“20 عاما من غزو الولايات المتحدة للعراق.. تداعيات مستمرة”.. تحت هذا العنون كتب الباحث والكاتب آدم ماكونيل مقالات في موقع (ميدل إيست مونيتور)، معددا التداعيات التي أفررها الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 على الولايات المتحدة ذاتها وعلى المنطقة.
يبدأ الكاتب بالتأكيد على أن الغزو تسبب في ضرر كبير لمصداقية أمريكا، لأنه تم ذريعة برنامج أسلحة الدمار الشامل لصدام حسين، والذي تبين أنه غير موجود.
ويقول إن الفظائع اللاحقة للغزو، مثل الأعداد الهائلة من القتلى المدنيين، والتعذيب في سجن أبو غريب، أو الاضطرابات السياسية والاجتماعية المستمرة التي أثبتت الولايات المتحدة أنها غير قادرة على علاجها، أدت إلى تقويض مكانة واشنطن الدولية.
وفي نهاية المطاف، فقدت الولايات المتحدة مكانتها الأخلاقية، لاسيما بعد أن غابت محاسبة المسؤولين الأمريكيين عن خطيئة الغزو، واقتصر الحساب على بعض الجنود الذين ارتكبوا فظائع.
ويضيف الكاتب أنه على الصعيد المحلي الأمريكي، تسبب الغزو في مقتل آلاف الجنود ومئات الآلاف من الجرحى أو المحاربين القدامى المصابين بصدمات دائمة.
وعلى الرغم من الإجماع الواسع الذي ظهر في العشرين عامًا الماضية على أن الغزو كان خطأً كارثيًا، فإن العديد من صانعي السياسة والمحللين الأمريكيين إما لم يفهموا الخطأ أو توصلوا إلى استنتاجات خاطئة أثناء محاولتهم تجنب نفس الموقف أو تحقيق مكاسب سياسية قصيرة المدى من خلال المطالبة بانعزال أمريكا عن المنطقة.
وبالإضافة إلى التكاليف العسكرية والسياسية، أنفقت الولايات المتحدة أيضًا تريليونات الدولارات على الغزو وما تلاه بينما ظل العديد من المواطنين الأمريكيين يعانون من الفقر وعدم كفاية التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية المتدهورة، وفق الكاتب.
عواقب على الشرق الأوسط
ويرى ماكونيل أن جميع بلدان المنطقة تأثرت بطريقة ما بنتائج الغزو، بسبب تدفق اللاجئين، أو الاضطرابات السياسية والاقتصادي. وشهدت بعض البلدان، مثل تركيا، كلا الأمرين.
وأدى الاشمئزاز العام من غزو العراق وسلوك المسؤولين والجنود و”المقاولين” الأمريكيين إلى ترسيخ المشاعر المعادية لأمريكا في جميع أنحاء المنطقة.
غير أن النتيجة الأكثر أهمية، بحسب الكاتب، تمثلت في النفوذ الإيراني الجديد في عراق ما بعد صدام، والذي أعطى طهران رابطًا بريًا مباشرًا لسوريا وعزز مكانة السكان الشيعة والعلويين في المنطقة بأكملها.
ويقول ماكونيل إن ظهور إيران ونشاطها الأكبر أدى إلى تكثيف منافساتها الإقليمية مع دول مثل السعودية وإسرائيل، ما تسبب في النهاية بانهيار سياسي في اليمن وهجمات من قبل إسرائيل ضد أهداف إيرانية متعددة في كل من إيران وسوريا.
ومهدت أخطاء سياسة الولايات المتحدة بعد غزو العراق الطريق لظهور الجماعات المتطرفة، مثل تنظيم “الدولة”.
خطأ سوريا
ويتطرق الكاتب لأزمة أخرى سببها غزو العراق أيضا، حيث يرى أن الإدراك الأمريكي النهائي بأن غزو العراق كان خطأ، دفع إدارة أوباما إلى عدم تحمل أعباء أكبر في سوريا، الأمر الذي فتح بدوره الباب أمام التدخل الروسي المباشر هناك.
بعد ذلك، وسعت روسيا شراكتها خطوة بخطوة مع النظام الإيراني، وأصبحت صانع القرار الحقيقي في سوريا، وفتحت لأول مرة جبهة جنوبية ضد تركيا، العضو في الناتو.
تفضيلات إدارة أوباما أدت أيضًا إلى تشكيل شراكة بين الولايات المتحدة وحزب العمال الكردستاني (تحت ستار “قوات سوريا الديمقراطية”)، وهو ما أثر سلبا على العلاقات الأمريكية التركية.
وعلى الرغم من أن العراق الآن مستقر سياسيًا واقتصاديًا إلى حد ما، لكن الديمقراطية والمؤسسات الحكومية العاملة والتماسك السياسي الداخلي ما زالت مجرد سراب.
لذلك، ستظل قدرة إيران على التأثير في الأحداث في جميع أنحاء العراق وسوريا عنصرًا مهمًا في الحسابات السياسية الإقليمية.
وبالمثل، فإن المبادرة المدعومة من الصين لإعادة العلاقات بين الرياض وطهران، إذا ثبت أنها قابلة للتطبيق، ستؤكد أن إيران هي المستفيد الأكثر ديمومة من كارثة السياسة الرئيسية لإدارة جورج دبليو بوش. وتشير المكانة الإيرانية الموسعة أيضًا إلى أن البصمة الإقليمية لروسيا ستظل كبيرة.
ويخلص ماكونيل إلى أن النمو في المكانة الإقليمية لإيران وروسيا، والآن دخول الصين كمدير إقليمي لحل النزاعات، هي تطورات يمكن إرجاعها إلى قرار إدارة جورج دبليو بوش المتغطرس بغزو العراق بذرائع كاذبة.
آدم ماكونيل – ميدل إيست مونيتور