أهالي غزة بين الانحصار وأمل في إنهاء الانقسام

 

تعيش غزة حالة من الحصار المفروض عليها من خلال الاعتقالات اليومية والحواجز، ويستهدف حصار غزة تفكيك البنيان السياسي والاقتصادي والاجتماعي للشعب الفلسطيني، ويعمل على انتشار الفقر والبطالة والصراع مع العدو، كما يستهدف تحقيق التفكك وانقسام الهوية الوطنية.
تاريخ الانقسام الفلسطيني
يشير الانقسام الفلسطيني إلى وجود سلطتين سياسيتين وتنفيذيتين منذ عام 2007م في الضفة الغربية وقطاع غزة، إحداهما تحت سيطرة حركة فتح في الضفة الغربية والأخرى تحت سيطرة حركة حماس في قطاع غزة، وذلك بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية في مطلع عام 2006، ووجود أزمة سياسية ارتبطت بعراقيل للانتقال السلمي للسلطة داخلية وخارجية، وخضوع أجهزة السلطة الفلسطينية للحزب الذي كان تقليديا ومنذ توقيع إتفاقية أوسلو يمسك زمام الحكم الذاتي الفلسطيني؛ حركة فتح.
يعكس الانقسام واقع الخلافات والصراعات والأزمات الفلسطينية وحالة عدم الاستقرار منذ نكبة 1948، وانتكاسة 1967 ومجازر الأردن عام 1970
الصراع بين حركتي فتح وحماس
من الأسباب والعوامل التي أدت إلى الصراع بين حركتي فتح وحماس الانتخابات التشريعية التي زادت حدة الصراع بين حركتي فتح وحماس، حيث فازت حماس في انتخابات المجلس التشريعي علم 2006 بأغلبية كبيرة، وأقصت بهذا الفوز حركة فتح عن تصدر المشهد الفلسطيني، وواجهت ضغوطاً داخلية وخارجية لإفشالها، وصراعات دموية انتهت بسيطرة حماس على قطاع غزة.
وبعد رفض الفصائل المشاركة في حكومة حماس، شكلت الحركة حكومتها برئاسة إسماعيل هنية الذي سلم يوم 19 مارس/آذار 2006 م قائمة بأعضاء حكومته إلى الرئيس محمود عباس، لكن الحكومة قوبلت بحصار إسرائيلي مشدد عرقل عملها، وبمحاولات داخلية للإطاحة بها من خلال سحب كثير من صلاحياتها وإحداث القلاقل الداخلية طوال عام 2006 م.
ونظرا لرفض الأجهزة الأمنية التعاطي مع الحكومة الجديدة، شكّل وزير الداخلية آنذاك الشهيد سعيد صيام قوة مساندة تعرف بـ«القوة التنفيذية»، لكن حركة فتح شنت عليها حملة واسعة وصلت لحد الاصطدام مع الأجهزة الأمنية الأخرى، وذلك بالتزامن مع حملة اغتيالات في غزة.
وتحركت العديد من الجهات لوقف الاشتباكات بين مسلحي حماس وفتح والأجهزة التابعة لهما، ونجحت هذه التحركات في وقف الاشتباكات وإنشاء لجنة تنسيق وضبط العلاقات بين الطرفين، لكن الأمور عادت مجددا للتوتر والاصطدام.
في عام 2007 بادر الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز إلى دعوة حركتي فتح وحماس إلى التحاور في مكة، على مدار ثلاثة أيام بين أعلى الهرم القيادي في كلتا الحركتين محمود عباس ومحمد دحلان عن فتح، خالد مشعل وإسماعيل هنية عن حركة حماس ووقعت الحركتان على ما بات يعرف بـ«اتفاق مكة» في فبراير/شباط 2007، وكلف الرئيس محمود عباس، إسماعيل هنية بتشكيل الحكومة الحادي عشر «حكومة الوحدة الوطنية»، إلا أن الاتفاق فشل بعد عدة أشهر رغم الأجواء الإيجابية التي رافقت الإعلان عنه.
جهود فلسطينية لانهاء الانقسام
قام الفلسطينين بتظاهرات كثيرة في غزة لمطالبة القيادات السياسية سواء في حماس أو في حركة فتح بإنهاء الانقسامات الداخلية.
وقام الأمين العام للاتحاد الوطني الفلسطيني صالح رأفت بدعوة إلى التوافق على آليات لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية وفقاً لما جاء في اتفاقيات المصالحة ، كما دعا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها حركتا فتح وحماس ومن يرغب من الفصائل للعمل على توحيد المؤسسات المدنية والأمنية للسلطة في الضفة وقطاع غزة، وإعادة إعمار قطاع غزة، وتعزيز صمود شعبنا والاستمرار في مقاومته الشعبية الباسلة وتطوير وتنويع أشكالها وتوسيعها، وللتوافق على مواعيد لإجراء الانتخابات العامة الرئاسية والبرلمانية وللمجلس الوطني الفلسطيني، ودعا كل الفصائل الفلسطينية لوقف سياسة التخوين والتحريض الإعلامي، والمحافظة على استقلال القرار الوطني الفلسطيني وعدم الخضوع لأية ضغوط خارجية.
وطالب القيادة الفلسطينية لمتابعة كل القضايا الفلسطينية التي طرحتها دولة فلسطين على المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من أجل الإسراع في البت بهذه القضايا وإدانة ومعاقبة دولة إسرائيل على الجرائم التي ارتكبتها بحق شعبنا وأرضنا ومقدساتنا وما زالت ترتكبها كل يوم.
وفي النهاية يمكن القول أن معظم محاولات انهاء الانقسام الفلسطيني خفقت، وتعثرت الاتفاقيات الموقعه بين حركتي فتح وحماس، فهناك من يرى أن المخرج في انتخابات رئاسية وتشريعية، ولكن التجربة تشير إلى أن اجراء الانتخابات في الدول التي تعاني من عدم تجانس سكاني أو انقسام أيدولوجي ستزيد من حدة الصراعات، ولكن يجب فهم أسباب الانقسام لكي يتم معالجته، ومن هذه الأسباب الضعف الدستوري والانقسام المجتمعي والأزمات الاقتصادية التي يواجهها قطاع غزة.

 

 

نداء الوطن