د. كمال الحسيني
يتألق نجم فلسطين من جديد، وهذه المرة، من زاوية أخرى ومختلفة، من زاوية ابداعية لا نظير لها في عالمنا العربي، حيث فازت فلسطين بمعرض ATM الدولي في دبي كأول شركة عربية تمتاز بهذا المنجز الرائع، بما قدمته من أفكار تطويرية في عالمها التكنولوجي الساحر .
وبدون شك، فلا يخفى على أحد بأن التكنولوجيا باستخداماتها المتنوعة، أضحت القيمة الأكبر التي تحدد حاضر ومستقبل المجتمعات والدول، فهامش تطويرها ومدى استخدامها يعتبر المؤشر الأوضح الذي يحدد مكانة الإنسان في المستقبل.
ومن هنا، لا بد من التوقف على أي نقلة نوعية في هذا المجال، لأنها سترسم مستقبلنا القريب أو الأبعد.
وبما يتساءل الكثيرون عمّا يجعل عالمنا العربيّ في حالة خمول تكنولوجية، فبالرغم أن العالم العربي قام باستثمارات ضخمة في مجالات عدة، إنما لم تمكن هذه الاستثمارات من خلق أثر يذكر بين الدول الصاعدة في مجال التكنولوجيا وذلك لعدّة أسباب لن نتوقف عندها الآن.
فبدل من أن نتمعن في الجانب الأقل إشراقًا، فإننا نسلط الضوء اليوم على تجربة جديدة وفريدة، نحتت مكانتها المرموقة عبر إنجازها التكنولوجي رفيع المستوى، والذي سيشكل حالة عالمية تعيدينا الى أولنا، والى ما نطمح له دوماً بأن نتبوأ مكانة عالية على الخريطة العالمية للتطور التكنولوجي، ولندخل المجال من أوسع أبوابه كسبّاقين وروّاد.
نسجل بفخر اعتزانا الكبير للريادي الطليعي، عمري أبو ماضي، الشاب الفلسطيني المقدسي، ابن العاصمة الصامدة، وأحد فرسانها، والذي أضحى علماً خفاقاً من أعلام التكنولوجيا في العالم العربي المعاصر كونه رائدًا في مجال تقنيات العالم الإفتراضي والذكاء الاصطناعي، وتقنيات الـ Blockchain.
يسخر عمري أبو ماضي خبراته التي راكمها على مدى أكثر من عشر سنوات في مجالات عدة ليجمع فريق عربي من الخبرات والمواهب الشابة الطامحة، ليشكل فريقاً عملياً وطافحاً بالنشاط والحيوية والحماس، مهمته القيام بتطوير منصات سبّاقة في عدة مجالات، تعمل بطريقة تتعدى مجرد سياق العمل التقليدي لتطرح نظاماً جديداً ومتميزاً للعمل مبنياً على تسهيل الخدمات وتبسيطها وتسخير تطورها في خدمة المستخدمين من جميع أصقاع الأرض.
وهكذا تبدأ المسيرة، وهكذا يتدفق الابداع، في ذروة التعب، وبين فصول اليأس الذي أصاب العالم، عندما تفشت جائحة كورونا العالمية، وألقت بثقلها على الاقتصاد العالمي لتأثيرها المباشر على حياة الناس اليومية، وهنا كان الابداع وكان الاندفاع الشبابي، حيث يتصارع ويتسارع السباق التكنولوجي العالمي لتقديم الاقتراحات والحلول التي تطمح إلى تخفيف وطأة الوضع العالمي على الإنسان.
ولكون التبادل التجاري أول أشكال التفاعل التعاوني بين البشر، كان من الطبيعي أن تحتل التجارة حيزًا مهمًا، فالتجارة الإلكترونية لمع نجمها كبديل فعّال للتبادل التقليدي في السنوات الأخيرة، غير أنها ولو كانت تظهر منحًا تطويريًا، لم تستطع أن تتخطى الأسلوب التقليدي، والأساليب التقليدية، المحكوم عليها بألّا تتخلص من المشاكل التقليدية، فكيف بالمشاكل التي ظهرت حديثًا .
ومن هنا جاء عمري أبو ماضي واتخذ قرارّاً بتوجيه فريق عمله نحو العمل الجدي في تطوير منصات متقدمة تكنولوجيّا لتدفع بخدماته العالم إلى الأمام بعد فترة ركود، فكانت الجائحة وآثارها الكارثية، إشارة البدء الأولى للتركيز على إنشاء أول منصة حديثة تتخطى المنافسين فكرةً، تطويرًا وتقنيّا، بخاصة أنّ الدراسات الحثيثة التي قام بها حول وضع التجارة الحالي ومشاكل سلسلة التوريد المعقدة التي لم ينتج من التجارة الإلكترونية حلّا لها، بل انها حافظت على حالها الذي لم يقدم للمستخدمين أي تحسينات، بل أن المنتجات أضحت تكلف المستخدم ضعف سعرها، وهو أمر لا يبشر بالخير في المجال التجاري والاقتصادي ككل.
من هنا اعتمد عمري برفقة فريق عمله مقاربة عملية مختلفة، تستخدم تقنيات سلسلة الـ Blockchain الحديثة وتقنيات متطورة أخرى، لخلق نموذج جديد يختصر مصاعب التبادل الالكتروني من خلال ربط العميل بالمصنع عن طريق وسيط واحد لا أكثر تكون له حصرية تقديم الخدمات والدعم الفني وغيرها من اللوجستيات، فمن جهة يساهم هذا النموذج في تحسين تجربة الزبون عبر تأمين أسعار أقل وتوفير التكاليف الإضافية، ومن جهة أخرى يضمن هامش ربح أكبر للمصنع أو مقدم الخدمات، فتكون هذه المنصة فعليّا عامل دفع للعجلة الاقتصادية، بدل من أن تلعب مجرد دور البديل الذي لا يقدم أي شيء إضافي.
بغض النظر عن كون الفكرة والمشروع رائعين، وهما رائعين فعلاً وقولاً، وهما وليدا عامين فقط من العمل الدؤوب الذي أصبح جاهزًا للتنفيذ، غير أن عملية إقناع أصحاب المصانع والموردين والتجار باعتماد المنصة احتاجت عوامل جذب إضافية تبين لهم أن الحلول المرجوة ممكن الحصول عليها في منصة واحدة، وشاملة.
من هنا سطع نجم الابداع وأشرقت شمس التميز، حيث تقرر إضافة نظام متكامل إلى المنصة، شكلت فيه تقنيات العالم الإفتراضي والواقع المعزز نقطة ارتكاز مهمّة تهدف نحو جعل المنصة تقدم الأمثل خدمةً وتقنيةً، فعمد على تطوير تقنيات الواقع الإفتراضي لتتماشى مع المنصة، أما بالنسبة إلى تقنية الواقع المعزز، فهي سمحت بإضافة تأثيرات وخصائص تفاعلية للمنتجات تمكن إضافتها افتراضيّا إلى جسم الإنسان وتحريكها ومعاينتها بشكل انغماري ساحر.
تقرر تسمية هذه التقنية بـ (جرّب المنتج قبل شرائه) فصار متاحًا لأي كان تجربة المنتجات على أنواعها وكأنها في العالم الحقيقي، تخيلوا أنكم بمجرد ضغطة تستطيعون تجربة مستحضر التجميل أو الألبسة والأحذية وغيرها، وتحريكها أمام عدسة كاميرا الهاتف الجوال كأنكم ترتدونها.
أمّا الإنجاز الكبير فكان في تطوير واستخدام منظومة ذكاء اصطناعي لرسم كوكب الأرض كاملًا بشكل ثلاثي الأبعاد عالي الجودة بكل التفاصيل الدقيقة.
ولتطوير خدمات المنصة والتسهيل على المستخدمين، كرس الفريق خبراته ونظرته الإبداعية ليبدأ بتطوير نظام مسح ثلاثي الأبعد بشكل يسمح استخدامه خدمة التجار ومزودي الخدمات، فيستطيع التاجر بمجرد نقرة زر على الهاتف الجوال أن يقوم بعملية مسح أي منتج لديه عبر عدسة الجوال العادي وإدخاله إلى الميتافرس، إضافة إلى برمجة نظام بناء ثلاثي الأبعاد يتميز بتطوره من جهة، وبسهولة استخدامه وفعاليته من جهة أخرى، فهو يمكن أي صاحب عمل أن يكون متواجدًا في العالم الإفتراضي الحديث ويصمم مساحته وبيئته حسب إرادته عوضًا عن أن تكون هذه الخدمات مجرد امتياز حصري للتجار أو أصحاب المكاتب، فتكون منصة جامعة وعادلة تقدم الخدمات للجميع دون استثناء.
انه الابداع وروعة الابداع يا عزيري، فقد أظهر تكامل هذه التقنيات في منصة واحدة وجامعة تفوقًا غير مسبوق شكل عامل جذب فعال، فصار من السهل جداً اقناع التجار وأصحاب الأعمال بالانضمام إلى هذا العالم الجديد، كونه يقدم بشكل واضح وجليّ قيمة إضافية واستفادة ملموسة تضمن التطور والتقدم.
هذه التقنيات لم تعد فقط حصرية لمجال التجارة وحسب، بل إنها أظهرت إمكانيات عديدة للاستخدام في مجالات واسعة، نذكر منها مثلا قطاع التعليم، فإضافة أنها تتيح إلى تقريب الأوصال بين الأطراف المعنيين في المجال التعليمي وتقديم تجربة تفاعلية محاكية للواقع، فهي أيضًا تفتح مجالات واسعة لتطوير المناهج بالتوازي مع التطور التكنولوجي، فيصبح هذا التطور أداة استفادة وتقدم عوضًا أن يشكل بديلاً وعائقًا أمام التعليم.
وأمام كل ما سبق، فان مجالات وقطاعات عدة ستكون هذه المنصة بتقنياتها رائدة في تقديم أفضل الخدمات لها: السياحة، القطاع المالي، القطاع الإعلامي، القطاع الترفيهي، بالإضافة إلى التواصل الاجتماعي بكافة أشكاله.
أما الخطوة التالية ضمن خطة العمل هذه، فهي كانت عبر العمل على إنشاء شبكة Blockchain خاصة بالمشروع تعمل ببروتوكول جديد يضمن أمان وسرعة عالية للشبكة مع العقد الخاصة بها فيوفر حماية لكل العقود الذكية والرموز غير القابلة للاستبدال على الشبكة دون أي تكاليف، على أن تدمج هذه السلسلة مع شبكة ايثيريوم وسمارت تشين وغيرها من الشبكات بأسلوب جديد.
وهكذا ستكون هذه الشبكة أول شبكة Blockchain في الشرق الأوسط التي طورها وأنشأها فريق عربيّ شابّ بقيادة ريادي فلسطيني شابّ، على أن ينتهي تطويرها بشكل رسمي مع عملتها الخاصة في الربع الرابع من العام الحالي.
الخطوة القريبة الآن هي إطلاق أولى منصات التي تستخدم هذه التقنيات باسم V Booking ضمن فعاليات معرض ATM للسفر والسياحة التي ستستقبله مدينة دبي خلال هذا الشهر مايو-أيار، حيث سيقوم مؤسس المنصة الصديق الوفيّ عمري أبو ماضي بتقديم جلسة كاملة يشرح فيها أهمية هذا المشروع وقوة تأثيره في القطاع السياحي العالمي .
V Booking هي منصة لخدمات السفر والسياحة تعمل بتقنيات البلوك تشين الحديثة لتقدم خدمات متطورة بشكل آمن وشفاف يربط الموردين والمستخدمين عبر وسيط واحد فقط، وقد تم استخدام نظام الذكاء الاصطناعي لرسم كوكب الأرض كاملًا بشكل ثلاثي الأبعاد يسمح لوكلاء السياحة بتقديم خدماتهم بشكل تفاعلي يشبه الخيال، فيمكن الآن لوكيل السياحة أن يصطحب عملائه في جولات سياحية افتراضية تقدم تجربة غامرة غير مسبوقة، تمكّن العميل من معاينة وجهات السفر بشكل افتراضي مشابه للواقع بدقة، فيختبر الرحلة من عن بعد، يعاين وجهة السفر بمميزاتها ومحيطها الطبيعي، أو يمكنه تجربة داخل المنتجعات والفنادق ومعاينة الغرف والتسهيلات وحتى المنظر المطلّ بشكل مطابق تمامًا للواقع، ليقوم العميل بتجربة الخدمة بشكل مقنع قبل اختيارها، إضافة إلى خدمات افتراضية أخرى، على أن يتم اطلاق هذه التقنية أمام العلن ضمن الجلسة التي سيقدمها عمري أبو ماضي في معرض ATM حيث سيتاح للجميع من حضور وزائرين للمعرض تجربة التقنية بأنفسهم عبر استخدام الVR.
وتزود V Booking الوكالات السياحية بأنظمة عدّة، تشمل نظام إدارة للموظفين، نظام لإدارة الزبائن والخدمات والمتابعة، نظام لإدارة العمليات، أنظمة للبيع والتسويق وغيرها من الخدمات السياحية المتخصصة، كل في هدف تطوير الخدمات بهدف تحسينها لتحقيق أفضل النتائج.
هذا هو الابداع، وهذه هي تجليات العصف الفكري وهذه هي المأسسة الريادية التي ينتهجها ابن بلادي عمري أبو ماضي، هكذا هم خيرة أبناء شعب منن العلماء والمفكرين والمبتكرين والرياديين والنبلاء، فما لنا إلّا أن ندعو لهذا الفريق بالتميز الدائم، آملين أن يصبح هذا المنجز - المأثرة نجمًا لامعاً وقدوة وحافزاً لشبابنا ولعالمنا العربيّ.
اننا في مؤسسة سيدة الأرض والتي أخذت على عاتقها سياسية تثمين الجهود والاضاءة على الخبرات والكفاءات المبدعة، في كافة مجالاتها، نرفع القبعة اليوم احتراماً وتقديراً لصديقنا الرائع عمري أبو ماضي وفريقه الرائع بما حققته من مكانة متميزة، عنوانها الأصالة والابداع ورفع راية فلسطين معانقةً لراية الابداع لتبقى فلسطين دائماً وأبداً سيدة الأرض .
الرئيس التنفيذي لمؤسسة سيدة الأرض