهوم سياسي جديد للمستقبل القريب المحتمل، بالإضافة إلى الاستعدادات الأمنية والتكتيكية الميدانية، ومن المناسب التفكير بشكل استراتيجي في كيفية استفادة إسرائيل من الوضع الإقليمي الجديد الناشئ، لا سيما فيما يتعلق بعملية التطبيع مع دول الخليج، من خلال اتباع نهج إقليمي جديد تجاه الصراع مع الفلسطينيين تصبح فيه الدول العربية شريكة وليست وسيطة، لتحقيق الاستقرار من خلال تحرك إقليمي اقتصادي مكثف يذكرنا بالنموذج القطري في غزة من أجل تحقيق الأمن".