د عبد الرحيم جاموس يكتب : كيان المستعمرة الإسرائيلية كيان وظيفي لا غير ….!

كيان المستعمرة الإسرائيلية كيان وظيفي لا غير ….!
بقلم د. عبدالرحيم جاموس
قيادة (المستعمرة الإسرائيلية) الحاكمة تريد ابتلاع الأراضي الفلسطينية، والتخلص من الديمغرافيا الفلسطينية، والأغلبية الإسرائيلية تخشى السلام، وحل القضية الفلسطينية، والتبريرات الإسرائيلية كثيرة ولا نهاية لها، حتى أن القيادة الإسرائيلية، رفضت دعوة زعماء يهود أميركا، لتقديم تنازلات من أجل السلام، ففي رسالة فريدة من نوعها تحمل تواقيع (100) من زعماء يهود أميركا البارزين، مرسلة إلى “نتنياهو” وحكومته ألحوا فيها على تقديم تنازلات جوهرية من أجل السلام، هذه الرسالة التي بادرت لها منظمة “إسرائيل بوليسي فورم”، في عام ٢٠١٣م وقدتنامت الأصوات اليهودية في اميريكا واوروبا الداعية للسلام ولم تجد آذانا صاغية في( المستعمرة الإسرائيلية) لأنها لا تملك قراراها ، فهي كيان وظيفي يؤدي وظيفته كما يرسم إليه ، القرار الحقيقي في يد الصهيونية العالمية المرتبطة بالأجندات الامبريالية الاستعمارية وعلى رأسها اليوم الولايات المتحدة الامريكية .
قدتكشف هذا الأمر جليا في ظل ادارة الرئيس دونالد ترامب الذي وعدَ بالعمل على تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في بداية ولايته الى ان كشف عن نواياه المتطابقة مع الرؤيا الصهيونية الاستعمارية ومع رؤية اليمين الصهيوني المتحكم في ادارة المستعمرة من خلال سلسلة المواقف المنحازة لصالح المستعمرة والتي من شأنها ان تحول دون تحقيق اي شكل من اشكال التسوية و السلام وإنما ترمي الى فرض الإستسلام على الشعب الفلسطيني ومن ورائه الامة العربية والإسلامية ودولها وفرض كيان المستعمرة ودمجه في المنطقة دون الوفاء بمتطلبات التسوية السياسية الحقيقية و متطلبات السلام التي تقضي بإقرار تنفيذ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في وطنه وفي مقدمتها حقه في العودة وتقرير المصير وانهاء الأحتلال وكنس الإستيطان وتمكين الشعب الفلسطيني من اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس . فقد جاءت مبادرة ترامب (صفقة القرن) مفصلة ومبنية على هذا الأساس، فكانت مبادرة اسرائيلية يمينية عنصرية بإمتياز من الفها الى يائها ، و وصفة لمزيد من دورات العنف و التوسع والتنكر والإجحاف بحق الشعب الفلسطيني في العيش بكرامة في دولة مستقلة وعاصمتها القدس وفق قرارت الشرعية الدولية، التي يجب ان تستند اليها اية تسوية او اية جهود تفاوضية بين طرفي الصراع .
هذا ما يؤكد ان حكام المستعمرة حقيقة لايملكون من امرهم شيء ، فقرارهم بيد من يمتلك القرار في واشنطن ، وان كيان المستعمرة ما هو الا كيان وظيفي في خدمة الامبريالية الصهيونية العالمية المسيطرة على مفاصل الدولة العميقة في امريكا ، التي بيدها قرار الحرب والسلم و قرار التوسع و بقاء واستمرار الإحتلال و الإستيطان على حساب قضم الحقوق وقضم الأراضي الفلسطينية ، لنتذكر ان اتفاق اوسلو لو كان أمر اعداده بيد امريكا في حينه لما تم انجازه رغم كل مثالبه ، لذا كان قرار تصفية طرفية رابين / عرفات من قبل اليمين الصهيوني والتغطية عليه والرضى من صانع السياسة الأمريكية .. ولم يستطع بعدهما أي من قادة المستعمرة الإقتراب من فكرة التسوية الحقيقية ، خشية أن يلاقي مصير رابين /عرفات ، وتلاشت القوى المؤثرة في كيان المستعمرة التي تتطلع إلى التوصل إلى أي تسوية مقبولة .
هكذا جرى التحول نحو مزيد من الفاشية لدى المجتمع و الطبقة السياسية و ازدادت قيادات المستعمرة الإسرائيلية تطرفا ويمينية وفاشية ، الى ان وصلت الى الصيغة التي هي عليه اليوم و يمثلها عصابة من الفاسدين و القتلة الطوطميين الفاشيين (نتنياهو وبن غفير وسموتريتش وادرعي …وغيرهم )…و قد تم انهاء واسكات واقصاء كافة القوى الحزبية الإسرائيلية التي كانت تدعم تيار التسوية والسلام ولم يعد لها اي تأثير يذكر ولا اي تمثيل معتبر في كنيست المستعمرة .
ان الإدارة الأمريكية الحالية الديمقراطية برئاسة جو بايدن التي خلفت ( ادارة ترامب الجمهورية) سارت على نفس النهج والمنوال ، ولم تتراجع قيد انملة عن أي من المواقف والإجراءات التي اتخذتها ادارة ترامب ، وكان ابسطها عدم تنفيذ ما وعدت به مثل اعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية واعادة فتح ممثلية م. ت.ف في واشنطن و اللتان اغلقتهما ادارة الرئيس ترامب ، وتسعى ايضا إلى مواصلة سياسة توسيع ماسمي بالإتفاقات الإبراهيمية ، التي بدأتها ورعتها ادارة ترامب الجمهوري بين المستعمرة وعدد من الدول العربية المتهافته على ارضاء الولايات المتحدة بلا أدنى ثمن سياسي يذكر ، رغما عن المواقف الجماهيرية والشعبية في تلك الدول الرافضة لهذة الإتفاقات المهينة ، التي كان آخرها مع المجلس العسكري الحاكم في السودان ..
وتواصل ادارة الرئيس جو بايدن نفس السياسة الامريكية المعتادة بتوفير الغطاء الدولي لسياسات المستعمرة ، القائمة على استمرار التوسع والإستيطان ، وإنكار الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني في حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة ، رغم ما تعلنه و تبثه الإدارة الأمريكية من تصريحات باهته بشأن دعمها لحل الدولتين بين الطرفين ، دون أن تقدم على اي اجراء من شأنه ان يترجم هذة التصريحات إلى سياسة فعليه واقعية على الأرض تنهي حالة الصراع وتضع حدا لدوامة العنف ، وتؤسس لتسوية مقبولة على اساس حل الدولتين .
اذا ما تفحصنا مواقف كافة الدول والمجموعات الدولية في العالم من اوروبا الى روسيا الى الصين الى المجموعة الإفريقية ومجموعوعة77+الصين نجدها جميعها مع احقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وانهاء الإحتلال على اساس تنفيذ القرارات الدولية بشان الصراع بما فيها القرار 194القاضي بحق العودة للاجئين الفلسطينيين الى ديارهم ..
يبقى الموقف الإستثناء عن ذلك وبصورة شاذة عن الإجماع الدولي هو موقف الولايات المتحدة الممثلة برؤى الرئيس ترامب سابقا ومواقفه المجافية والمعادية للقانون والشرعية الدولية فيما يتعلق بالتسوية وإنهاء الصراع ورؤى و مواقف الرئيس جو بايدن اليوم التي لا تختلف عن رؤى سلفه ، بل يؤكد التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على امن المستعمرة وتفوقها والسعي الى دمجها في المنطقه وادخالها في احلاف عسكرية تعزز من دورها و وجودها ، دون حل القضية الفلسطينية ..
إن القيادة الفاشية المتنفذة في حكم المستعمرة الإسرائيلية اليوم ، تخشى السلام وتخشى الإقتراب منه ولا مكان له في فكرها وسياستها وثقافتها وبرامجها ، بل تتبارى كل من السلطة والمعارضة فيها في اجراءاتها الإجرامية والأمنية والعسكرية في حق الشعب الفلسطيني وفي مواقفها المتطرفة ازاء استمرار إنكار الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ، ومواصلة سياسة التوسع والإستيطان وضم الاراضي الفلسطينية ، سعيا منها الى قذف الشعب الفلسطيني الى خارج جغرافيا وطنه فلسطين، والتخلص من اية أعباء وأي مسؤلية قانونية وسياسية واجتماعية ازاء قضيته .
د. عبدالرحيم جاموس
11/2/2023 م
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

نداء الوطن