صدر عن منشورات المتوسط ـ إيطاليا كتاب جديد اختارَ وترجم نصوصاً للفيلسوف والناقد الفرنسي الشهير جيل دولوز وحمل عنوان "خارج الفلسفة". وقد قام كلّ من المفكر والكاتب المغربي عبد السلام بنعبد العالي، الذي كان قد ترجم وألف كثيراً عن دولوز، والدكتور في الفلسفة عادل حدجامي، صاحب كتاب (جيل دولوز عن الوجود والاختلاف)، باختيار وترجمة نصوص كتاب "خارج الفلسفة".
على مدى 192 صفحة اختار المترجمان عدداً من الموضوعات المركزية في فلسفة جيل دولوز مثل: صورة الفكر، الفكر المترحل، نيتشه وصورة الفكر (بالطبع)، المعنى واللامعنى، الاختلاف والتكرار، قلب الأفلاطونية، الحركة، الجيوفلسفة، الآيون، المفهوم.
وما قام به المترجمان في هذا الكتاب ليس عملية ترجمة اعتيادية، بقدر ما هو تنقيب بعين حاذقة وخبيرة ومختصة، فجاءت الفصول المختارة من نوع: "ليست الكتابة هي أن تحكي ذكرياتك وأسفارك ومغامراتك العاطفية وأحزانك وأحلامك وأوهامك. أن تبالغ في الواقعية أو التخييل، فالأمر سيّان: في الحالتين كلتيهما، يتعلق الأمر بحكاية بابا-ماما، والبنية الأوديبية التي نُسقطها على الواقع أو التي نستبطنها في الخيال. ففي نهاية المسار سيتعلق الأمر بالبحث عن أب، كما في الحلم، وذلك ضمن مفهوم عن الأدب يحيل إلى الطفولة. أكتب من أجل أبي - أمي. دفعَت المحللة النفسانية مارت روبير هذا المنزع نحو الطفولة، وهذا الإضفاء للتحليل النفسي على الأدب إلى حدّ أنها لم تترك للروائي أيّ اختيار عدا كونه ابناً غير شرعي، أو كونه ابناً عُثر عليه".
مع التركيز بالطبع على الموضوع الأثير لدى دولوز وهو فلسفة نيتشه، وعليه نقرأ على ظهر غلاف الكتاب نص دولوز هذا:
"عندما نفتح نصّاً لنيتشه كيفما اتفق، فتلك واحدة من المرات الأولى التي لن نمرّ فيها عبر الدواخل، سواء أتعلق الأمر بداخل النفس أم داخل الشعور، داخل الماهية أو داخل المفهوم، أعني كل ما شكّل مبدأ الفلسفة على الدوام. ما يحدّد أسلوب الفلسفة التقليدية، هو أن العلاقة مع الخارج فيها لا بدّ وأن تمرّ عبر وساطة وتذوب عن طريق داخل، أو في داخل من الدواخل. أما نيتشه، فإنه، على العكس من ذلك، يقيم الفكر والكتابة في علاقة مباشرة مع الخارج. .. إن النداء نحو الخارج تيمة ثابتة عند فوكو، وهي تعني أن التفكير ليس فقط ممارسة فطرية لملكة من الملَكات، وإنما أمر يحصل للفكر ويداهمه. التفكير لا يتوقف على باطن طاهر يلتقي عنده المرئي والمعبّر عنه، وإنما يتمّ بفعل تدخّل خارجي يحفر البون الفاصل، ويسلّط قوته على الباطن فيخلخله."
جاء الكتاب في 192 صفحة من القطع الوسط
جيل دولوز:
فيلسوف وناقد فرنسي. (1926 - 1995) عاش أغلب حياته في باريس. له العديد من الكتب في الفلسفة وعلم الاجتماع. اهتم بوجه خاص بدراسة تاريخ الفلسفة وتأويل نماذج متعددة منها يعتبرها على غاية من الأهمية مثل فلسفات كانط ونيتشه وبرجسون وسبينوزا. وتمثل فلسفة جيل دولوز إلى جانب فلسفتي دريدا وفوكو تقليدا مستقلا في التفكير المعاصر يريد أن يقطع مع الهيجيلية والماركسية والبنيوية. ألف العديد من الكتب ومنها "نيتشه والفلسفة" (1962)، و"فلسفة كانط النقدية" (1963)، و"البرگسونية" (1966)، و"الاختلاف والمعاودة" (1968)، و"منطق المعنى" (1963). له أيضاً العديد من الدراسات حول الأدب والفن والسينما والتحليل النفسي.
عبد السلام بنعبد العالي:
مفكر وكاتب ومترجم وأستاذ بكلية الآداب في جامعة الرباط بالمغرب. من مؤلفاته: الفلسفة السياسية عند الفارابي، أسس الفكر الفلسفي المعاصر، حوار مع الفكر الفرنسي، لا أملك إلَّا المسافات التي تُبعدني. في الترجمة، ضيافة الغريب، جرح الكائن، القراءة رافعة رأسها. ومن ترجماته: الكتابة والتناسخ لعبد الفتاح كيليطو، أتكلم جميع اللغات لعبد الفتاح كيليطو، درس السيميولوجيا لرولان بارت..
عادل حدجامي:
ولد في المغرب عام 1976، درس الفلسفة في (جامعة محمد الخامس) بالعاصمة المغربية الرباط، وتخرج منها عام 1999، وانصرف إلى الدراسة في الجامعة ذاتها ليتحصل على دبلوم الدراسات العليا المعمقة عام 2001، ومن ثم تحصل بعد عام على دبلوم المدرسة العليا للأساتذة في مكناس، وفي عام 2010- حصل على درجة الدكتوراه من (كلية الآداب والعلوم الإنسانية - جامعة محمد الخامس)، ويعمل حالياً في الكلية ذاتها كأستاذ محاضر. وكتابه (جيل دولوز عن الوجود والاختلاف) هو جزء أطروحة جامعية تحصَّل من خلالها على شهادة الدكتوراه، ورشحها لجائزة الشيخ زايد للكتاب - فرع المؤلِّف الشاب - الأطروحات الجامعية.